لم تكن نسرين الخواجا تعلم أنها ستدخل حيز الشهرة في فئة الشباب من أوسع أبوابها. لم تكن تعلم أن صورة صديقتها، التي رسمتها لأول مرة، ونشرتها على صفحتها الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ستجلب لها الحظ، وستصبح رسّامة بورتريه، يتردد اسمها بين الشبان والشابات الفلسطينيين. ولم تكن تعلم أن رسم البورتريه سيتحول الى مهنة، ومصدر رزق وأساس لتحقيق أحلام لم تكن تتوقع في السابق أنها ستحققها فعلاً.
لمسة خاصة
اتخذت نسرين الخواجا، ابنة قرية نعلين، غرب مدينة رام الله، من رسم البورتريه مهنة لها بدلاً من تصميم الديكور الذي درسته في إحدى الكليات التعليمية المتوسطة بمدينة رام الله. وتقول لـ "العربي الجديد": "حصلت على دبلوم في هندسة الديكور، لكنني لم أعمل في هذا التخصص ولن أعمل به، حلم حياتي أن أكون رسّامة ومصممة أزياء حيث إنني أدرس فن الأزياء والخياطة، ولدي إصرار على أن أستمر في العمل في المجالين مستقبلاً، رغم أنني أصمم الأزياء منذ أن كنت في الحادية عشرة من عمري".
تقول الخواجا: "كنت أرى الرسومات على الفيسبوك، ولكني لم أكن أتوقع أنني من الممكن أن أتقن الرسم وخاصة البورتريه، لأنه يتطلب دقة عالية. وفي كل مرة أرسم فيها شخصاً أو صورةً أترك شيئاً ناقصاً في اللوحة، مثل هذه الرسمة التي بين يدي، فإنني مثلاً لم أكمل رسم الكوفية. وقد تركت في رسمات أخرى قبّة قميص أحدهم، دون أن أكملها. وقمت أكثر من مرة بتغيير لون العينين، فتكون إحداها واضحة أكثر من الأخرى، وهذا نهج لي اتخذته منذ البدايات، وأشعر هنا أن لي خصوصية في لوحاتي تتجسّد بترك جزء منها غير مرسوم بشكل مقصود، كلمسة فنية خاصة".
وتكمل الخواجا: "أكثر ما يُسعدني هو أن يُرسل لي أشخاص عبر صفحتي عبر فيسبوك صورهم كي أقوم برسمها، حيث إن سعر رسم الصورة يتراوح بين 50 دولاراً و150 دولاراً، وهذا يعتمد على حجمها والقلم المستخدم في الرسم، حيث إنني أرسم في الغالب بأقلام الرصاص والفحم".
يعود رسم البورتريه إلى مئات السنين، حيث يعتبره الرسامون مهنة يعيشون منها مادياً، وتجدهم يتجولون في رام الله وبعضهم يتخذ من زوايا المدينة مركزاً لهم، يعرضون فيه رسوماتهم أمام المارة. إلا أن الخواجا قد اتخذت من غرفتها الصغيرة في بيتها ركنا لها، ومكان انطلاق عملها في الرسم وكذلك في تصميم الملابس.
تقول الخواجا: "عملت في تصميم الملابس، وأتدرب في الوقت الحالي على خياطة ما أقوم بتصميمه، إنه مجال رائع ولا أستطيع أن أفصله عن الرسم، باعتباره تصميماً وفناً".
الربط بين الرسم والتصميم
وتضيف الخواجا: "عملت معرضاً للوحاتي التي قمت برسمها. وقد لاقى المعرض إعجاب الحضور، حتى أن أمي شجعتني على الاكتفاء بمهنة تصميم الملابس وخياطتها، إلا أنني أرفض ذلك بشدّة، وأربط بين الرسم والتصميم، وأحلم بالعالمية بأن يكون لدي متجر صغير أمارس فيه الرسم والتصميم والخياطة".
وتقول الخواجا عن بداياتها: "تدربت لوحدي على الرسم، وسجنت نفسي داخل غرفتي إلى أن أتقنته، وفجأة دخلت أمي إلى غرفتي فوجدت رسوماتي على الحائط، كأنها معرض لفنان. لم تكن أمي تعلم أنني أرسم، فكل ما تعرفه أنني أصمم الأزياء، وقتها أدركت أمي بأنني رسامة، وبأنني أتجه لاتخاذ الرسم مهنة لي".
تعرّف نسرين الخواجا نفسها بأنها مصممة أزياء، وبأن هذه مهنتها. وقد تطورت هواية الرسم بشكل منافس للمهنة الأولى. لكن لا تريد الشابة، التي لم تبلغ بعد الـ 22 عاماً، أن تفصل مهنة تصميم الأزياء عن هواية الرسم، حيث إنها ترى أنّ الرسم والتصميم، كل منهما يكمل الآخر.
وتضيف الخواجا: "الرسم فن رائع وجميل، وبحاجة إلى الدعم والمساندة، كأي فن متطور. خاصة في ظل وجود وسائل التكنولوجيا المتطورة، حيث إن هناك عدة برامج على الإنترنت تحوّل الصور العادية إلى رسومات، إلا أن الرسم بالرصاص والفحم سيبقى الأهم والأوسع انتشاراً رغم أنه مكلف ماديا".