وفي حال الدفع بقوات عراقية إلى تلك المناطق، فإن ذلك سيمكن من مسك الأرض كما كان الحال قبل العاشر من يونيو/ حزيران 2014 قبل اجتياح تنظيم "داعش" مساحات واسعة من البلاد وانسحاب قوات الجيش، لتملأ البشمركة الفراغ وتسيطر على تلك المناطق، ثم تعلن ضمَّها إلى الإقليم ضمن ما أطلق عليه رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البارزاني "حدود الدم".
وبحسب مسؤولين عراقيين، فإن العبادي طالب القيادات العسكرية العراقية بإعداد تقرير شامل عن الوضع في المحور الشمالي العراقي قبل بحث خطة إعادة نشر القوات العراقية الاتحادية في المناطق المتنازع عليها، مؤكدين أن تنظيم "داعش" الإرهابي سيكون عامل تأخير حيث "يتطلب تحرير الحويجة قبل التقدم إلى كركوك وإعادة هيبة الدولة لها".
وكان العبادي قد أعلن في وقت مبكر من صباح اليوم الثلاثاء بأن "فرض الأمر الواقع والاستيلاء على الأراضي لن يستمر، وسنفرض السلطات الاتحادية في الإقليم"، مؤكداً أن "المناطق المتنازع عليها يجب أن تعود إلى السلطة الاتحادية لحين حسمها دستورياً".
وبيّن العبادي أن بغداد اتخذت إجراءات وستصعّد من إجراءاتها لتحميل من قاموا بالاستفتاء المسؤولية وليس المواطنين الكرد، مشيراً إلى أن المسؤولين الذين قرروا الاستفتاء هم أنفسهم من قاموا بإجرائه وهم أنفسهم من أعلنوا نتائجه، وأن تهديد المواطنين في الاستفتاء يتحمل مسؤوليته من قاموا به.
وتظهر ثلاثة خيارات لبغداد في التعامل مع الوضع الحالي وفرض سيطرتها مجدداً على المدن والمناطق، وبحسب مراقبين فإن الخيار أو السيناريو الأول هو دخول الجيش العراقي إلى كركوك والمناطق المتنازع عليها بضغط أميركي غربي على أربيل لترجع قوات البشمركة إلى الحدود التي كانت عليها قبل دخول "داعش" للعراق.
والخيار الثاني هو الاتفاق على إدارة مشتركة لتلك المناطق لحين حسم المادة 140 من الدستور من خلال تنظيم استفتاء فيها يخير سكانها بين البقاء مع بغداد أو الذهاب إلى كردستان، شريطة أن تتم معالجة جميع آثار التغيير الديموغرافي التي أحدثها الأكراد بالسنوات السابقة وإعادة جميع أهل المنطقة إليها بالاعتماد على سجلات النفوس لعام 1999 وهو آخر إحصاء سكاني نفذه العراق.
أما الخيار الثالث الأقل احتمالاً، فهو العسكري. ويمكن أن يحصل بحال رفضت البشمركة السماح للجيش العراقي الدخول لتلك المناطق وتسليم حقول النفط لبغداد، فسيتعيَّن على الحكومة العراقية تنفيذ قرار البرلمان باستخدام القوة، وهو ما سيؤدي إلى دخول مليشيات الحشد على خط الأزمة؛ وبالتالي فهذا يعني دخول إيران في خط مواجهة مع كردستان.
بينما تُطرح على نحو ضيق احتمالية تكرار التجربة اللبنانية (قوات اليونيفيل) من خلال تبنّي الأمم المتحدة للملف ونشر قوات حفظ السلام لحين حسم الملف بالقانون وضمن التفاهمات بين الجانبين.
في الوقت ذاته، أعلنت فصائل مليشيات "الحشد الشعبي"، جاهزيتها للتحرك العسكري نحو كركوك، وقالت مليشيا "النجباء"، في بيان صحافي، إنّ "محافظة كركوك أصبحت محافظة محتلة، ويجب على الحكومة تحريرها من المليشيات الانفصالية قبل فوات الأوان".
وأضافت، أنّنا "جاهزون للتحرك نحو كركوك، وعلى الجميع الاستعداد لذلك"، داعية العبادي، إلى "تحديد بوصلة التحرير نحو حقول النفط ومنع المليشيات الكردية من سرقة ثروات الشعب".
وشدّدت بالقول، إنّ "الحدود التي رسمها البارزاني، لن تكون مهما كلفنا ذلك".
جاء ذلك في وقت بدأت فيه القوات العراقية – التركية يوم أمس، مناورات عسكرية على حدود كردستان العراق، الأمر الذي يؤشر إلى إمكانية اللجوء إلى الخيار العسكري.
وسيطرت قوات البشمركة الكردية على عدد من المناطق المتنازع عليها في عدة محافظات، بعدما استطاعت تحريرها من قبضة "داعش"، بينما أعلن رئيس الإقليم البارزاني عدّة مرات أنّ قواته لن تنسحب من تلك المناطق.