نعومة دانية في أخشن رياضة

غزة

إيمان عبد الكريم

avata
إيمان عبد الكريم
04 أكتوبر 2016
2191CD04-6B43-4CBD-ADBB-AFBA8915350E
+ الخط -

قررت الطالبة الفلسطينية دانية المصري ملاحقة حلمها الرياضي حتى وإن واجهت المجتمع وبناه التقليدية في قطاع غزة. تؤمن بما تفعل وتطمح إلى العالمية.

النساء أصبحن ينافسن الرجال في شتى المجالات، وغزة ليست استثناءً. الفتيات في القطاع المحاصر يخضن كلّ التجارب التي كان أو ما زال يقال عنها: "للذكور فقط". فها هي دانية المصري (20 عاماً)، بدأت منذ أكثر من سنة تمارس رياضة رفع الأثقال في أحد نوادي مدينة غزة، ولا تبالي كثيراً بعادات المجتمع وتقاليده المحافظة.

قبل عامين، قررت دانية المصري وشقيقتها الانتقال من دولة الإمارات العربية المتحدة للعيش في غزة بهدف الدراسة في جامعات الوطن. دانية التي عاشت سنوات حياتها في الخارج، لم تعتقد أن هناك مجالات ممنوعة على الفتاة في غزة بحكم العادات والتقاليد.

بدأت مسيرتها الرياضية في عمر صغير، كما تقول لـ"العربي الجديد": "في السادسة بدأت لعب الجمباز والسباحة. وفي المرحلة الإعدادية، شاركت في سباقات للركض على مستوى مدارس دولة الإمارات وحصلت على المراكز الأولى في كثير منها، وفزت بالعديد من الميداليات وشهادات التفوق والتميُّز. وكنت دائماً فخورة بإنجازاتي الشخصية التي تكبر يوماً بعد يوم".

تتابع: "عندما بدأت دراستي الجامعية، جهزت غرفة رياضية صغيرة في منزلي فيها بعض الأوزان والأدوات الرياضية التي جلبتها من الخارج، وبعد فترة التحقت بنادٍ رياضي وبدأت ممارسة تمارين التحمّل مع رفع الأثقال بأوزان أكبر من الموجودة في المنزل".

ترى دانية أنّ قضاء ساعتين في النادي يساهم في حفظ صحة الإنسان، ويبعث على الراحة النفسية. وهو متنفس نادر في غزة يعطي المرء جواً مختلفاً عن متاعب المدينة المحاصرة المليئة وصعوباتها. تقول: "أهرب من مشاكل انقطاع التيار الكهربائي، وضيق الحياة في مدينة مثقلة بالهموم إلى النادي. أستمتع بساعتين من التمارين التي تمنحني الأوكسجين اللازم لأتنفس حريتي وأمارس ما أحب بكلّ راحة وسعادة. كذلك، فإنّ اختلاطي مع مجتمع من الرياضيين والرياضيات يعطيني الأمل والدافع اللازم لأطور من خبراتي ومهاراتي، كي أستمر في ما أحب من دون توقف أو إحباط".

لا تهتمّ كثيراً بنظرة المجتمع (إيمان عبد الكريم) 


ترتدي المصري بدلتها الرياضية السوداء والحجاب الأبيض على رأسها. تحمل الأوزان الثقيلة بكل حرفية وقوة. تقول: "تعلمت من شقيقي الأكبر ممارسة هذا النوع من الرياضة، وهو من شجعني وجعلني أحب ممارستها، فهو بطل في رياضة الملاكمة، وفاز بالكثير من البطولات على مستوى الإمارات والأردن. أتواصل معه يومياً عبر الانترنت، كي أستمع إلى نصائحه وإرشاداته فأطور من قدراتي ومهاراتي. وهو بدوره لم يبخل عليّ أبداً طوال مسيرتي الرياضية، وأعطاني كلّ الاهتمام اللازم كي يساعدني في تحقيق أحلامي وطموحاتي".

تدرس المصري في إحدى جامعات غزة اختصاص العلاج الطبيعي. تقول إنّ هذا الاختصاص يفيدها جداً في ممارستها رياضة رفع الأثقال. فقبل البدء في التمرين، تجري عمليات إحماء وتجهيز للعضلات، ما يمكّنها من أداء الحركات بتركيز وبطريقة سليمة حتى لا يتعرض جسمها لأيّ ضرر. تجمع في ذلك، بحسب قولها، بين المعرفة العلمية والنظرية وبين الخبرة العملية، كي تستطيع الحفاظ على عضلاتها وجسدها، وممارسة التمارين بإتقان وأمان.

تستفيد المصري من الدروس المتاحة عبر "يوتيوب"، فهي تتابع تمارين ودروساً في رفع الأثقال وكمال الأجسام لأمهر الرياضيين على مستوى العالم، وذلك بالنسبة لها يلبي شغفها وطموحها. تعلق: "طموحي لا حدّ له، وطالما أمتلك القدرة والرغبة والإصرار، سأستمر في العمل والكفاح حتى أصل إلى هدفي المنشود: العالمية".

تمارس المصري معظم تمارينها في "الجيم المصغر" في منزلها، الذي جهزته بإمكانياته البسيطة على نفقتها الخاصة. كذلك، تعدو صباحاً في شوارع المدينة، أو على شاطئ بحر غزة. تقول: "يستغرب كثير من الناس حولي كوني فتاة وأمارس تلك التمارين. الكثير من المقربين لي، خصوصاً الفتيات، يعتقدن أنّ هذه الرياضة للرجال فقط وهي تدل على خشونة المرأة إن مارستها، لكني لا أهتم بل أمارس قناعاتي كما أراها برضا من أهلي الداعمين الأكبر لي".

تطمح دانية إلى أن تصبح هذه الرياضة أمراً اعتيادياً منتشراً بين أوساط الفتيات، فكثيراً ما ترى الدافع والرغبة لدى بعض صديقاتها أو زميلاتها في الجامعة، كي يمارسن هذه الرياضة. منهن من يمارسنها بخجل وخوف، ومنهن من لم تتمكن من ذلك أبداً بسبب منع الأهل لهن. يعتبرنها قدوة ونموذجاً للإصرار والعزيمة، والانطلاق في رحلة تحقيق الذات.

تحلم المصري أن تمثل فلسطين في المسابقات العربية والدولية، وأن تحقق لقباً عالمياً "سيأتي حتماً".

ذات صلة

الصورة
جنود الاحتلال قرب مقر أونروا في غزة بعد إخلائه، 8 فبراير 2024 (فرانس برس)

سياسة

أقر الكنيست الإسرائيلي، مساء اليوم الاثنين، تشريعاً يحظر عمر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) داخل الأراضي المحتلة.
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
الصورة
مسيرة في شوارع واشنطن بالأكفان من أجل النساء في غزة - 17 - 10 - 2024

مجتمع

شهدت واشنطن موكباً جنائزياً ومسيرة تضامنية مع النساء في غزة، جابت شوارع العاصمة وصولاً إلى البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية
الصورة
عماد أبو طعيمة لاعب فلسطيني استشهد في غزة 15/10/2024 (إكس)

رياضة

استشهد لاعب نادي اتحاد خانيونس، عماد أبو طعيمة (21 عاماً)، أفضل لاعب فلسطيني شاب في بطولة فلسطين للشباب 2022، وذلك في قصف إسرائيلي جنوبي قطاع غزة.