نوفمبر رين: موسيقى التسعينيات لا تشيخ

20 اغسطس 2018
بزغ نجم الفرقة عام 1987 إبّان إصدارها الأول (Getty)
+ الخط -
نهاية عام 2014، كسرت أغنية Gangnam Style نظام العدّ المعتمد "32 بت" في موقع يوتيوب، بعدما تجاوزت مشاهداتها العدد 2.147.483.647، وانتقل الموقع إلى نظام العدّ 64 بت، ما يتيح الوصول لحدٍّ أعلى جديد؛ رقم يصعب تخيّله أو حتى نطقه 9.223.372.036.854.775.808! على أنّه سقف منطقي بالنظر إلى حادثة مثل مقطع فيديو "كاتي تزرع الزهور" الذي تفوق مشاهداته 14 مليونا؛ إذْ حصد 10 ملايين مشاهدة منها خلال يومين فقط من رفعه. 

نادي المليار
التحقت أغنية November rain لفرقة الروك Guns n Roses بركب الفيديوهات التي تتجاوز مشاهداتها المليار في منتصف يوليو/ تموز. هذا الأمر الذي لم يعد طارئاً أو حديثاً عالمياً، فـ"ديسباسيتو" الشهيرة تجلس على عرش اليوتيوب بحوالي 5.2 مليارات مشاهدة. ويضمّ نادي المليار 100 مقطعٍ، تنتمي كلّها لنمط البوب وتمتاز بحداثة إصدارها عبر السنوات الأخيرة باستثناء الوافد الجديد. صدرت "نوفمبر رين" عام 1992 وبذلك تمتاز عن الـ99 أغنية المجاورة لها بعدد المشاهدات؛ فهي الوحيدة التي تنتمي لمرحلة ما قبل اليوتيوب، وهي كذلك منتجةٌ في الألفية المنصرمة علاوةً على كونها من نمط الروك وليس البوب. تختلف تفسيرات الصعود السريع للأغنية، فهي قد وصلت لمعدّل تصفّح يومي يقدّر بـ560 ألف مشاهدة عام 2017؛ 82% من هؤلاء يقيمون في المكسيك والبرازيل والأرجنتين. فمن جهةٍ، حدثت إعادة لمّ شمل للفرقة منذ عامين، كما يمكن أن يُقرأ هذا الحدث بارتباطه بموجة الحنين للتسعينيات ذائعة الصيت. لا شكّ أن هذا الإنجاز يحمل في طيّاته عديداً من الظواهر للدراسة، تحققت جميعها في لحظة انقلاب العدّاد إلى سبع منازل؛ فالفيديو يمتدّ لأكثر من 9 دقائق، وهو ما يخالف المعهود للفيديوهات ذات المشاهدة الكثيفة. ويؤكّد على حقيقة أن معظم التسجيلات الموسيقية التي تنتمي لفترةٍ مضت تكتنز طاقتها الكامنة بانتظار محفّز يعيدها للواجهة.



بزغ نجم الفرقة عام 1987 إبّان إصدارها الأول Appetite for Destruction، وتوالت نجاحاتها، ما دفع كثيرين لمقارنتها ببدايات فرقة "ذا رولينج ستونز" البريطانية. عُرفت الفرقة بنمطها الصاخب الذي ترافق في عدّة حفلاتٍ لها بحالات شغبٍ خلّفت خسائر ماديّة وبشريّة؛ أشهرها حصل عام 1992 أثناء جولة الفرقة المشتركة مع فرقة Metallica، إذ أُصيب جايمس هيتفيلد، مغني "ميتاليكا" الرئيسي، بحروقٍ بالغة نتيجة خلل تقني أثناء العرض، فتعطلت فقرة ميتاليكا ولتخرج الأمور عن السيطرة كليّاً بعد رفض أكسل روز، مغنّي الـGuns n Roses، الاستمرار بالحفل، ما أدّى لهيجان الجماهير وحالة هيستيريا تُصنَّف من الأسوأ في تاريخ الروك من ناحية الحجم والأضرار. مرّت الفرقة بمرحلة ضبابية بعد ذلك، وراهن كثيرون على زوال إرثها. وجاء انفصال عازفي الغيتار الكهربائي والإيقاعي عن الفرقة عام 1996 كمؤشر واضح على انتهاء عهدها الذهبي الذي لم يطل كثيراً.


أعلن روز عن عودة الفرقة بطاقمها الأساسي عام 2016 ضمن جولة "ليس في هذه الحياة"؛ اقتباساً من كلماته التي أجاب بها عام 2012 لدى سؤاله عن إمكانية حدوث لم الشمل. هذه الجولة التي شملت أكثر من 20 مدينة تحتلّ المركز الرابع حالياً كأكثر الجولات من ناحية الإيرادات في التاريخ بما بقارب نصف مليار دولار، ودونما شكّ، فقد رفعت من شعبية الفرقة بشكل جارف في الدول اللاتينية التي مرّت بها. هذا الأثر يتضح بالقفزات التي حققتها مشاهدات أغنيات الفرقة.



أخرج آندي مورهان الفيديو كليب الذي تنوّع بين مشاهد زفافٍ في كنيسة ولقطات من حفلة تؤديها الفرقة إلى جانب أوركسترا. حينها، كان الفيديو هو الأكثر كلفةً في التاريخ بواقع يتجاوز 1.5 مليون دولار. وتنوّعت بين الأزياء الباهظة وتصوير عازف الغيتار الكهربائي، سلاش، من مروحيّةٍ أمام كنيسة في نيو مكسيكو. نال الفيديو جائزة MTV لأفضل سينماتوغراف في فيديو كليب، ويُعدّ بداية لثلاثية تجمعها الأزياء والجو العام لأغنيتي "دونت كراي" و"إيسترانجيد"، وتجب الإشارة إلى أن مشاهدات اليوتيوب تشهد ارتفاعاً موسمياً لتصفّح الأغنية في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني بشكلٍ اعتيادي؛ قبل القفزة الكبرى خلال العامين الأخيرين.



تتسيّد أغنية "Sweet Child o’ Mine" ترتيب أغاني عقد الثمانينيات على يوتيوب بأكثر من 700 مليون مشاهدة، وبهذا تكون الريادة للـGuns ضمن عقدين مختلفين. وبين الأغنيتين تحضر بعض أعمال القرن الماضي، التسعينيات تحديداً، التي تستند لحالة النوستالجيا حيناً أو المتأثرة بوفاة نجم شهير حيناً آخر. كما هو الحال مع "سميلز لايك تيين سبيريت" لفرقة "نيرفانا" التي انتحر مغنّيها الرئيسي، كيرت كوبين، عام 1994، و"زومبي" لفرقة "ذا كرانبيريز" التي قضت مغنيتها الرئيسية، ديلوريس أوريوردان، مطلع هذا العام، بواقع 738 مليونا، و749 مليونا على الترتيب.
هذه الحال تبشِّر بأنَّ الرواج وحالة التريند لم تعد حكراً على ما يصدر الآن؛ إذا غضضنا الطرف عن مقاطع الحيوانات الأليفة والأطفال المرحين.



المساهمون