دخلت العمليات العسكرية في اليمن مرحلة جديدة، بعد انضمام محافظة إب إلى خارطة المواجهات. تطور أربك الحوثيين الذين كانوا سبباً في إشعال فتيل الحرب في هذه المحافظة. ويدرك الحوثيون أن استغلال قوات حكومة عبد ربه منصور هادي للوضع والتوغّل في هذه المحافظة، التي كانت تمتاز بالهدوء لسنوات، على الرغم من أهميتها الاستراتيجية، قد يكلفهم الكثير نظراً لعدم وجود حاضنة شعبية كافية لهم، وهو ما بات يشكل ضغطاً عليهم، تحاول الجماعة التخفيف من أضراره وتجاوز تأثيراته، بدفع قوات كبيرة تقودها قيادات بارزة، لوقف تمدد القوات المشتركة التابعة للحكومة وللتحالف السعودي الإماراتي في إب.
وأكدت مصادر عسكرية وقبلية لـ"العربي الجديد"، أن اندلاع معركة إب وتوسعها بشكل مفاجئ جاء بعد أن نكث الحوثيون باتفاق في بداية الحرب، جرى بينهم وبين قبائل العود، التي لها امتداد بين محافظتي الضالع وإب، وقضى الاتفاق بعدم إشعال الصراع مع القبائل، أو استخدام مناطق العود في مديرية النادرة بمحافظة إب ساحة للصراع، أو ممر عبور إلى الضالع. لكن خرق الحوثيين لهذا الاتفاق فجّر الأوضاع العسكرية في كل جبهات إب بحدودها مع محافظة الضالع، فانحازت حينها القبائل إلى دعم تحركات قوات الحكومة، وساعدتها في الدخول إلى مديرية النادرة أولى مناطق إب، وإلى مديريات أخرى لاحقاً.
وتمكنت القوات المشتركة التابعة للحكومة وللتحالف السعودي الإماراتي، حتى الآن من التمدد إلى ثلاث مديريات، هي النادرة والسبرة والشعر، ونجحت بمساندة قوات "الحزام الأمني" و"المقاومة الجنوبية" وبغطاء من طيران التحالف، في السيطرة على جبل العود الاستراتيجي، قبل استعادة الحوثيين له وتحوّله إلى نقطة صراع محورية بين الطرفين، خصوصاً أنه يربط سلسلة جبلية تمتد بين الضالع وإب. بينما تسيطر الشرعية على أجزاء واسعة من مديريتي الشعر والسبرة، وسط تخوّف الحوثيين من انفجار الأوضاع العسكرية في مديريات أخرى، مع دفع الشرعية لواءين من أبناء إب، كانا قد تشكلا وتدربا في محافظة الضالع، خلال السنوات الثلاث الماضية، وباتا يشكّلان فارقاً في سير المواجهات.
إضافة إلى ذلك، أوضح القاضي أن الحوثيين قد يفقدون مورداً اقتصادياً مهماً، فمحافظة إب تعد الوجهة السياحية الأولى لليمنيين راهناً، نظراً لأن الصراعات لم تكن قد انتقلت إليها، فقد كان اليمنيون يتجهون إليها لقضاء أوقاتهم بعيداً عن الصراع والحرب، بينما انتقال الصراع إليها يهدد هذا المورد الهام للحوثيين، الذين كانوا يعتبرون إب مركزاً لإدارة عمليات السوق السوداء في كل مناطق سيطرتهم.
في المقابل، أشار بعض المراقبين إلى أن الحوثيين ومن خلال مهاجمتهم مريس والعود شمال وشمال غرب الضالع، حاولوا تخفيف الضغط عليهم في جبهات أخرى من اليمن، كجبهات صعدة التي تتقدّم فيها قوات الشرعية بشكل كبير. كما أن الحسابات التي سعى الحوثيون إلى تحقيقها، في معظمها لم تكن موفقة، وأخطأوا التقدير بشأنها، خصوصاً محاولة استنساخ معركة حجور، وأيضاً تجاهل الحاضنة الشعبية، ما جعل نقل المعركة إلى إب بمثابة صدمة، أربكت حساباتهم الداخلية.
وأكد أبو حاتم أهمية المنطقة كونها تتحكم بمثلث محافظات البيضاء، الضالع، إب، "حتى أن محافظة إب تتوسط اليمن، وتحد أكثر من ست محافظات، وبالسيطرة نستطيع القول إن ثلثي المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثي قد تحررت". وفي ظل هذا الواقع، يحاول الحوثيون تلافي سقوط إب بيد الشرعية من خلال الدفع بتعزيزات كبيرة إلى المحافظة، وذلك مع العمل على خطين متوازيين، الأول وقف تقدّم الشرعية في المنطقة، ولو كلفهم ذلك آلاف القتلى، خصوصاً أن المعارك رفعت قتلاهم وفق مصادر مقربة إلى ما يقارب خمسمائة قتيل خلال الأسبوعين الماضيين، فيما يعتمدون في الخط الثاني على استمرار مهاجمة شمال الضالع، لمنع تقدّم الشرعية من جبهة مريس ودمت، إذ ستكون ضربة قاصمة لهم إذا ما تمكّنت الشرعية من دخول إب من هذه الجبهة، لأنها قد تحاصر الحوثيين داخل إب وتعز معاً.