هكذا تخلص النظام المصري من مزاحمة عنان للسيسي على الرئاسة

23 يناير 2018
اتهم النظام المصري عنان بمخالفة القوانين العسكرية(محمد عبد/فرانس برس)
+ الخط -
بدا واضحاً أن حالة من القلق باتت تفرض نفسها بقوة على أروقة النظام المصري، خاصة بعد إعلان الفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق ترشحه للرئاسة في ساعة متأخرة من مساء الجمعة الماضية.

وقبل إعلان عنان بيومين، كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد اتخذ الأربعاء الماضي قراراً مفاجئاً، بإقالة رئيس المخابرات العامة اللواء خالد فوزي، وتكليف مدير مكتبه المعروف بكاتم أسراره ومدير الأذرع الإعلامية اللواء عباس كامل بالقيام بمهام رئيس الجهاز، وسط تسريبات عن أن من بين الأسباب وراء ذلك القرار، وجود أطراف داخل الجهاز كانت تدعم عنان، ومن قبله الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق، الذي أعلن تراجعه عن الترشح للانتخابات تحت ضغوط قوية. 

تبع ذلك ملاحقات أمنية وتضييقات على حملة عنان لمنعه من تجميع التوكيلات الشعبية اللازمة لخوض السباق، والمقدرة بـ 25 ألف توكيل من 15 محافظة وفقا لما ينص عليه الدستور في هذا الشأن، وصلت حد اقتحام منزل مدير مكتب عنان، مصطفى الشال، واختطاف شقيقه ونقله إلى مقر الأمن الوطني في محافظة كفر الشيخ، بحسب ما ذكره الشال نفسه على حسابه في موقع "تويتر" عبر تغريدات متتالية.

وعلى صعيد الإعلام، بدا منذ اللحظة الأولى أن هناك تضاربا كبيرا في التعامل مع عنان، ثم بدأ الموقف يتكشف رويدا، فما كان يبدو تجاهلاً، تحوّل إلى هجوم ممنهج، قبل وصوله إلى أن توجّه برامج "توك شو" أمس المواطنين لإصدار توكيلات شعبية للمرشح المحتمل خالد علي، وسط مهاجمة عنان وربطه بجماعة الإخوان المسلمين.

التطور الأبرز في وسائل النظام الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي لمواجهة قائده السابق في المجلس العسكري سامي عنان، تمثّل في ممارسة الأجهزة الأمنية لعادتها مع الأحزاب السياسية، والتي دأبت عليها طيلة سنوات عصر الرئيس المخلوع حسني مبارك، عندما خرج اليوم أمين سياسات حزب "مصر العروبة" الذي أسسه عنان، رجب هلال حميدة، عبر مؤتمر صحافي دعا إليه وسائل الإعلام في أحد أكبر فنادق القاهرة، ليعلن استقالته وعدد من قيادات الحزب، بعدما شنّ هجوما عنيفا على رئيس الأركان الأسبق، متهما إياه بأن أطرافا إقليمية معادية لمصر ستقوم بتمويل حملته، كما اتهم عنان بأنه تجاهل قيادات الحزب بشأن الإعلان عن الترشح. 

وقال حميدة خلال المؤتمر الذي عقده "عرفتُ بيان ترشح عنان من الإعلام، وأنا أمين عام لجنة السياسات في الحزب، وتحمّلت ذلك، وتواصل معي الإعلام وأوضحت لهم بدقة أنني قد قرأت البيان مثلكم، وتواصلت مع أمين عام الحزب الذي أخبرني أنه فعلا كتب هذا البيان، وتواصل مع الفريق وأعدّه، وهذا الرجل له التقدير والاحترام، إلا أنه عُيّن مؤخرا.. وكأن الفريق عنان أراد أن يعاقب الكل"، متابعا أن "الفريق تحدث معي عبر واتساب ووجدت أنه يستعين

بآخرين من خارج الحزب ويهمّش كل القيادات، واختار حازم حسني وهشام جنينة ليكونا نائبين له رغم أن الدستور لم يبِح هذا الأمر".

وأوضح أن من بين القيادات التي استقالت من الحزب الدكتور عيد قطب، وكيل لجنة الخطة والموازنة السابق بالبرلمان، والمستشار حسين خليل النائب السابق، واللواء عادل الصعيدي، والدكتور أكرم الصغاط، ومحمد فرج أمين الشباب.

من جانبه، قال قيادي بحملة عنان الرئاسية إن "حميدة لا يتأخر أبدا في لعب دوره الذي صنعته من أجله أجهزة الأمن؛ فبعد أن كان أحد أدوات صفوت الشريف أمين عام الحزب الوطني خلال عهد مبارك، لتفجير الأحزاب السياسية، ومهاجمة الشرفاء في مجلس النواب، عاد ليمارس دوره مجددا ولكن لصالح أطراف جديدة".

ولفت المصدر النظر إلى موافقة أحد أكبر فنادق القاهرة وهو سميرأميس على إقامة المؤتمر، على الرغم من أن السياسي البارز محمد أنور السادات ظل نحو 3 أشهر يخاطب الفنادق لعمل مؤتمر انتخابي قبل أن يعلن عن تراجعه عن الترشح للرئاسة، وهو ما يعد دلالة قوية على الجهة التي تقف خلف حميدة.

وأضاف القيادي البارز للحملة أن ما أربك النظام السياسي والرئيس الحالي تحديدا من ترشُّح عنان هو معرفتهم الجيدة لثقله، وتأييد قطاع كبير من قيادات المؤسسة العسكرية له، إضافة للفريق الرئاسي الذي أعلنه ويضم المستشار هشام جنينة والدكتور حازم حسني، المعروفين بسمعتهما الجيدة.

واختتم النظام إجراءاته ببيان القوات المسلحة، الذي أكد أن سامي عنان خالف القوانين العسكرية، بإعلان ترشحه قبل أن يحصل على موافقة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بصفته عسكريا مستدعى، وهو ما يضعه تحت طائلة القانون، في إشارة لاتخاذ إجراءات قانونية ضده، مثلما حدث مع العقيد أحمد قنصوة، الذي سبق أن أعلن عزمه الترشح للرئاسة في وقت سابق، قبل أن يتم إحالته لمحاكمة عسكرية، حصل بمقتضاها على حكم بالسجن لمدة 5 سنوات لمخالفته القوانين العسكرية.

وأخيراً، أعلن محمود رفعت المتحدث باسم حملة عنان في الخارج، قيام السلطات الأمنية باعتقاله.

وقال "رفعت" عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "توتير": يا شعب مصر العظيم تم اعتقال الفريق سامي عنان من جانب السيسي وزمرته".

 

المساهمون