نور مشتهى... سفر في الطبيعة باستخدام الريشة

20 فبراير 2018
تعلمت تفاصيل إضافية في هذا الفن(عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
لم تستسلم الطالبة "المشاغبة" نور مشتهى لتوبيخ معلماتها ومديرة المدرسة على عادتها في الرسم على طاولات الفصل، إذ كانت تعود مجدداً لرسم المزيد من المشاهد، دون اكتراث لـ "البهدلة" التي ستلحق بها، وتسرح في خيالها حين تبدأ بالرسم، وتنسى كل ما حولها. ذلك الشغف الكبير لدى الطفلة نور، تحول فيما بعد إلى "أسلوب حياة" استمر معها منذ طفولتها، حتى كَبرت وأصبحت فنانة، تحترف الرسم على "كل شيء"، وتعتبر أن الرسم سبيلها للخروج من ضيق الحالة النفسية السيئة، والأوضاع الصعبة، إلى رحب الحياة، وجمالها.

"رسم الطبيعة" كان أسلوب الفنانة، ومشتهى للتعبير عن ذاتها، وآمالها بزيارة بعض الأماكن حول العالم، إلى جانب حبها في التميز عن باقي زملاء المهنة، إذ تعبر عبر اللوحة إلى عالم خاص، بزي خاص، يهيئ لها أنها تعيش الحالة، بألوانها وصخبها وهدوئها وتفاصيلها.

ويعتبر فن رسم الطبيعة، أو ما يعرف بـ "فن التصوير الطبيعي"، مجالاً فنياً يتم من خلاله رسم مشاهد طبيعية، كالأنهار والأشجار والأدوية والزهور، وتظهر في هذه الأعمال السماء بشكل دائم، إذ يكون موضوعه الأساسي عرض مشهد طبيعي، تتوافق العناصر في إنشائه.

يعود رسم الطبيعة إلى تاريخ الفنون الغربية والصينية التي ترجع لما يزيد عن ألف سنة، ويستخدم للتعبير عن الروحانيات في الطبيعة، وقد اعتاد الفنانون المثقفون على رسم المشاهد الخيالية، بينما فنانو القصور رسمواً صوراً طبيعية بما فيها الأبنية والمدن والمشاهد الطبيعية.

تتقمص الفنانة الفلسطينية نور مشتهى 25 عاماً من مدينة غزة ملامح شخصية المكان الذي ترغب بزيارته. إذ قامت بلبس "تيشيرت" وبنطال جينز، وقامت بربط شعرها إلى الأعلى حين بدأت برسم لوحة "جزر المالديف" التي تتمنى زيارتها، بعد أن أعدت لها ولزوجها المرطبات الباردة.

تقول لـ"العربي الجديد" أنها اكتشفت شغفها بالرسم منذ الطفولة، حين طلبت منها مدرسة الفنون الجميلة في الفصل الأول الابتدائي رسمة لشخصان يتحدثان، وشخص ثالث يتجسس على حديثهما، فقامت برسم الشخصان، وإلى جانبهما شخص بآذان كبيرة يتجسس على الحديث.

وتضيف: "بعد اكتشاف الموهبة، قمت بالتسجيل في أحد المعاهد المتخصصة بتطوير مواهب الأطفال، وواصلت التدريب حتى الثالثة إعدادي، إذ أصبت بالإحباط بعد رفض أهلي المشاركة في مسابقة فنية في دولة الإمارات"، موضحة أنها كانت في تلك الفترة ترسم على طاولات المدرسة، والدفاتر والجدران.

تشير مشتهى بأنها لم تتمكن من الالتحاق بتخصص الفنون الجميلة الذي كانت ترغب به، إذ يعتبر من التخصصات غير المجدية في قطاع غزة الذي يعاني الأزمات المالية "حسب رؤية الأهل"، فقامت بالالتحاق بتخصص التعليم الأساسي، لكنها قامت بدمج الرسوم في كل مراحل التعليم والتدريب.

وتتابع: "حين طلب مني ملف الإنجاز في الجامعة، قمت بإحضار الورق، وزخرفته، وتزيينه برسوم الأطفال، ورسوم الكارتون والرسوم الطبيعية، كي يبدو في النهاية وكأنه حكاية"، كذلك قامت بصنع المجسمات الطبيعية خلال فترة التدريب الميداني، إذ صنعت مجسماً لحياة الدودة، وآخر لحياة النبتة، وغيرها.
وتقول "مهووسة الرسم" أنها كانت تستخدم الرسم في الحصص الدراسية، إذ كانت ترسم الفراشات على وجوه الطالبات، وأعلام فلسطين على وجوه الطلبة الأطفال، مضيفة: "كذلك كنت أرسم الدرس على هيئة قصة على السبورة، لمساعدة الأطفال على فهم الدرس بسهولة ويسر".

بيتها لم يسلم كذلك من موهبتها بعد أن تزوجت، إذ رسمت على جدرانه. كذلك صنعت المجسمات والرسوم لأقاربها الأطفال، وتوضح أنها كانت تدخل رسم الطبيعة في كل شيء، إذ تعتبر هذا الجزء من الفن مساحة لتفريغ النفسي، وإكسابها المزيد من الطمأنينة، والقدرة على تعبئة روحها بالطمأنينة والسكون.

ولتعليم أساسيات الرسم الطبيعي بطريقة محترفة، شاركت مشتهى في دورة لمدة شهر، تعلمت خلالها على تفاصيل إضافية لذلك الفن، كذلك على أساسيات مهمة لاحترافه، وزادت على ذلك بمتابعة قنوات خاصة على موقع "يوتيوب" لتعليم فنون الرسم الطبيعي.

المساهمون