هدوء حذر في إدلب... والشارع المعارض يطالب بحل "هيئة تحرير الشام"

أمين العاصي

avata
أمين العاصي
03 سبتمبر 2019
7AD503C4-AF9C-4F95-9BDC-F6432B1ECED0
+ الخط -


لا يزال الهدوء الحذر يسيطر على الشمال الغربي من سورية، مع دخول وقف إطلاق النار الجديد يومه الثالث على التوالي، وسط خروقات محدودة من قبل قوات النظام التي تقصف بالمدفعية بلدات في ريف إدلب، الذي بدأت ترتفع فيه الأصوات المطالبة بحل "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) لسحب الذريعة الروسية الجاهزة للفتك بالمدنيين، في ظل حديث عن مساعٍ تركية جدية لتفكيك "الهيئة" سلمياً خلال الأيام القليلة المقبلة، تفادياً لحملة عسكرية أخرى على محافظة إدلب ومحيطها.

وحذر المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، أمس الإثنين، من انهيار اتفاق سوتشي بشأن خفض التصعيد في إدلب إذا واصل النظام هجماته. وقال إن "قمة ثلاثية حول سورية ستعقد بين زعماء تركيا وروسيا وإيران في أنقرة في 16 سبتمبر/ أيلول الحالي"، معرباً عن تطلع بلاده "لتطبيق اتفاق إدلب المبرم العام الماضي حرفياً، وهذه هي الرسالة التي أبلغها رئيسنا (رجب طيب أردوغان) إلى (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، لأن إدلب باعتبارها إحدى مناطق خفض التصعيد، منطقة ذات حدود معينة، ينبغي تحقيق الأمن فيها، بضمانة تركيا وروسيا". وشدد على "ضرورة وقف النظام فوراً هجماته التي يقوم بها للسيطرة على مزيد من الأراضي، بحجة وجود عناصر إرهابية". وحذر من أنه "لا مفر من وقوع مأساة إنسانية في إدلب حال مواصلة هجمات النظام، وأن اتفاق إدلب سيكون عرضة للانهيار، الأمر الذي لا ترغب به تركيا". وأعرب عن "تطلع تركيا لتوجيه روسيا وإيران الإيعاز اللازم للنظام السوري".

وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان باستمرار الهدوء الحذر والنسبي في شمال غربي سورية، الذي يمتد من جبال اللاذقية الشمالية الشرقية وصولاً إلى الضواحي الشمالية الغربية لمدينة حلب مروراً بريفي حماة وإدلب، مشيراً إلى استمرار غياب طائرات النظام و"الضامن" الروسي عن المنطقة منذ صباح السبت الماضي. وأشار إلى أن قوات النظام تواصل إطلاق القذائف بشكل متقطع، إذ استهدفت، بعد منتصف ليل الأحد – الإثنين، محاور التمانعة وحيش وحاس وكفرسجنة والركايا ومعرة حرمة في القطاع الجنوبي من الريف الإدلبي. وأكد رصده تحليق عدة طائرات استطلاع في أجواء ريف حلب الجنوبي والغربي الموازية لطريق دمشق – حلب الدولي، والمنطقة الحدودية في ريف إدلب.

وأكدت مصادر محلية، أمس الإثنين، أن قوات النظام السوري خرقت وقف إطلاق النار، الذي أعلنت عنه مع روسيا السبت الماضي من جانب واحد، حيث استهدفت براجمات الصواريخ، منتصف ليل الأحد - الإثنين، بلدة معرة حرمة في الريف الجنوبي لإدلب، بالإضافة إلى مدينتي بداما وكفرنبل. كما تعرضت بلدة ركايا لقصف بقذائف الهاون، صباح الإثنين، وسط استمرار تحليق طيران الاستطلاع في أجواء المحافظة. وأكدت المصادر أن المعسكر المشترك لقوات النظام وروسيا، الذي أنشئ أخيراً في تلة النمر الواقعة على الطريق الدولي حلب - دمشق، شمال مدينة خان شيخون، يواصل قصف مدن وبلدات وقرى الريف الجنوبي لمحافظة إدلب، بالراجمات والصواريخ وقذائف المدفعية الثقيلة.



إلى ذلك، قالت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إن جنوداً من الجيش التركي، برفقة عدد من عناصر فصائل المعارضة، أقاموا، الأحد الماضي، حاجزاً بالقرب من مفرق بلدة برقوم بريف حلب الجنوبي على طريق حلب دمشق الدولي المعروف بطريق "إم 5". وأشارت المصادر إلى أن "حاجز الجيش التركي يبعد 200 متر عن حاجز هيئة تحرير الشام الواقع على الطريق الدولي"، موضحة أن جنود الجيش التركي بدأوا باستطلاع الطريق تزامناً مع تشديد أمني في محيط المنطقة. وكان الجيش التركي قد أقام، الأسبوع الماضي، حاجزاً على طريق حلب ــ اللاذقية بالقرب من مدينة أريحا بريف إدلب الجنوبي. واستئناف حركة الترانزيت عبر الطريقين "إم 4" (حلب - اللاذقية) و"إم 5" (حلب - حماة) من أبرز المطالب الروسية من أجل استمرار وقف إطلاق النار في شمال غربي سورية، بالإضافة إلى مطلب حل "هيئة تحرير الشام"، وهو ما بات حديث الساعة في الشارع السوري المعارض. ويبدو أن موسكو منحت أنقرة فرصة جديدة للعمل على تفكيك "الهيئة" سلمياً وبـ"هدوء"، وفق مصادر في المعارضة السورية المسلحة التي تستعد لجولة قتال جديدة في حال تعنت قادة "الهيئة" ورفضهم الانصياع لرغبة الشارع السوري المعارض لسحب الذريعة الروسية في اقتحام الشمال الغربي من سورية برمته، وارتكاب مجازر وتشريد الملايين الرافضين العودة إلى حكم نظام بشار الأسد.

وبدأت ترتفع الأصوات في محافظة إدلب المطالبة بحل "هيئة تحرير الشام"، خصوصاً أن الجانب الروسي اشترط هذا الأمر للحيلولة دون عودة الأعمال القتالية إلى محافظة إدلب ومحيطها، والتي تضم نحو 4 ملايين مدني. وشهدت مدينة سراقب في ريف إدلب، مساء الأحد الماضي، تظاهرة حاشدة طالب المشاركون فيها بتفكيك "الهيئة"، التي تسيطر على القسم الأكبر من المحافظة، وتفرض قوانين متشددة. وندد المتظاهرون بزعيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني، ما شكّل تطوراً كبيراً في الموقف الشعبي، الذي كان يخشى بطش "الهيئة"، التي فقدت جل رصيدها الشعبي، خصوصاً عقب تراجع مقاتليها في ريفي حماة وإدلب، في الحملة العسكرية التي شنتها قوات النظام تحت غطاء ناري روسي. كما أن "الهيئة" حالت دون دخول أغلب فصائل المعارضة السورية إلى محافظة إدلب من ريف حلب الشمالي لقتال قوات النظام، وهو ما زاد من احتقان الشارع المعارض ضدها.

ومن المتوقع أن تشهد الأيام القليلة المقبلة تطورات على صعيد حسم مصير "هيئة تحرير الشام"، بعد سنوات من ظهورها في المشهد الثوري السوري، حيث كانت الذريعة للنظام وداعميه الروس والإيرانيين لقتل وتشريد عدد كبير من المدنيين. ولم يصدر أي بيان أو تصريح رسمي من قيادة "الهيئة" لحسم الجدل القائم حيال مصيرها، لكن من الواضح أن الخيارات أمامها باتت محددة، فإما المبادرة بالحل وضم مقاتليها السوريين إلى فصائل المعارضة وإيجاد حل للقادمين من خارج البلاد، أو مواجهة السيناريوهات الصعبة.

وفي السياق ذاته، زعمت صحيفة "الوطن"، التابعة للنظام، أن استهداف الطائرات الأميركية لموقع عسكري لقيادة تنظيم "أنصار التوحيد" المتشدد في مزارع بروما، الواقعة بين بلدتي كفريا ومعرتمصرين، شمال إدلب، السبت الماضي، جاء طبقاً للإحداثيات التي قدمها الجولاني إلى التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن. وزعمت الصحيفة أن الجولاني "قدم إلى الولايات المتحدة إحداثيات مقر إحدى المليشيات الموالية له أثناء اجتماع لقادتها كانت اتخذت قراراً بالانفكاك عن النصرة، استجابة لضغوط مارستها عليها تركيا، برغبة روسية، وكانت على وشك ارتياد الطريق العام القريب من المقر باتجاه تركيا لإعلان الطلاق مع الفرع السوري لتنظيم القاعدة، قبل أن يدكها الطيران الأميركي ويبيدها عن بكرة أبيها". وقالت الصحيفة إن "تركيا تتبع حالياً خيار الحل اللين لتفكيك النصرة، من خلال فك ارتباط الموالين لها عنها، بدل اتباع أسلوب الصدام المباشر معها، نظراً لمخاطره على الأمن القومي التركي"، مشيرة إلى أن "تدخل واشنطن على خط الأزمة، عبر ضرب أهداف عسكرية في إدلب، إثر وقف إطلاق النار وبعد اجتماع الرئيسين الروسي والتركي في موسكو، الثلاثاء الماضي، هدف لخلط الأوراق وعرقلة التسوية والمرامي التركية للحلحلة في آخر منطقة لخفض التصعيد".

وبعد ساعات من انتقاد وزارة الدفاع الروسية للغارة الأميركية، وصفت وزارة الخارجية الروسية، في بيان أمس الإثنين، "ضربات الولايات المتحدة في إدلب بأنها غير منطقية ومتناقضة وتثير القلق، وأنها تثير التساؤل حول مدى اعتبار الأهداف الإرهابية الأميركية أكثر شرعية من الأهداف الإرهابية التي دمرتها قوات الحكومة السورية بدعم من الطيران الروسي". وأضافت "في هذا الصدد، نجد أنه من المبرر التعويل على قيام العاملين في المجال الإنساني بالأمم المتحدة بالأخذ في اعتبارهم عواقب العملية الأميركية في إدلب عند إعداد تقاريرهم، وإبلاغ أعضاء مجلس الأمن على الفور بعواقبها على المدنيين والبنية التحتية المدنية".

ذات صلة

الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.
الصورة
البعثة الأميركية في إدلب، سبتمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

تواصل البعثة الأميركية في إدلب عملها، من خلال إجراء عمليات طبية جراحية نوعية يشرف عليها 25 طبيباً وطبيبة دخلوا مناطق سيطرة المعارضة، شمال غربي سورية...
الصورة
النازح السوري محمد معرزيتان، سبتمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

يُواجه النازح السوري محمد معرزيتان مرض التقزّم وويلات النزوح وضيق الحال، ويقف عاجزاً عن تأمين الضروريات لأسرته التي تعيش داخل مخيم عشوائي قرب قرية حربنوش
الصورة
احتجاج ضد مقتل الطفلة نارين غوران في تركيا، 9 سبتمر 2024 (فرانس برس)

مجتمع

لم تلق جريمة قتل بتركيا، ما لقيه مقتل واختفاء جثة الطفلة، نارين غوران (8 سنوات) بعدما أثارت قضيتها تعاطفاً كبيراً في تركيا واهتماماً شخصياً من الرئيس التركي