تفاعل الجزائريون بحميمية بالغة وشعور فياض مع حدث تاريخي ورمزي، يخص عودة جماجم 24 من المقاومين وقادة المقاومة الوطنية والشعبية كانت في متحف بباريس.
واعتبر كثيرون أن هذا الحدث يمثّل خطوة مهمة باتجاه استعادة الجزائر للذاكرة، وراهن آخرون على أن يكون هذا الحدث نقطة انطلاق نحو مصالحة تاريخية وسياسية، فيما تساءل البعض عن اهتمام الدولة بجماجم الشهداء، فيما يبقى رعايا عالقين في عدة مطارات في العالم.
وكتب الصحافي الجزائري حكيم زموش على صفحته في "فيسبوك"، معتبراً أن هناك حدثين يمكن أن يؤسسا لمرحلة ثقة وتصالح "حدثان بارزان نهاية هذا الأسبوع في الجزائر، إعادة جماجم شهداء من فرنسا وإطلاق سراح مجموعة من المعتقلين عشية الاحتفال بمرور 48 سنة على الاستقلال. في حياة الدول والشعوب أحداث يجب أن تستثمر لتكون همزة وصل بين أبناء البلد الواحد كيف ذلك؟ أولاً: بالنسبة لاستعادة جماجم الشهداء يمكن أن تكون فرصة لإخراج التاريخ من حلبة الصراع السياسي وجعله فوق الجميع، ثانياً: إطلاق سراح المعتقلين فرصة للعودة للحوار، لبناء الثقة بين السلطة والمعارضة ومد جسور تواصل حقيقي وطرح كل المسائل دون حسابات،مسافة الميل تبدأ بخطوة فلنبدأ".
ودعا الصحافي فاروق غدير إلى عدم الخلط بين الحدث الرمزي وبين الموقف من النظام السياسي، وذلك تعليقاً على بعض الكتابات التي اتهمت السلطة باستغلال هذا الحدث "المهم والأهم أن تدفن رفات الشريف بوبغلة والشيخ بوزيان ورفاقهما في الأرض التي ضحوا من أجلها.. البقية تفاصيل هامشية، فمهما كان موقفنا من هذا النظام فلا يجب أن ينسينا فرحة هذا اليوم بعودة هؤلاء الأبطال إلى أحضاننا، وغدوة إن شاء الله دولة مدنية ماشي عسكرية".
وعلّق الكاتب المتخصص في الكتابات التاريخية حكيم مسعودي قائلاً إنّ "إعادة الرفات ودفنه ليس فقط تكريماً للشهداء الأبطال بل إعادة اعتبار لنا نحن أحفادهم الأحياء"، وفي نفس السياق كتب مدير صحيفة "جيجل اليوم" عبد اللطيف بوسنان "إذا أردنا إكرام الشهداء فعلاً.. يجب إقامة دولة الحق على أرضهم.. دولة يفتخر بها كل أبنائها"، وأضاف "الشهداء انتفضوا ضد المستعمر حتى يعيش الشعب الجزائري حرّ لا يستعبده أحد و لا يحقره".
وقارن فيصل هومة منجز استعادة الرفات في السنة الأولى لحكم الرئيس عبد المجيد تبون، بنفس ما قام به الرئيس الراحل هواري بومدين، بعد سنة واحدة من انقلابه على الرئيس أحمد بن بلة "بومدين سنة 1966، سنة بعد انقلابه على بن بلة عاد برفات قالوا عنه للأمير عبد القادر، عبد المجيد تبون سنة بعد توليه رئاسة البلاد يعود برفات جماجم يقولون عنها إنها للمقاومين الجزائريين".
ووجد رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المناسبة فرصة للمقارنة بين اهتمام الدولة وتخصيصها طائرة لاستعادة جماجم موتى، فيما هناك الآلاف من الرعايا العالقين في بعض دول العالم بسبب فيروس كورونا،
وفي السياق كتب حسام قماس "صراع بين الأجيال وبين أولوياتهم، اليوم كل الجزائريين يحتفلون بعودة رفات شهدائنا الأبرار إلى الأرض الطاهرة التي سقوها بدمائهم. ولكن أليست أيضا أولوية للحكومة الحالية استرجاع الآلاف من الجزائريين العالقين في مختلف دول العالم منذ أكثر من ثلاثة أشهر. عائلات مشردة وطلاب هائمون على وجوههم وبعثاتنا الدبلوماسية في سبات لا ترد على رسائل ومكالمات الرعايا الذين يعانون في صمت. كلنا جزائريون".
لكن الأستاذ حاتم غندير يرفض هذا الخلط بن الملفين، وكتب معلقاً على ذلك "الذي يريد إقحام مسألة عودة العالقين (على أهميتها) مع عودة رفات الشهداء.. ويقول بأولوية العالقين على الرفات، إما لعلة في نفسه أو عدم إدراكه لمعنى اللحظة التاريخية.. وفي كلا الحالتين عليه أن يراجع أقرب عيادة نفسية !".