13 نوفمبر 2024
هذا المحور مع إسرائيل
ثمّة محور جديد في طور التشكل في المنطقة، إنه المحور السني الإسرائيلي، تقوده السعودية وإسرائيل لمواجهة "الهلال الشيعي" الذي بات يطوّق منطقة الشرق الأوسط من الشمال، ممتداً من طهران حتى الضاحية الجنوبية في بيروت، مروراً ببغداد ودمشق.
لم يعد هذا المحور سراً، وما ينقصه هو الإعلان رسمياً عن قيامه، فهو موجود، تؤكد ذلك الزيارات "السرية" إلى إسرائيل التي يقوم بها سعوديون مؤثرون في القرار في بلدهم، كشفت عنها وسائل إعلام دولية. ولا ينفي الجانب الإسرائيلي وجود هذا المحور، فقد سبق لوزير الدفاع الإسرائيلي السابق، موشيه يعلون، أن أعلن قبل سنتين أن حكومة بلاده تراهن على التعاون مع المحور السني في المنطقة، بقيادة السعودية، لمواجهة "المحور الشيعي الراديكالي بقيادة إيران". والمؤكد أيضاً هو أن المحور ليس جديداً، وإنما الجديد خروجه التدريجي إلى العلن، للإفصاح عن نفسه بدون مواربة أو تورية، فهو كان دائماً موجوداً من خلال علاقات سرية وتعاون مخابراتي بين إسرائيل والسعودية، كشفت عن جزء منه قصاصات "ويكيليكس" ووسائل إعلام إسرائيلية.
تقوم عقيدة هذا المحور الجديد القديم على فكرة واحدة هي "مواجهة الخطر الإيراني"، وأعضاء هذا المحور كل الدول التي نجحت السعودية في الضغط عليها، للانخراط في حفلة دق طبول الحرب ضد "الخطر الإيراني"، مستعملة إغراء المساعدات المالية لشراء انضمامها إلى حلفها، أو اللجوء إلى لغة التهديد والوعيد، كما تحاول أن تجرّب ذلك مع قطر ولبنان، أو التدخل العسكري المباشر، كما يحدث منذ سنتين في اليمن.
سعودياً، هذا المحور الجديد تمليه سياسة "الهروب إلى الأمام" من ما يمكن أن نسميها
"ارتداديَّة الفشل" التي تهز السياسة السعودية في المنطقة، منذ غيرت عقيدتها من ضبط النفس والحفاظ على الحياد الإيجابي إلى الهجوم العسكري، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، من اليمن حتى لبنان مروراً بسورية والعراق ومصر وليبيا والبحرين، وأخيراً وليس آخراً قطر. فهذا المحور يأتي للتغطية على الفشل السعودي في "المغامرة السورية"، بعد هزيمة جبهة "الجهاديين السنيين الوهابيين" على إثر القضاء على دولة "داعش" السنية، واندحار "جبهة النصرة" التي لم تكن السعودية وإعلامها يخفيان دعمهما لها.
كما أن هذا المحور يأتي بديلاً عن فشل قيام الحلف العسكري السني الذي سبق لولي العهد السعودي الحالي، محمد بن سلمان، أن أعلن عنه عام 2015، وكان سيضم جيوش 34 دولة سنية، لكنه ولد ميتاً، عندما رفضت دول سنية كبرى، مثل باكستان ومصر وتركيا، أن تضع جيوشها تحت إمرة غرفة عمليات مشتركة مقرّها الرياض.
هذا المحور هو أيضاً محاولة للتغطية على الفشل الذريع للحملة العسكرية السعودية على اليمن، والتي تحولت إلى حرب استنزاف طويلة، أنهكت الميزانية السعودية، وأدخلت جيوشها إلى مستنقعٍ شبيه بالمستنقع الأفغاني في ثمانينات القرن الماضي الذي أدى إلى إغراق الإمبراطورية السوفييتية وتفكيكها.
وبالنسبة لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الساعي إلى تنصيب نفسه ملكاً، فإن من شأن المحور الجديد أن يوفر الحماية لسلطته التي يبدو أنها لا تتمتع بالتأمين الكافي بالقدر المقبول، داخلياً وخارجياً، فهو يدرك أنه إذا نال رضى إسرائيل فسوف يحصل على حماية أميركا، وسيضمن تجنب أي انتقاد محتمل من دول غربية. ومن أجل الوصول إلى خلافة والده، فإن محمد بن سلمان مستعد للتحالف مع الشيطان، ولن يتردد في الإقدام على كل مغامرة يعتقد أنها ستقرّبه أكثر وأسرع من كرسي المُلك.
نحن أمام حالةٍ تنذر بحرب خطيرة في المنطقة، تشبه الظروف التي كانت سائدة في أوروبا
قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، والتي تمثلت في توالي الأزمات (أزمة البلقان آنذاك وأزمة سوريا اليوم)، والصراع حول الحدود، وتزايد الرهانات الجيوستراتيجية، وتنامي النزعات القومية، وصعود تطلعات الأقليات. ولا داعي للتذكير بأن تلك الحرب عند اندلاعها بين دول أوروبية كانت تسمّى "الحرب الأوروبية" قبل أن تتحول إلى حربٍ عالمية مدمرة.
لن يكون قيام مثل هذا المحور إلا في صالح إسرائيل، ومن ورائها أميركا في مواجهة عدوهما اللدود إيران، ولن يكون العرب داخل هذا الحلف سوى حطب الحرب المحتملة التي يمكن أن تندلع في المنطقة في أي وقت، وهم اليوم أكبر وأول ضحايا كل الحروب التي تُخاض فوق أراضيهم، أو يخوضونها بالوكالة من العراق حتى سورية ونزولاً حتى اليمن.
أما أول وأكبر متضرّر من هذا المحور فهي القضية الفلسطينية التي تراجعت، بعد أن كانت أولوية في السياسات الرسمية العربية، ليحل محلها "الخطر الإيراني" الذي توظفه إسرائيل وأميركا، من خلال المبالغة فيه، لتسريع وتيرة التطبيع العربي السني الكامل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وإحلال "السلام العربي الإسرائيلي" على حساب "السلام الفلسطيني الإسرائيلي" الذي لا يمكن أن يتحقق، إلا باستعادة الفلسطينيين حقوقهم التاريخية والمشروعة.
لم يعد هذا المحور سراً، وما ينقصه هو الإعلان رسمياً عن قيامه، فهو موجود، تؤكد ذلك الزيارات "السرية" إلى إسرائيل التي يقوم بها سعوديون مؤثرون في القرار في بلدهم، كشفت عنها وسائل إعلام دولية. ولا ينفي الجانب الإسرائيلي وجود هذا المحور، فقد سبق لوزير الدفاع الإسرائيلي السابق، موشيه يعلون، أن أعلن قبل سنتين أن حكومة بلاده تراهن على التعاون مع المحور السني في المنطقة، بقيادة السعودية، لمواجهة "المحور الشيعي الراديكالي بقيادة إيران". والمؤكد أيضاً هو أن المحور ليس جديداً، وإنما الجديد خروجه التدريجي إلى العلن، للإفصاح عن نفسه بدون مواربة أو تورية، فهو كان دائماً موجوداً من خلال علاقات سرية وتعاون مخابراتي بين إسرائيل والسعودية، كشفت عن جزء منه قصاصات "ويكيليكس" ووسائل إعلام إسرائيلية.
تقوم عقيدة هذا المحور الجديد القديم على فكرة واحدة هي "مواجهة الخطر الإيراني"، وأعضاء هذا المحور كل الدول التي نجحت السعودية في الضغط عليها، للانخراط في حفلة دق طبول الحرب ضد "الخطر الإيراني"، مستعملة إغراء المساعدات المالية لشراء انضمامها إلى حلفها، أو اللجوء إلى لغة التهديد والوعيد، كما تحاول أن تجرّب ذلك مع قطر ولبنان، أو التدخل العسكري المباشر، كما يحدث منذ سنتين في اليمن.
سعودياً، هذا المحور الجديد تمليه سياسة "الهروب إلى الأمام" من ما يمكن أن نسميها
كما أن هذا المحور يأتي بديلاً عن فشل قيام الحلف العسكري السني الذي سبق لولي العهد السعودي الحالي، محمد بن سلمان، أن أعلن عنه عام 2015، وكان سيضم جيوش 34 دولة سنية، لكنه ولد ميتاً، عندما رفضت دول سنية كبرى، مثل باكستان ومصر وتركيا، أن تضع جيوشها تحت إمرة غرفة عمليات مشتركة مقرّها الرياض.
هذا المحور هو أيضاً محاولة للتغطية على الفشل الذريع للحملة العسكرية السعودية على اليمن، والتي تحولت إلى حرب استنزاف طويلة، أنهكت الميزانية السعودية، وأدخلت جيوشها إلى مستنقعٍ شبيه بالمستنقع الأفغاني في ثمانينات القرن الماضي الذي أدى إلى إغراق الإمبراطورية السوفييتية وتفكيكها.
وبالنسبة لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الساعي إلى تنصيب نفسه ملكاً، فإن من شأن المحور الجديد أن يوفر الحماية لسلطته التي يبدو أنها لا تتمتع بالتأمين الكافي بالقدر المقبول، داخلياً وخارجياً، فهو يدرك أنه إذا نال رضى إسرائيل فسوف يحصل على حماية أميركا، وسيضمن تجنب أي انتقاد محتمل من دول غربية. ومن أجل الوصول إلى خلافة والده، فإن محمد بن سلمان مستعد للتحالف مع الشيطان، ولن يتردد في الإقدام على كل مغامرة يعتقد أنها ستقرّبه أكثر وأسرع من كرسي المُلك.
نحن أمام حالةٍ تنذر بحرب خطيرة في المنطقة، تشبه الظروف التي كانت سائدة في أوروبا
لن يكون قيام مثل هذا المحور إلا في صالح إسرائيل، ومن ورائها أميركا في مواجهة عدوهما اللدود إيران، ولن يكون العرب داخل هذا الحلف سوى حطب الحرب المحتملة التي يمكن أن تندلع في المنطقة في أي وقت، وهم اليوم أكبر وأول ضحايا كل الحروب التي تُخاض فوق أراضيهم، أو يخوضونها بالوكالة من العراق حتى سورية ونزولاً حتى اليمن.
أما أول وأكبر متضرّر من هذا المحور فهي القضية الفلسطينية التي تراجعت، بعد أن كانت أولوية في السياسات الرسمية العربية، ليحل محلها "الخطر الإيراني" الذي توظفه إسرائيل وأميركا، من خلال المبالغة فيه، لتسريع وتيرة التطبيع العربي السني الكامل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وإحلال "السلام العربي الإسرائيلي" على حساب "السلام الفلسطيني الإسرائيلي" الذي لا يمكن أن يتحقق، إلا باستعادة الفلسطينيين حقوقهم التاريخية والمشروعة.