نكبة بنكهة الزلابية في لبنان

15 مايو 2017
القضية مكانها والجميع ينتظر (رمزي حيدر/ فرانس برس)
+ الخط -
في الخامس عشر من شهر مايو/ أيار من كلّ عام، أي اليوم، تحلّ ذكرى نكبة فلسطين وتهجير الفلسطينيّين من أرضهم. في هذا اليوم، يحيي الفلسطينيّون الذكرى كلّ على طريقته، والهدف الأكبر هو تذكير الآخرين بالقضيّة الفلسطينية وحقّهم في العودة إلى أرضهم.

بالنسبة إلى الفلسطينيّين، لا يمكن حصر النكبة بهذا اليوم فقط، بل تمتد إلى أيّامهم التي أمضوها خارج فلسطين، إذ إن كثيرين لم يعرفوا معنى عيش حياة كريمة أو مريحة. ولم يكن في مقدورهم الحلم بمستقبل جميل لأولادهم، إذ إن الحياة في المخيمات الفلسطينية أشبه بـ "قبر مفتوح". هذا ما تقوله فاطمة التي كانت تقلي الزلابية في ساحة مركز معروف سعد الثقافي في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، استعداداً لإحياء ذكرى يوم النكبة. فهذه الحلوى فلسطينية بامتياز ومن التراث الفلسطيني.

قدمت فاطمة من مخيّم البرج الشمالي (جنوب لبنان) إلى مدينة صيدا، لإحياء ذكرى النكبة على طريقتها. بالنسبة إليها، فإن إحياء التراث الفلسطيني "واجب مقدّس"، لافتة إلى أنه يتوجّب على كل فلسطيني حفظ تراث بلده ونقله إلى أولاده.

تقول لـ "العربي الجديد": "جئت من مخيّم البرج الشمالي لأشارك في إحياء يوم بلدة عمقا في فلسطين. صحيح أنني لست من بلدة عمقا، لكن البلدات جميعها فلسطينية، وأنا فلسطينيّة". تضيف أنّها لم تولد في فلسطين، لكنّها عرفت عن حياة جميلة وسهلة فيها. "تربينا في بيتنا على حبّ فلسطين والتمسّك بحقّ العودة، وعلّقنا آمالنا على رجال المقاومة في فلسطين لتحريرها ودحر العدو الصهيوني، هم الذين واجهوا معارك شرسة. نعوّل على تلك المقاومة الموجودة في الداخل حتّى نسترجع أرضنا من جديد. فلسطين لنا ونحن نؤمن بذلك. أيضاً، نحن متمسكون بها حتى آخر لحظة في حياتنا".


ماذا عن الزلابية؟ هي حلوى اعتاد الفلسطينيّون صنعها خلال الأعياد والمناسبات السعيدة. تصنع من الطحين والقمح واليانسون والزيت والخميرة والسكر. وبعد خلط المكوّنات جميعها، توضع في وعاء نظيف وتترك حتى تخمر، ثمّ تُقلى بالزيت وتقدّم إلى الزوّار.

وكانت النساء يحرصن على صناعة هذه الحلوى اللذيذة، وهي ضروريّة في الأعياد والمناسبات. أكثر من ذلك، من المعيب ألّا تكون موجودة في البيوت الفلسطينية. وتلفت فاطمة إلى كونها تراثاً، على غرار الزي الفلسطيني والتطريز، تضاف إلى عادات أخرى لطالما حرص الفلسطينيّون على الحفاظ عليها. بعد اللجوء، ظل الفلسطينيّون متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم، وعلّموها لأبنائهم حتّى لا تنسى، وتصبح جزءاً من حياتهم.

تقول فاطمة إنّها تعلّمت صنعها من جدّتها، التي كانت حريصة على الحفاظ على العادات الفلسطينية، حتّى تلك الصعبة منها، لافتة إلى أنّها علّمتها لأولادها. تضيف: "أعدّها في المناسبات السارة وفي الأعياد، فهكذا جرت العادة في فلسطين. ويرتبط حرصي على صنعها بالحرص على نشر التراث الفلسطيني، حتّى يبقى حاضراً في أذهان أبنائنا. بذلك، تبقى القضية الفلسطينية حاضرة في أذهانهم أيضاً، إضافة إلى هذه الحلوى، فلا تندثر في المستقبل. نحن في حاجة دائمة إلى إعادة إحياء التراث".

وعن حياتها في لبنان، تقول فاطمة إننا نعيش مثل الموتى، ولا نعرف أي مصير ينتظرنا. منذ لجأ الفلسطينيون إلى لبنان، تسوء أحوالهم يوماً بعد يوم. لا أمل بفرج قريب، فحياتنا داخل المخيمات تعيسة جداً في ظلّ انعدام الأمن والاستقرار. من جهة أخرى، لا نستطيع تربية أولادنا كما نريد لأنّنا لا نعرف أي مستقبل ينتظرهم، خصوصاً أنه لا يحق لهم العمل. في كلّ عام، يتجدّد الأمل والألم لدى الفلسطينيين، الألم من جرّاء ما وصل إليه حالهم بعد اللجوء. تمضي السنوات في وقت ما زالت القضيّة الفلسطينية تراوح مكانها، وقد صارت أصعب. كلّما مرت السنوات، زادت نسبة الاستيطان في فلسطين وزاد التهجير الفلسطيني والبؤس. ومع مرور الوقت، يزداد الظلم بحقّ الفلسطينيين في البلاد التي لجأوا إليها. ويبقى الأمل معلّقاً على رجال المقاومة الفلسطينية لتحرير فلسطين والعودة إليها، لأنهم يضحون بأرواحهم من أجل تحريرها.