هذه الدلالات السياسية لانتخابات الجماعات اليهودية بالمغرب

كانت لافتة في المغرب، التوجيهات الأخيرة التي أصدرها الملك محمد السادس إلى وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، بشأن تنظيم انتخابات الهيئات واللجان التمثيلية للجماعات اليهودية المغربية، باعتبار أن هذه الانتخابات لم تجر في المغرب منذ عام 1969.

وتضمنت الأوامر الملكية إلى وزارة الداخلية بأن "تعمل مستقبلاً على ضمان احترام تجديد الهيئات التمثيلية للجماعات اليهودية المغربية، بشكل دوري طبقاً لمقتضيات ظهير (قانون ملكي)، يعود إلى السابع من مايو 1945، المتعلق بإعادة تنظيم لجان الجماعات اليهودية.

ويورد قانون 7 ماي 1945 المتعلق بإعادة تنظيم هيئات الجماعات اليهودية، أن اختصاصات هذه اللجان تتمثل في "مساعدة الفقراء، وإن اقتضى الحال تدبير الأوقاف الإسرائيلية"، كما يمكنها "السهر على تدبير الشؤون الدينية، وإبداء آراء في ذلك مؤيدة بأسبابها وتقدير اقتراحات في جميع المسائل التي تهم جماعتها".

وتتشكل هذه الهيئات التمثيلية للجماعات اليهودية المغربية، من الحاخام المفوض المحلي، ومن أعيان يهوديين مغاربة الأصل يتم تعيينهم بعد انتخابات سرية يقع تنظيمها تحت مراقبة الولاة الإداريين المحليين. ويشارك فيها الأعيان الذين يتبرعون بهبات لصندوق اللجنة الخيري، ومدبرو أماكن الصلاة اليهودية بالمغرب. ولا يمكن أن يشارك في هذه الانتخابات إلا اليهود مغاربة الأصل.

ويقرأ الخبير في السياسة الدينية إدريس الكنبوري، هذا القرار الملكي الجديد، ضمن تصريح لـ"العربي الجديد"، بأنه يندرج في إطار الاهتمام الذي يوليه النظام المغربي لشؤون الطائفة اليهودية في البلاد.

وأوضح الكنبوري أن "المعروف تاريخياً كون السلطان في المغرب منذ القدم، هو من يشرف على الأمور العامة التي تخص اليهود باعتبارهم رعاياه مثل المسلمين، من قبيل السكن وتعيين المحاكم اليهودية والنظر في المظالم وغيره".

ولفت المحلل المغربي المتخصص بالشؤون الدينية إلى أنه "منذ دستور 2011، تمّ الاعتراف بالمكون العبري كجزءٍ من الهوية الثقافية المغربية، وهذا يعني مزيداً من الاهتمام بشؤون الطائفة اليهودية، لذلك جاء إعلان إنشاء متحف يهودي في فاس، وقبله ترميم مقابر اليهود".

وبخصوص الدلالات السياسية لهذا القرار، اعتبر الكنبوري أن الدلالة الأولى "تتمثل في أن هناك رسالة تفيد بأن الملك أمير المؤمنين لجميع أتباع الديانات السماوية في المغرب"، مبرزاً أن "العاهل المغربي صرح بهذا المعطى مرات عدة، آخرها في زيارته إلى مدغشقر".

والدلالة السياسية الثانية، وفق المتحدث، تتجسد في قطع الطريق أمام التدخل الخارجي في شؤون اليهود المغاربة من الناحية الدينية، خصوصاً من قبل حاخامات إسرائيل، لأن المغرب يريد استقلالية الطائفة اليهودية المغربية، رغم "وجود ولاء مزدوج لبعضهم"، وفق تعبير الكنبوري.