نواب دنماركيون برئاسة صهيوني بطهران: غابت إسرائيل وحضرت السعودية

09 نوفمبر 2016
إسبرسن يرى الديكتاتورية العربية عامل استقرار
+ الخط -

شهد الأسبوع الماضي، من 29 أكتوبر/تشرين الأول، حتى الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، زيارة لافتة للجنة الأمن والسياسة الخارجية في البرلمان الدنماركي إلى طهران، يكشف مصدر خاص مشارك في الرحلة، لـ"العربي الجديد"، حيزاً واسعاً مما تخللته من احتفاء مستقبلي الوفد برئيسه، وهو أحد أعتى الشخصيات الصهيونية في الدول الإسكندنافية من حزب الشعب الدنماركي اليميني المتطرف، سورن إسبرسن، صاحب كتاب "حرب الاستقلال الصهيوني"، والمعروف بمواقفه العنصرية بحق المهاجرين وكراهيته الشديدة للعرب والمسلمين.

وينقل أعضاء من الوفد لـ"العربي الجديد" جانباً مما دار في اللقاءات، وحيزاً من انطباعاتهم بناءً على ما سمعوه من المسؤولين الإيرانيين حيال سورية والنظرة إلى السعودية، وسط غياب إسرائيل عن مواقف المسؤولين الإيرانيين في البرلمان والحكومة. ورئيس الوفد الدنماركي الزائر للعاصمة الإيرانية، إسبرسن، معروف بين زملائه في البرلمان الدنماركي، أنه يرى في دايفيد بن غوريون مثله الأعلى، ويضع صورته في مكتبه ويستشهد دائماً به. ويرجح مصدر مشارك في اللقاءات أن يكون المنظمون الإيرانيون لزيارة الوفد الدنماركي على علم بالهوية السياسية لإسبرسن، لناحية كونه من أصدقاء دولة الاحتلال واليمين المتطرف.

ويُعرب المصدر المشارك في الزيارة واللقاءات، عن صدمته من الاحتفاء الإيراني به، والاستقبال المميز الذي خصّ الإيرانيون إسبرسن به، والتعريف به على اعتباره من "أصدقاء إيران"، وفقاً أيضا لصورة الترحيب به في الفندق الذي جرى استقباله فيه مع صورة على شاشات العرض مع عبارات ترحيب كبيرة من نوع "سعادته" و"صديق إيران دولة السلام". ولإسبرسن وحزبه "نضال" طويل ضد الشعوب العربية وثوراتها، ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قامت رئيسة البرلمان الدنماركي، بيا كيرسغوورد، مؤسسة حزب إسبرسن، حزب الشعب الدنماركي، بطرد أعضاء برلمان ارتدوا قمصاناً كتب عليها "أنقذوا حلب"، في الوقت الذي كانت الشهباء ولا تزال تتعرض للإبادة من قبل تحالف روسيا ــ إيران ــ النظام السوري. ومن بين من جرى طردهم من قاعة البرلمان حينها، كان ناصر خضر، عضو لجنة الشؤون الخارجية، والذي كان ضمن الوفد الزائر لطهران الأسبوع الماضي.

وقد التقى الوفد الدنماركي عددا من المسؤولين الإيرانيين، منهم رئيس البرلمان، علي لاريجاني، ووزير الخارجية، محمد جواد ظريف، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن القومي في البرلمان، علاء الدين بروجردي. وينقل المصدر الدنماركي المرافق لأعضاء اللجنة البالغ عددهم عشرة، أجواء من الزيارة، ويقول إنه "أثناء المداولات مع المسؤولين الإيرانيين، كان العامل المشترك عدم ذكرهم إسرائيل، واقتصار كلامهم على أنه ليس لإيران أعداء سوى الإرهابيين والوهابية السعودية". وعلى ذمة المصدر نفسه، "بدا واضحا لنا أن الصراع الطاغي هو سني شيعي في النقاشات، وجرى الحديث في الأمر من منطلق طرح قضايا سورية والعراق واليمن". في المقابل، امتدح إسبرسن الإيرانيين وموقفهم من أزمة الرسوم المسيئة للنبي محمد، لكن عضواً آخر أراد أن يطرح فتوى سلمان رشدي، فلم يستطع. وينقل أحد أعضاء الوفد الزائر أن جواً مشحوناً ساد بسبب النقاش حول الدور الإيراني والروسي في سورية، ويكشف أن السفير الروسي لدى طهران، ليفان جاغريان، تواجد في اللقاءات مع الرسميين الإيرانيين، من ضمن مجموعة من 15 سفيراً معتمداً في العاصمة الإيرانية، و"دخلنا في نقاش حول الدور الإيراني والروسي في سورية وحصار حلب، فما كان من بعض المتحدثين الإيرانيين سوى الصراخ والغضب والتركيز على السعودية ثم السعودية، وكأنك أمام مشهد استبدال دولة الاحتلال الإسرائيلي والشيطان الأكبر بالسعودية فحسب" على حد تعبير أحد أعضاء الوفد في حديثه لـ"العربي الجديد".

ويضيف المصدر أنه "حين قلتُ إن روسيا وإيران ترتكبان جرائم حرب في سورية، ثار غضبهم، ومعهم السفير الروسي، ففوجئت بتدخّل حليف إسرائيل، سورن إسبرسن، لمحاولة تهدئة الأمور والادعاء أنه ليس ضد التدخل الإيراني والروسي في سورية، وهذا موقف مناقض تماماً للموقف الرسمي الدنماركي الذي يعبر عنه وزير الخارجية، كريستيان يانسن، وهنا تأكدت أننا أمام عملية نفاق وسياسة إيرانية لا يهمها من الشعارات السابقة ضد إسرائيل سوى استبدالها بالعداء للسعودية حصراً". ويسرب المصدر جزءاً مما دار خلال اجتماعات الوفد الدنماركي مع المسؤولين الإيرانيين، من نوع لغة التهديد والوعيد بـ"سوف نسحق الإرهابيين في سورية، وقبل أن يكون هناك رئيس جديد في البيت الأبيض". وحين طرح أحد أعضاء اللجنة سؤالاً عن من هم الإرهابيون في حلب؟ لم يتردد الإيرانيون والروس في الإجابة: "كل من يقاتل في حلب هو داعش". لكن حين واجههم النائب ناصر خضر، عضو لجنة الشؤون الخارجية، بحقيقة أنه ليس هناك وجود لتنظيم "داعش" في حلب، جاءه الرد من نوع أن "النصرة أخطر من داعش... وحلب سوف تسقط قريباً بهجوم واسع لينتهي العالم من الإرهاب"، وفق ما يقوله خضر لـ"العربي الجديد".

يبدو صديق إسرائيل، سورن إسبرسن، الذي يرأس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الدنماركي، متوافقاً مع الإيرانيين ومدافعاً شرساً عن موقف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، فهو يرى أن "العرب لا يستحقون الديمقراطية، بل كان من الخطأ سقوط معمر القذافي وصدام حسين وحسني مبارك، ويجب ألا يجري إسقاط بشار الأسد". ويظن الرجل أن "وجود الأنظمة الديكتاتورية عند العرب يشكل عامل توازن واستقرار".
ومما دار في اجتماعات الوفد النيابي الدنماركي في طهران، والذي كان برئاسة إسبرسن، أن إيران تحاول التسويق لنفسها أمام الوفد الدنماركي والوفود الغربية، على أنها "عامل استقرار كقوة كبرى في المنطقة". لكن بمجرد طرح الأسئلة عن أسباب هرب آلاف الإيرانيين إلى الدنمارك والغرب كلاجئين، يعيد المتحدثون الإيرانيون الحديث ضد السعودية وخطاب الأقليات وضرورة زيارة مدرسة أرمنية في طهران "للاطلاع على إيران المسالمة والمتسامحة".

بعض الأطراف اليسارية التي شارك ممثل عنها في تلك اللقاءات ردت على سؤال "العربي الجديد" حول رأيها في ما سمعوه في طهران بالقول إن "البراغماتية والمصالح تتطلب فتح حوار مع إيران، وسؤالك يجب أن توجهه للعرب الغائبين تماماً وليس لنا". ورغم أن هذه الأطراف اليسارية تؤيد حقوق الفلسطينيين وتنتقد دولة الاحتلال إلا أنها لا تخفي موقفها بأنه "من الجيد أن يعم السلام بين إيران والإسرائيليين لتحييد الإسلاميين في الصراع". في مجمل اللقاءات التي استضافتها طهران، والتي اختتمت بلقاء وزير الخارجية محمد جواد ظريف، ذهب الأخير إلى محاولة تهدئة الجو المشحون بالقول "نعم.. لقد أخطأ الأسد في البداية، لكن أي نقاش حول مستقبله مرفوض تماماً. الحل في سورية سيكون سياسياً، لكن بعد القضاء على الإرهاب، وبداية من حلب في قادم الأيام". ورغم ذلك، يفيد أحد المشاركين بما سماه "رعب إيراني من مجريات الأرض السورية وخسارة حزب الله شعبيته في العالم العربي". ويختصر المصدر المشارك في الزيارة انطباعاته بعد اللقاءات الإيرانية بأن "إسرائيل لم تعد تبدو أنها عدوتهم الأولى، بل السعودية، وهم يرون مشاركتهم في سورية كحرب ضد السعودية".

المساهمون