طوال الأشهر الماضية حذرت الأمم المتحدة والجماعات الحقوقية، لا سيما النسوية، من الأثر السلبي للحجر المنزلي، وسياسات الإغلاق، على النساء بالضبط، مع ما في ذلك من زيادة للعنف الأسري بحق النساء. لكنّ للفيروس أثراً كبيراً أيضاً على المستوى البنيوي للحقوق المكتسبة للنساء طوال العقود الماضية. ويشير تقرير لموقع صندوق النقد الدولي إلى تراجع الفرص الاقتصادية للمرأة، وتوسع الفجوة القائمة بين الجنسين دفعة واحدة، بعد تقدم كبير على هذا المستوى طوال ثلاثة عقود.
السرّ في هذا التراجع هو نوعية الأعمال التي تتولاها المرأة عادة، وهي الأعمال التي شهدت الضرر الأكبر على مستوى العالم، بسبب الإغلاق. فالمرأة تعمل غالباً في قطاعات الخدمات البسيطة والسياحة والفنادق والضيافة، وهي قطاعات تعطلت تماماً في كثير من الأحيان، سواء بسبب الإغلاق التام، أو تدابير التباعد الاجتماعي المتخذة. وفي مثال على ذلك، يتبين أنّ 54 في المائة من النساء العاملات في الولايات المتحدة لم يتمكنّ من العمل عن بعد بين إبريل/ نيسان ويونيو/ حزيران الماضيين. ترتفع هذه النسبة إلى 67 في المائة في البرازيل. أما في البلدان الفقيرة، فالضربة موجهة إلى الجنسين على حدّ سواء، إذ إنّ 12 في المائة فقط من العمال والموظفين قادرون على العمل عن بعد.
كذلك، فإنّ الأغلبية الساحقة من البلدان تشهد توظيفاً أكبر بكثير للذكور من الإناث في القطاع العام. مثل هذا الوضع يعني أنّ الإغلاق وإن تمّ فإنّه لا يمنع تقاضي الموظفين هؤلاء رواتبهم من الحكومة المركزية أو الحكومات المحلية، بينما تعمل النساء غالباً في القطاع الخاص، بأجور أقل من دون رقابة رسمية مشددة غالباً، ومن دون رواتب تقاعد وتأمينات صحية واجتماعية، أما الأخطر فهو إمكانية التخلي عنهن بسهولة في أوقات الأزمات، بل إنّ بعض الأنظمة تبيح للشركات، في مثل هذه الأوقات، أن تطرد موظفيها من دون أيّ تعويض، ومن دون إمكانية مقاضاتها. وبالنتيجة، زاد فقر النساء في كولومبيا مثلاً، خلال الجائحة، بنسبة 3.3 في المائة.
نقطة أخيرة ترتبط بحاضر النساء ومستقبلهن، فأزمة من النوع الذي فرضته الجائحة، تجبر كثيراً من الفتيات، لا سيما في البلدان الفقيرة، على التسرب من المدرسة والدخول إلى سوق العمل مبكراً، مع ما في ذلك من خطر راهن عليهن، ومن خطر مستقبلي يرتبط بالزواج المبكر، والإنجاب المبكر، والخطر على الحياة، مع خسارة فرصة الترقي من خلال التعليم، لا سيما الجامعي.