في وقت يستعد فيه اللاجئون الأفغان للعودة إلى بلادهم، ويرون أن الخروج من باكستان لا مناص منه بسبب التشديدات الأخيرة التي يتعرّضون لها، هناك شاب أرغمه سوء الأحوال المعيشية والبطالة على التوجه إلى باكستان، متغاضياً عن مضايقات الشرطة الباكستانية والمشاكل الحدودية عند العبور.
نعیم جان (18 عاماً)، من سكان إقليم ننجرهار المجاور للحدود الباكستانية في شرق أفغانستان، حاول كثيراً أن يجد عملاً كي يساعد عائلته ولكنه فشل. كان يعمل في إحدى الحافلات، يجمع ثمن الرحلة من الركاب، وكان يكسب يومياً 300 روبية باكستانية (ما زالت العملة الرائجة في شرق أفغانستان)، وهو ما يعادل ثلاثة دولارات.
يقول نعيم: "مارست أعمالاً كثيرة وكلها كانت شاقة ومتعبة. كنت أشتغل طيلة النهار مقابل مبلغ زهيد. لكن قبل فترة وصل خالي محمد حنيف إلى أفغانستان وشكت له أمي حالي، فطلب مني أن أرافقه وأعمل هناك".
وصل نعيم إلى باكستان مع خاله بعد أن اقترض منه مبلغاً لأجل إنهاء إجراءات جواز السفر والتأشيرة وشراء بعض الحاجيات. ومع أن الوالدة عادت وأصرّت عليه بالبقاء لكنه آثر الغربة لمساعدة العائلة.
يشتغل جان اليوم مع خاله الذي يملك جراراً زراعياً. العمل ليس شاقاً والخال يوفر له ما يحتاج إليه، ويعطيه 500 روبية (نحو خمسة دولارات) في اليوم. يصرف جزءاً يسيراً منها ويدخّر معظمها لمساعدة أهله.
نعيم ليس الكافل الوحيد لأسرته، بل يساهم معه في ذلك شقيقه البكر مرجان، الذي يعمل في القرية. يتحدث نعيم عن عائلته: "نحن خمسة إخوة. مرجان يعمل في القرية. أما الإخوة الثلاثة الآخرون فكلهم صغار وما زالوا في المدرسة. العائلة تحتاج إلى أن أعمل وأرسل لها مما أكسبه".
توفي الوالد، حاجي سخي جان، قبل أربعة أعوام بالسرطان. مرض الوالد ثم وفاته رتّبا كلفة عالية على العائلة ووضعاها تحت وطأة الديون خلال الأعوام الأربعة الأخيرة. عن ذلك، يقول نعيم: "كنا في حالة مادية مقبولة قبل أربعة أعوام. كان أبي مزارعاً ويكفي أسرته لكنه أصيب بسرطان الكبد. منذ ذلك الوقت فقدنا كل شيء وأضحت أسرتنا تحت وطأة الديون، وإلى الآن لم نتمكن من التخلص من وضعنا المادي السيئ".
الهدف الذي لم يحققه نعيم وأخوه البكر مرجان كان التعليم. لم يحصل هذا الأمر ليس فقط لأن الحالة المعيشية للأسرة لم تكن تسمح بذلك، بل أيضاً لأنه لم يرغب بذلك وقتها. اليوم، وبعد أن ذاق مرارة الحياة، يتمنى نعيم الدراسة، لأنه يرى أن المتعلمين "يتمتعون بحياة مقبولة". يبقى أن كل ما يسعى إليه اليوم هو أن يجمع المال وأن يتمكن من شراء جرار زراعي يعمل عليه في قريته قريباً من الأسرة.