مشكلة بيئية وصحية متجددة تنضم إلى بقية مشاكل لبنان الاقتصادية والمعيشية، تتمثل في عودة تراكم النفايات في شوارع كثير من المناطق
في الوقت الذي يحارب فيه لبنان فيروس كورونا الجديد، عادت أزمة النفايات إلى البلاد بقوة، وبات من الممكن رؤيتها مكدّسة على الطرقات قرب المستوعبات الممتلئة في كثير من المناطق، ما يشكّل تهديداً صحياً وبيئياً. المشهد نفسه تكرّر مع الحكومات المتعاقبة السابقة التي دائماً ما كانت تنتظر وقوع الكارثة لاعتماد حلول سريعة، وليست جذرية، تعيد الأزمة إلى الواجهة بين الحين والآخر. وقد أعلنت بلدية برج حمود (قضاء المتن، جبل لبنان) عن إقفال مطمر برج حمود - الجديدة في 30 إبريل/ نيسان الماضي، بعد بلوغه السعة القصوى للنفايات التي تصل إليه بشكل أساسي من مناطق قضاءي المتن وكسروان (جبل لبنان)، وذلك وفقاً لقرار مجلس الوزراء بإنشائه والعقد الموقّع بين مجلس الإنماء والإعمار، ممثلاً الحكومة اللبنانية، وشركة "خوري للمقاولات" التي رست عليها مناقصة تنفيذ المشروع.
في هذا الإطار، يقول النائب عن المتن وعضو حزب الكتائب اللبنانية إلياس حنكش، لـ "العربي الجديد"، إنّ "المشكلة الأساسية تكمن في طريقة التعاطي مع ملف النفايات وانتظار الكارثة حتى تقع من أجل وضع اللبنانيين أمام خيار من اثنين لا ثالث لهما تبعاً لحجة العجلة، فإما عودة النفايات إلى الشوارع وإما توسعة المطامر، وهذا ما لن نرضى به، وقد عبّرنا عنه في الاجتماع الذي عقد يوم الجمعة الماضي مع رئيس الحكومة حسان دياب، ووزير البيئة والتنمية الإدارية دميانوس قطار، ونواب المتن والمعنيين، وخضنا لأجله معارك عدّة في الماضي رفضاً للمطمر البحري غير المطابق للمعايير البيئية والصحية والدولية، واستقلنا لأجل ذلك من الحكومة في عام 2016 وخسرنا المعركة بعد مواجهة سلطة بأكملها".
اقــرأ أيضاً
يشدّد حنكش على أنّ "الخيار لا يكون بطمر النفايات وتوسعة المطمر أفقياً ليفوق علوه الـ 15 متراً وأكثر، فهذه جريمة بيئية وصحية وسياحية واستمرار لدوامة فساد ونهب وسرقة بدأت قبل 30 عاماً". يضيف: "طرحنا خلال الاجتماع نقل النفايات إلى منطقة حدودية قاحلة شمالاً أو شرقاً بعيدة عن السكان والمياه الجوفية، لكن الرفض أتى بحجة أن كلفة النقل مرتفعة، لكن فاتهم للأسف الكلفة الصحية التي يتكبدها أهالي المنطقة التي يقطنها أكثر من 300 ألف مواطن في حال اتخاذ خيار توسعة المطامر البحرية".
ويلفت إلى أنّ الشركات المسؤولة عن الجمع والكنس توقفت عن رفع النفايات من الشوارع بسبب أزمة الدولار، التي ومع حلّها، لم يُعرف بعد أين سترمى هذه النفايات. يقول: "نعلم أنّ الوضع الاقتصادي صعب، لكن لا يمكن الاستهانة بصحة الناس. من هنا، المطلوب خطة مستدامة وفرز من المصدر والبدء باعتماد حلول لا تعيدنا كل فترة إلى المشكلة نفسها. وللأسف، فإنّ كل دول العالم تكسب مليارات الدولارات من النفايات، لكن في لبنان تصرف المليارات على النفايات".
من جهته، يرى المهندس المدني - الاستشاري راشد سركيس، في حديث لـ "العربي الجديد"، أنّ "السبب الأساسي خلف مشكلة النفايات، أو ما جعل من النفايات مشكلة، هو السياسة المتبعة في البلاد ضمن مبدأ الربح وليس ضمن تخطيط ورؤية تُعنى بوطن".
وعن أحقيّة خطوة رئيس بلدية برج حمود مارديك بوغوصيان في إقفال المطمر، يقول سركيس إنّ "لرئيس البلدية والبلدية سلطة كبيرة ضمن النطاق المحلي، والبلدية مسؤولة عن كل ما يجري في نطاقها البلدي، لا سيما في كل ما يعود إلى حماية الصحة والبيئة والسلامة العامة".
ويشير إلى أنّ "المطامر الموجودة اليوم لا ترقى إلى مستوى مطامر صحية بكل ما للكلمة من معنى، بل هي مكبات على شكل مطامر، وليس أكثر. وأكبر كارثتان تسببت بهما الحكومات اللبنانية الأخيرة بعد عام 2015 كانتا في إنشاء مطمرين بحريين في منطقتي الكوستابرافا (جنوب بيروت) وبرج حمود (شمال بيروت)"، مشدداً على أن أول ما يجب تحقيقه هو قرار حاسم بفرض عملية الفرز واستلام النفايات من المنازل بواسطة شاحنات مختلفة لجمع هذه النفايات المفرزة، والأهم في هذا الأمر تطبيق تجميع وتسليم ونقل ومعالجة النفايات العضوية بشكل منفصل تماماً عن كل ما عداها من النفايات الأخرى. يضيف أنه "يتوجب على الحكومة أن تشجع على تمويل واستثمار العديد من الشركات الناشئة في مجال التدوير والجمع والتوزيع والفرز وعمليات أخرى يمكن استحداثها في مجال تقنيات المعالجة السليمة بيئياً والاستفادة من النفايات العضوية لكي تكون مصدراً أول للسماد الطبيعي المفيد للزراعة والاقتصاد، في حال كانوا يريدون النهوض بالاقتصاد الوطني".
بدوره، يلفت الكاتب والأستاذ الجامعي في فلسفة البيئة والإعلام البيئي حبيب معلوف، لـ "العربي الجديد"، إلى أن الحلول الاستثمارية تتقدّم على تلك البيئية في ملف النفايات. ومن خلال هذه الأزمة، "يحاولون معالجة قضايا أخرى استثمارية حتى في اختيار الشاطئ الذي لم يكن عن عبث، لتحويله لاحقاً إلى مشروع استثماري". ويشير إلى أن "كل تأخير وترك الأمور للحظة الأخيرة لا يهدف إلا إلى زيادة الصفقات والمنتفعين من الحلول، وهذا ما يديره المتعهدون والنافذون في المناطق وكذلك الأحزاب المسيطرة". كذلك يرى معلوف أنّ الفرز يجب أن يكون من المصدر ضمن خطة لامركزية متكاملة، واستراتيجية تعطي الأولوية لتخفيف الاستهلاك، ما يؤدي إلى تقليص أكثر من 30 في المائة من حجم النفايات ثم الفرز من المصدر.
أما رئيس جمعية "غرين غلوب" والخبير البيئي سمير سكاف، فيقول لـ "العربي الجديد" إنّ النفايات توزّعت في بيروت وجبل لبنان في عام 2019 بحدها الأقصى، يومياً، كالآتي: بيروت: 755 طناً، بعبدا: 1033 طناً، المتن: 760 طناً، عاليه: 462 طناً، الشوف: 237 طناً، جبيل: 121 طناً، كسروان: 355 طناً. أي بمجموع: 3.602 طن (من دون جبيل التي تعالج نفاياتها ضمن نطاق القضاء). ويشدد سكاف على "ضرورة وقف شلال النفايات من بيروت وجبل لبنان باتجاه معامل الفرز في بيروت ومحيطها (معملا الكرنتينا والعمروسية) بطاقة 3.600 طن، والعمل على تخفيض تدفقها باتجاه معملي الفرز إلى ألفي طن كحد أقصى، بينها نحو ألف طن من النفايات العضوية، ما يسمح بتشغيل معامل فرز بيروت بطاقتها الفعلية". يضيف: "من هنا، تعتمد خطتنا على تسلسل الهرم البيئي، وهي مستدامة، تبدأ بتخفيض النفايات وباعتماد الفرز من المصدر وبعملية التسميد الطبيعي الهوائي، الفردي والبلدي، مع اعتماد تقنيتي معامل الكومبوستينغ (تسبيخ النفايات لصنع السماد العضوي) والهضم اللاهوائي (عملية تحلل المواد العضوية من مصادر نباتية أو حيوانية بفعل الميكروبات في غياب الأكسجين) بدلاً من المحارق".
في هذا الإطار، يقول النائب عن المتن وعضو حزب الكتائب اللبنانية إلياس حنكش، لـ "العربي الجديد"، إنّ "المشكلة الأساسية تكمن في طريقة التعاطي مع ملف النفايات وانتظار الكارثة حتى تقع من أجل وضع اللبنانيين أمام خيار من اثنين لا ثالث لهما تبعاً لحجة العجلة، فإما عودة النفايات إلى الشوارع وإما توسعة المطامر، وهذا ما لن نرضى به، وقد عبّرنا عنه في الاجتماع الذي عقد يوم الجمعة الماضي مع رئيس الحكومة حسان دياب، ووزير البيئة والتنمية الإدارية دميانوس قطار، ونواب المتن والمعنيين، وخضنا لأجله معارك عدّة في الماضي رفضاً للمطمر البحري غير المطابق للمعايير البيئية والصحية والدولية، واستقلنا لأجل ذلك من الحكومة في عام 2016 وخسرنا المعركة بعد مواجهة سلطة بأكملها".
يشدّد حنكش على أنّ "الخيار لا يكون بطمر النفايات وتوسعة المطمر أفقياً ليفوق علوه الـ 15 متراً وأكثر، فهذه جريمة بيئية وصحية وسياحية واستمرار لدوامة فساد ونهب وسرقة بدأت قبل 30 عاماً". يضيف: "طرحنا خلال الاجتماع نقل النفايات إلى منطقة حدودية قاحلة شمالاً أو شرقاً بعيدة عن السكان والمياه الجوفية، لكن الرفض أتى بحجة أن كلفة النقل مرتفعة، لكن فاتهم للأسف الكلفة الصحية التي يتكبدها أهالي المنطقة التي يقطنها أكثر من 300 ألف مواطن في حال اتخاذ خيار توسعة المطامر البحرية".
ويلفت إلى أنّ الشركات المسؤولة عن الجمع والكنس توقفت عن رفع النفايات من الشوارع بسبب أزمة الدولار، التي ومع حلّها، لم يُعرف بعد أين سترمى هذه النفايات. يقول: "نعلم أنّ الوضع الاقتصادي صعب، لكن لا يمكن الاستهانة بصحة الناس. من هنا، المطلوب خطة مستدامة وفرز من المصدر والبدء باعتماد حلول لا تعيدنا كل فترة إلى المشكلة نفسها. وللأسف، فإنّ كل دول العالم تكسب مليارات الدولارات من النفايات، لكن في لبنان تصرف المليارات على النفايات".
من جهته، يرى المهندس المدني - الاستشاري راشد سركيس، في حديث لـ "العربي الجديد"، أنّ "السبب الأساسي خلف مشكلة النفايات، أو ما جعل من النفايات مشكلة، هو السياسة المتبعة في البلاد ضمن مبدأ الربح وليس ضمن تخطيط ورؤية تُعنى بوطن".
وعن أحقيّة خطوة رئيس بلدية برج حمود مارديك بوغوصيان في إقفال المطمر، يقول سركيس إنّ "لرئيس البلدية والبلدية سلطة كبيرة ضمن النطاق المحلي، والبلدية مسؤولة عن كل ما يجري في نطاقها البلدي، لا سيما في كل ما يعود إلى حماية الصحة والبيئة والسلامة العامة".
ويشير إلى أنّ "المطامر الموجودة اليوم لا ترقى إلى مستوى مطامر صحية بكل ما للكلمة من معنى، بل هي مكبات على شكل مطامر، وليس أكثر. وأكبر كارثتان تسببت بهما الحكومات اللبنانية الأخيرة بعد عام 2015 كانتا في إنشاء مطمرين بحريين في منطقتي الكوستابرافا (جنوب بيروت) وبرج حمود (شمال بيروت)"، مشدداً على أن أول ما يجب تحقيقه هو قرار حاسم بفرض عملية الفرز واستلام النفايات من المنازل بواسطة شاحنات مختلفة لجمع هذه النفايات المفرزة، والأهم في هذا الأمر تطبيق تجميع وتسليم ونقل ومعالجة النفايات العضوية بشكل منفصل تماماً عن كل ما عداها من النفايات الأخرى. يضيف أنه "يتوجب على الحكومة أن تشجع على تمويل واستثمار العديد من الشركات الناشئة في مجال التدوير والجمع والتوزيع والفرز وعمليات أخرى يمكن استحداثها في مجال تقنيات المعالجة السليمة بيئياً والاستفادة من النفايات العضوية لكي تكون مصدراً أول للسماد الطبيعي المفيد للزراعة والاقتصاد، في حال كانوا يريدون النهوض بالاقتصاد الوطني".
بدوره، يلفت الكاتب والأستاذ الجامعي في فلسفة البيئة والإعلام البيئي حبيب معلوف، لـ "العربي الجديد"، إلى أن الحلول الاستثمارية تتقدّم على تلك البيئية في ملف النفايات. ومن خلال هذه الأزمة، "يحاولون معالجة قضايا أخرى استثمارية حتى في اختيار الشاطئ الذي لم يكن عن عبث، لتحويله لاحقاً إلى مشروع استثماري". ويشير إلى أن "كل تأخير وترك الأمور للحظة الأخيرة لا يهدف إلا إلى زيادة الصفقات والمنتفعين من الحلول، وهذا ما يديره المتعهدون والنافذون في المناطق وكذلك الأحزاب المسيطرة". كذلك يرى معلوف أنّ الفرز يجب أن يكون من المصدر ضمن خطة لامركزية متكاملة، واستراتيجية تعطي الأولوية لتخفيف الاستهلاك، ما يؤدي إلى تقليص أكثر من 30 في المائة من حجم النفايات ثم الفرز من المصدر.
أما رئيس جمعية "غرين غلوب" والخبير البيئي سمير سكاف، فيقول لـ "العربي الجديد" إنّ النفايات توزّعت في بيروت وجبل لبنان في عام 2019 بحدها الأقصى، يومياً، كالآتي: بيروت: 755 طناً، بعبدا: 1033 طناً، المتن: 760 طناً، عاليه: 462 طناً، الشوف: 237 طناً، جبيل: 121 طناً، كسروان: 355 طناً. أي بمجموع: 3.602 طن (من دون جبيل التي تعالج نفاياتها ضمن نطاق القضاء). ويشدد سكاف على "ضرورة وقف شلال النفايات من بيروت وجبل لبنان باتجاه معامل الفرز في بيروت ومحيطها (معملا الكرنتينا والعمروسية) بطاقة 3.600 طن، والعمل على تخفيض تدفقها باتجاه معملي الفرز إلى ألفي طن كحد أقصى، بينها نحو ألف طن من النفايات العضوية، ما يسمح بتشغيل معامل فرز بيروت بطاقتها الفعلية". يضيف: "من هنا، تعتمد خطتنا على تسلسل الهرم البيئي، وهي مستدامة، تبدأ بتخفيض النفايات وباعتماد الفرز من المصدر وبعملية التسميد الطبيعي الهوائي، الفردي والبلدي، مع اعتماد تقنيتي معامل الكومبوستينغ (تسبيخ النفايات لصنع السماد العضوي) والهضم اللاهوائي (عملية تحلل المواد العضوية من مصادر نباتية أو حيوانية بفعل الميكروبات في غياب الأكسجين) بدلاً من المحارق".