نقابات تونس تمهّد لزيادة جديدة في الرواتب

25 ابريل 2019
التونسيون يعانون من ارتفاع أسعار العديد من السلع (Getty)
+ الخط -
تمهّد موجة الزيادة في الأسعار بالأسواق التونسية، وما رافقها من تحركات نقابية، الطريق مجدّداً للمطالبة بزيادة أخرى في الرواتب، رغم توصيات صارمة لصندوق النقد الدولي بكبح جماح كتلة الرواتب في العامين المقبلين.

ويكتسب الاتحاد العام التونسي للشغل الذي قال إنه سيطلق جولة مفاوضات جديدة للزيادة في الأجور في يوليو/ تموز المقبل شرعية مطالبه من عدم قدرة شريحة واسعة من التونسيين على مواكبة موجة الغلاء التي تعيشها الأسواق بعد أن بددت الزيادة في أسعار المحروقات وما تبعها من ارتفاعات لسلع أخرى ما حصلوا عليه من زيادات بمقتضى اتفاق فبراير/ شباط الماضي المقدرة بـ 180 ديناراً (نحو 60 دولاراً)، بعد إضرابين عامين خاضهما موظفو القطاع الحكومي من أجل تحسين قدراتهم الشرائية وحل أزماتهم المعيشية.

وأعلن الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي (النقابة الأكثر تمثيلاً للعمال في تونس) أن شهر يوليو/ تموز المقبل سيشهد انطلاق الجولة الثانية من المفاوضات الاجتماعية للزيادة في أجور القطاع العام والوظيفة العمومية.

واعتبر الطبوبي أن الزيادة الأخيرة التي حصل عليها الموظفون بمثابة تعديل المقدرة الشرائية للأجراء.

واتهم الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان له، يوم السبت الماضي، حكومة يوسف الشاهد بإغراق الشعب التونسي في الديون والفقر والبطالة، معلناً عن "مساندته لكلّ تحرّك سلمي مشروع ضد الوضع الاقتصادي الراهن". ودعا إلى "خطّة عاجلة لوقف ارتفاع الأسعار، والتعويض عن تدهور المقدرة الشرائية، والزيادة المجزية في الأجر الأدنى".

وفي هذا السياق، لا يرى خبراء اقتصاديون خلاص التونسيين من دائرة الغلاء في زيادة أجورهم، معتبرين أن الزيادات التي حصلوا عليها على امتداد السنوات الماضية لم تحسن من واقعهم المعيشي.

وقال الخبير المالي بلحسن الزمني إن العدو الحقيقي لجيوب التونسيين هو الغلاء المترتب على التضخم، مشيراً إلى أن وصفة الإصلاح يجب أن تنطلق من معالجة أصل الداء ذاته.

وأكد في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه لن يكون من المجدي مواصلة الزيادة في الرواتب في ظل مستويات تضخم قياسية، معتبراً أن الزيادات السابقة ساهمت في زيادة الكتلة النقدية وقفزات التضخم، خاصة في ظل نسب نمو ضعيفة.

ودعا الخبير المالي إلى تحريك آليات خلق الثروة وكبح مسببات التضخم وزيادة الكتلة النقدية المتداولة، لافتاً إلى أن الاقتصاد التونسي يشكو من مؤشرات سلبية عديدة تتطلب المعالجة حتى يقف نزيف الأسعار.

وعن إمكانية اصطدام الحكومة مجدداً بالنقابات بسبب رفض صندوق النقد طلب الزيادة في الأجور، توقع الخبير الاقتصادي أن يتم ترحيل هذا المطلب إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية الرئاسية التي ستجرى نهاية العام، مؤكداً أن خارطة الإصلاح الاقتصادي تتطلّب الحد الأدنى من الاستقرار السياسي، وهو شرط غير متوفر بالقدر الكافي في تونس بسبب انشغال السياسيين بالسباق الانتخابي، حسب قوله.

وقال الزمني إن طلب صندوق النقد تجميد زيادات الأجور فيه جانب من الوجاهة، خاصة في ظل عجز السياسات الحكومية الحالية عن وفق نزيف التضخم الذي بقي في مستوى 7.1 بالمائة وفق آخر بيانات لمعهد الإحصاء الحكومي.

وفي تقرير له عقب انتهاء مهمة المراجعة الخامسة، أقرّ صندوق النقد بصعوبة احتواء الأجور، قائلاً إنه "سيكون من المهم أيضاً احتواء فاتورة الأجور العامة بشكل أفضل، التي تعدّ من أعلى النسب في العالم، كحصة من الناتج المحلي الإجمالي".

وأظهرت مؤشرات البنك المركزي في مارس/ آذار الماضي أنّ حجم الكتلة النقدية المتداولة تضاعف ثلاث مرات خلال ثماني سنوات ليصل في 11 من الشهر الجاري إلى 16.242 مليار دينار؛ أي نحو 5.4 مليارات دولار، بعد أن كان في سنة 2010 في حدود 5 مليارات دينار؛ أي ما يعادل 1.6 مليار دولار.

ويرى وزير التجارة السابق محسن حسن أن تواصل ارتفاع أسعار المواد الزراعية والغذائية أصبح مصدر قلق بالنسبة للسلطات الرسمية ومؤرقاً للمواطن، وذلك بالرغم من الزيادات الأخيرة في الأجور والمجهودات الحكومية للتحكم في نسب التضخم.

وقال حسن لـ"العربي الجديد" إن معالجة هذه الإشكاليات يجب أن تكون هيكلية بالأساس من خلال انتهاج استراتيجية وطنية واضحة المعالم متبوعة بسياسات واقعية للتحكم في أسعار السلع وتعديل العرض والطلب.

ودعا إلى تثمين دور القطاع الزراعي الذي يلعب دوراً مهماً اقتصادياً واجتماعياً، إذ يشكّل مصدر دخل لأكثر من نصف مليون تونسي.
المساهمون