نورا الصفدي وباسل خرطبيل... قصّة حب في زمن بشار الأسد

23 فبراير 2018
نورا الصفدي وباسل خرطبيل (العربي الجديد)
+ الخط -
قبل أيام، نشرت الناشطة الحقوقية السورية، نورا الصفدي، فيديو "إنيميشن" قصير على صفحتها الخاصة على موقع فيسبوك. ويلخص الفيديو حكاية حب نورا وباسل خرطبيل، المبرمج السوري الفلسطيني الذي تم اعتقاله من قبل النظام السوري، وإخفائه قسرياً لمدة عامين متتاليين. والفيديو هو من إنتاج ورشة قامت بها لجنة "المرأة في الأمم المتحدة"، مع نساء سوريات تحت عنوان "UN for women" منذ ما يقارب العامين، قبل أن يعلن النظام السوري إعدام خرطبيل.
خمس دقائق من الوقت كانت كافية لتورطنا نورا عاطفياً بتفاصيل قصتها، تفاصيل ذكية تبرهن فيها نورا بأن المدنيين في سورية، وبعيداً عن آرائهم السياسية، تأذوا وبشكل مروع من قبل نظام الأسد الفاشي.

حياة بلا ألوان

يبدأ الفيلم بلا ألوان وبلا حياة، لتتحدث نورا بصوتها عن مخاوفها الطفولية لحظة مداهمة الأمن لمنزل والديها في الثمانينيات، وتخفّي والدها وسفره هرباً من الاعتقال، لفترة كانت كافية لتنسى فيها نورا ملامح وجه والدها، حتى استعادت وجهه من خلف القضبان الحديدية في السجون السورية. الأمر الذي دفعها لدراسة الحقوق، والدفاع عن معتقلي الرأي في قاعات المحاكم في ما بعد.

حب في وسط الثورة

تعيدنا نورا إلى بداية الثورة في 2011، ولتصف لنا كيف وقعت في حب باسل وسط المظاهرات والاجتماعات السلمية، التي كان يتناوب روادها على الإصابات والاعتقالات. تتحدث نورا كيف انسحرت بعيني باسل منذ الوهلة الأولى، لم يكن شيئاً خارجاً عن المألوف، وإنما بسيطاً كما هو الحال لدى العاشق. ثم تتحدث نورا عن اللقاءات والأحلام بعد أن تكلل هذا الحب بالخطوبة. وتغوص نورا بتفاصيل عرسها المخطط له، وتتحدث عن فستانها الأبيض الذي لم ترتدِه لاعتقال باسل قبل أسابيع من موعد زفافهما.

المكالمة الأخيرة

تكمل نورا قصتها، وكيف قاومت هي وباسل اليأس، وتجاوز حبهما قضبان المعتقل، لتحكي كيف تزوجته وهو في المعتقل، تقول: "بدل باسل محبسه من يده اليمنى إلى اليسرى، وقام والدي بتلبيسي المحبس". مكالمة وحيدة تنهي هذه القصة، هاتف من باسل لنورا، إذْ وضعت كلمات باسل الأخيرة الخوف والحزن في قلب نورا، لتعيش عامين متتاليين تصارع الحزن والانتظار والألم. مضى على هذه المكالمة عامين من الاختفاء القسري لباسل دون معرفة مصيره، والذي حسمه بنهاية المطاف خبر متأخر عن إعدام باسل داخل سجون النظام دون إتاحة الفرصة لتوكيل محام له.

حكاية فوق السياسة
يحاول الفيديو ببساطته أن يختزل بعض تفاصيل قصص الحب بصور طفولية بريئة، لتعزز المأساة التي عاشها العاشقان، وتنقل القصة من سياقها السياسي الذي انتشرت فيه لأول مرة على صفحات الناشطين السوريين على فيسبوك، إلى سياق عاطفي رومانسي، يمكّنك من التعاطف مع الحكاية بمعزل عن التوجهات السياسية. فعادةً ما تقوم السينما أو المسرح بمعالجة قضايا المعتقلين بشكل درامي من خلال التركيز على وجهة نظر المعتقل أو العائلة في حال الغياب، وتحاول العروض الفنية الدرامية أن تحاكي من خلال قصص المعتقلين قيماً إنسانيّة عليا، وتطرح وجهات نظر سياسية. وأما فيديو "حكاية باسل ونورا"، فإنه يتميز بتناوله لقضية الاختفاء القسري من جانب عاطفي، قلما يتكرر في هذا النوع من الفنون والأدبيات. هذا النوع الذي نلمسه بشكل واضح في منشورات ياسين الحاج صالح، والذي حوّل قصته مع سميرة الخليل، التي اختفت قسرياً منذ أعوام، إلى إحدى أشهر قصص الحب المعاصرة لنا.
المساهمون