ورغم هذا النجاح، إلا أنّ نصف النازحين العراقيين لم يعودوا إلى منازلهم حتى الآن، ومن بينها مدن مضى على تحريرها عامان وأكثر دون أن تقدم الحكومة أي تبرير أو تفسير حول السبب، إلا أن أعضاء بالبرلمان العراقي ومصادر حكومية تؤكد أن عدة أسباب حالت دون عودة النازحين، من أبرزها رفض المليشيات إعادتهم لمدنهم التي تسيطر عليها وانعدام الخدمات أو عدم رفع مخلفات داعش من هذه المدن، فضلا عن مخاوف من عودة تنظيم "داعش" مرة أخرى إلى مدنهم.
وكشف مصدر رفيع في الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي لـ"العربي الجديد"، عن أرقام جديدة لأعداد النازحين بالعراق بعد اجتياح "داعش" بلغت خمسة ملايين و600 ألف مواطن، من بينهم نحو 900 ألف نزحوا خارج العراق غالبيتهم العظمى في تركيا والأردن وقسم منهم توجه إلى مصر ولبنان ودول أوروبية مختلفة.
ووفقاً للمسؤول ذاته، فإنّ مليونين و700 ألف نازح فقط عادوا إلى منازلهم في مناطقهم المحررة، أي حوالى نصف النازحين، بينما ما زال الآخرون قابعين في مخيمات ومعسكرات غرب وشمال البلاد في ظروف إنسانية صعبة للغاية، وسجّلت مؤخرا حالات وفاة بين أطفال ونساء بسبب البرد شمال العراق.
وعن الأسباب التي تحول دون عودة النازحين، بيّن أن "المليشيات ترفض إعادة سكان ست بلدات شمال وغرب ووسط العراق إلى منازلهم، من أبرزها مدينة جرف الصخر ويثرب والعويسات وبيجي ومناطق متفرقة بحزام بغداد، وتتخذ من مدنهم مقرات لها، كما أن حالة من عدم المبالاة بخصوص رفع ألغام ومتفجرات "داعش" من مدنهم وتطهيرها ما زالت مستمرة، وتمنع عودتهم في مدن ومحافظات أخرى وهناك مناطق كثيرة سوّيت بالأرض ولا يوجد فيها بناء ولا حتى شجر"، وفقا لقوله.
وأضاف أن انعدام الخدمات وتدمير منازل السكان يحول دون عودتهم والحكومة لا تقدم شيئا والفضل في أي حراك حالي هو لمنظمات دولية لكن تبقى تعمل ضمن إمكانات محدودة".
من جهته، قال رئيس لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان العراقي رعد الدهلكي، إنّ نحو نصف النازحين لم يعودوا لديارهم رغم تحرير أراضيهم".
ويضيف الدهلكي: "لدينا نحو نصف النازحين لم يعد أحد منهم وما زالوا بالخيام والمعسكرات المتباعدة بالصحراء أو داخل كردستان، وهناك أسباب تحول دون عودتهم من بينها الجهات المسلحة التي ترفض عودتهم إلى مدنهم وأسباب أخرى مثل تدمير منازلهم والبنى التحتية والخدمات وانعدام مقومات الحياة بالمدن وأخرى مثل التارات العشائرية والخوف من الوضع الأمني بشكل عام".
وبيّن أن وزارة الهجرة لم تطلق أي أموال أو مساعدات لهم وكذلك وزارة التجارة لديها تقصير في توفير مواد غذائية لهم أسوة بباقي العراقيين.
يأتي ذلك في وقت طالبت فيه قوى عراقية سياسية بتأجيل الانتخابات البرلمانية المقررة منتصف العام المقبل، إذا لم تتم إعادة النازحين من المعسكرات والمخيمات الى مدنهم التي تم تحريرها.
بدوره، قال النائب بالبرلمان العراقي عن المكون المسيحي، جوزيف صليوة، إنّ "عوامل طائفية تمنع عودة أغلب السكان النازحين والمهجرين أيا كانت تسميتهم، ويجب أن نتحدث بصراحة حول هذا الملف الإنساني".
وتابع في حديث لـ"العربي الجديد"، أنهم "يريدون سحقهم جسديا كما سحق داعش قسما منهم، وعمليا لا يوجد شيء ملموس حتى الآن لإعادة الباقين إلى منازلهم، ويتم استخدامهم مع الأسف كمادة دعائية وانتخابية وهم يعانون بخيم وكرفانات لا ترتقي لكرامة الإنسان". مؤكدا أن الحديث عن صرف مساعدات ومبالغ مالية لهم كذب ولا صحة له. وختم بالقول "هناك سلوكيات داعشية واضحة في ملف إعادة النازحين مع كل الأسف".