هجوم "داعش" الدامي يحيي مشاريع عسكرة السويداء

27 يوليو 2018
عانت السويداء من اعتداءات متفرقة (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

شيّع عشرات الآلاف من أهالي محافظة السويداء السورية، صباح أمس الخميس، أكثر من 220 ضحية، سقطوا جراء هجوم تنظيم "داعش" على مدينة السويداء وقرى عدة بالريف الشرقي والريف الشمالي الشرقي، يوم الأربعاء الماضي، في ظل دعوات للتسلح والقضاء على التنظيم، إضافة إلى تحميل النظام مسؤولية المجزرة التي ارتكبت بحق أبناء المحافظة.

في هذا السياق، ذكرت مصادر محلية من السويداء، لـ"العربي الجديد"، أن "الكثير من مدن وقرى السويداء شيعت قتلاها بمشاركة شعبية كبيرة، إضافة إلى قدوم وفود من لبنان ومن الموحدين الدروز المقيمين في دمشق وريفها، على وقع أهازيج حماسية ألهبت مشاعر المشاركين". وبيّنت أن "محافل التشييع، خصوصاً في مدينة السويداء، حمّلت مسؤولية ما حدث يوم الأربعاء إلى النظام، وأكدت على أن هناك تقصيراً من القوات النظامية والأجهزة الأمنية، التي كانت تتولى حفظ أمن المحافظة. كما تعالت الدعوة إلى التسلح من قبل كل شخص قادر على حمل السلاح، وشراء الأسلحة للدفاع عن الجبل وأهل الجبل".

ورأت المصادر أنه "من المرجح أن تشهد الأيام القليلة المقبلة تفاعلات ما حدث يوم الأربعاء الأسود، خصوصاً أن هناك عدداً من المخطوفين من النساء والأطفال، إضافة إلى وجود خطر أن تواجه المحافظة هجمات مماثلة".

ورأى مراقبون أن "العديد من أطراف الصراع في سورية لهم مصالح في عسكرة أبناء محافظة السويداء، لأن معظم أبناء المحافظة نأوا بأنفسهم عن القتال الدائر في سورية منذ أكثر من ست سنوات، إذ إن هناك أكثر من 40 ألف شاب ممتنع عن الخدمة العسكرية، ولم تستطع أي جهة جذبهم للقتال إلى جانبها طوال السنوات الماضية، من الأميركيين الذين تواصلوا مع العديد من الجهات المعارضة في المحافظة لتشكيل فصائل وتدريبها في الأردن لكنهم لم يجدوا أي تجاوب، إلى الإيرانيين الذين سبق أن طرحوا تشكيل مليشيا خاصة بأبناء السويداء. كما كرر الروس العرض منذ نحو عام عبر طرح تشكيل لواء خاص بأبناء المحافظة يتبع للفيلق الخامس اقتحام، مع دفع رواتب 200 دولار للمقاتل وضمان صحي واجتماعي، لكن لم يكن حظهم أوفر ممن سبقهم".



وكشف مصدر من الناشطين السياسيين في محافظة السويداء، لـ"العربي الجديد"، أن "الروس يبدون الإصرار على استثمار شبان السويداء في الجانب العسكري. ويبدو أن الروس لم يتراجعوا عن رغبتهم بعسكرة السويداء تحت جناحها، وقد أرسلوا قبل أيام ضابطاً رفيع المستوى عرّف عن نفسه بأنه مبعوث الحكومة الروسية في موسكو وأنه مكلف بمحاربة الإرهاب في سورية، ليلتقي مشايخ عقل الموحدين الدروز، ويسألهم مطالبهم لتسوية وضع أكثر من 40 ألف شاب ممتنع عن الخدمة العسكرية وتسوية أوضاع مليشيا رجال الكرامة، عبر تسليمهم السلاح المتوسط وانضمام من يرغب للفيلق الخامس. لكنه يبدو أن ما وجه له من أسباب دفعت الشبان إلى الامتناع عن الخدمة، وإصرار أن تكون خدمة الشبان داخل المحافظة حصراً، إضافة إلى طلبات عدة أخرى، كشف بشكل جلي أن أهالي السويداء غير راغبين بالتسلح والانخراط بالمشهد العسكري، في وقت يعمل الروس بكل جهدهم على إعادة ترميم الجيش السوري الذي خسر غالبية عديده بسبب الانشقاقات والموت والإصابة، ما فرض وجود المليشيات الإيرانية مع المليشيات العراقية وحزب الله اللبناني كأمر واقع نتيجة الحاجة إلى مقاتلين على الأرض، التي يبدو أن الروس يعملون على تفكيكها والحد من صلاحياتها".

وكانت وزارة الخارجية الروسية قد دانت الهجمات الإرهابية في محافظة السويداء، قائلة في بيان لها: "ندين مثل هذه الأعمال الوحشية بأشد العبارات، ونعرب عن مواساتنا لذوي القتلى ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى". وأشار البيان إلى أن "نجاحات القوات الحكومية السورية، المدعومة من القوات الجوية الروسية، في تحرير أراضي البلاد من داعش وجبهة النصرة وتنظيمات إرهابية أخرى، تشعر الإرهابيين بحتمية هزيمتهم، ما يدفعهم للجوء إلى العنف ضد المدنيين".

كما لوحظت مشاركة الوزير اللبناني السابق وئام وهاب، أحد أبناء طائفة الموحدين الدروز في لبنان وأبرز حلفاء حزب الله اللبناني، في التشييع الذي تم في مدينة السويداء، والذي أكد في كلمة أمام المشيعين، أنه "على استعداده لدعم أبناء السويداء في الدفاع عنها بحسب الإمكانيات المتاحة، في حال تم تنظيم الصفوف"، تجاوباً مع ارتفاع المطالبة بتسليح أبناء المحافظة لمحاربة "داعش". وهاب كانت له تجربة سابقة في تشكيل مليشيا سابقة تحت اسم "سرايا التوحيد" بدعم إيراني. كما لم يغب حزب الله عن المشهد، فأصدر بياناً دان فيه "الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت محافظة السويداء ومرتكبيها ومن يقف خلفها والفكر التكفيري الذي تتبنّاه المجموعات الإرهابية". واعتبر الحزب أن "هذه الجريمة تأتي في أعقاب الانتصارات الباهرة التي حققها الجيش العربي السوري وحلفاؤه في الآونة الأخيرة، خصوصاً في الجنوب السوري وعودته إلى كنف الدولة والشرعية والأمان".



وحمّل التحالف الدولي المسؤولية داعماً رواية النظام، قائلاً إن "قدوم العصابات الإرهابية التي نفذت الاعتداءات بكل أسلحتها ومعداتها من منطقة التنف، ومن أمام أعين قوات الاحتلال الأميركي التي تتواجد هناك وبتسهيلات واضحة منها، هو مؤشر خطير على اشتراك هذه القوات ودعمها لهذه الجريمة الإرهابية ضد سورية وشعبها ووحدتها وضد الأبرياء والمدنيين، وهو ما يؤكد بشكل واضح أن القوى الإقليمية والدولية لا تزال تواصل استخدام هذه العصابات المجرمة في تحقيق أغراضها الخبيثة وأهدافها العدوانية".

كما لم يغب "مجلس سورية الديمقراطية" و"قوات سورية الديمقراطية - قسد" المدعومة من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش"، عما حدث في السويداء، فصدر بيان إدانة لما حدث في السويداء مبدياً استعداد قسد للمساهمة في محاربة "داعش" بالسويداء، قائلاً "مرة أخرى نعزي شعب السويداء الذين اختاروا الخط المجتمعي الثالث كما أهلهم في شمال شرقي سورية بمختلف تكويناته، ونعزي أنفسنا وعموم شعب سورية ونسأل الشفاء العاجل لجرحى الهجوم الإرهابي على السويداء، ونؤكد مرة أخرى بأن خلاص الأزمة السورية وتحقيق الأمن والاستقرار فيها يوجب علينا جميعاً من دون استثناء العمل بما يلزم لتهيئة مستدامة لظروف الحل على أساس مساره السياسي حتى تحقيق نظام سياسي ديمقراطي في سورية لا مركزية تعددية".

وأضاف أن "مجزرة السويداء تؤكد حقيقة أن داعش لا يزال موجوداً بالرغم من الضربات القاصمة التي وجهتها إليه قوات سورية الديمقراطية في شمال سورية وشرقي الفرات، مدعومة من التحالف الدولي العربي بقيادة الولايات المتحدة. والأخطر في هذا الوجود هي الأسباب التي تتركز عليها عموم التنظيمات الإرهابية والحاضنة التي تتبناها والفكر التكفيري الذي يسيّرها؛ لذا فإن مجلس سورية الديمقراطية وقواته على كامل الاستعداء للقيام بواجبها لرد التهديد الذي يتعرض له أهلنا في السويداء والتعامل مع ذلك كحالة وطنية تستهدف التكاتف والتعاضد، واعتبار إنهاء الإرهاب في أي شبر من الجغرافية السورية من حالات المنجز الوطني المحض وفي الوقت نفسه المهيئ لأجواء الحل".


المساهمون