نساء كاظم

22 اغسطس 2015
زيديني عشقاً (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

"سلامٌ على شامةٍ في ذراعك". يقولها كاظم الساهر وتبحث النساء عن شامات في أذرعهن. والويلُ لمن تحمل شامة في مكان آخر. ربما تخسر فرصتها أو قصيدة أو مجرد بيت شعر. تكادُ كلّ امرأة بين الحضور تظن أن الأغنية لها وحدها، وكاظم يخصها بها. تُصدّق الوهم لأنها تحتاجه. وفي كل مرة تخونها قواها، ستتذكر أنه خصّها بكلام جميل في إحدى الليالي. وكلمات كهذه تضيع في أغنية.

تستعدّ بعض النساء كثيراً قبل الحفل. كاظم الآتي إليهن ببدلة أنيقة، لا بد أن يقابلنه بأجمل ما لديهن. هذه الليلة ليست مجرد حفلة غنائية لمطرب مشهور، بل ليلتهن مع رجل لن يبخل عليهن بليلة من ألف ليلة. ألم يقل لهن سأدللكن؟ كأنهن يقبلن أن يتشاركن حبّه. المهم أن يحبهن. فستان أو كعب عالٍ أو سروال قصير أو بنطال مع بلوزة شفافة. عيون مكحّلة وماكرة تود أن تلتقي بعينيه. ليس هو الحلم بحد ذاته، بل ذلك الذي صنعه على مرّ السنوات مستعيناً بشاعر المرأة نزار قباني، كما وصف.

أغنياته تجعل منهن نساء جميلات وعاشقات وعشيقات وخاضعات أحياناً. كأنهن لا يمانعن التنازل عن حقوقهن لساعات أو أكثر، في مقابل الكلام الجميل، أو الدلال. يكفي أن يغني: "زيديني عشقاً زيديني يا أحلى نوبات جنوني"، حتى يسألن عن رجل الأحلام هذا. أين هو؟ ينسين أنه يقول هذه الكلمات على المسرح. والأخير لا يعكس الواقع فقط من دون تضخيمه عادة. في لحظات ربما، قد يعزف رجل على أصابعهن، أو يغفو على كلماتهن، أو يصنع غطاء وسادته من ثيابها التي تحمل رائحتها. صلاحية الخيال مطلقة. لكنها مجرد لحظات، مدتها أقل من حفلة غنائية.

يقول إن أمه تريد عروساً ويقبلن. أو يشتري لها ذهباً، ويبحث عن الخاتم الأجمل. هنا لا ينتفضن لحقوقهن. بل يتمايلن مع الموسيقى، ويرفعن أيديهن إلى الأعلى. هذه تريد خاتماً، وتلك تظهر شامتها. كأنهن لا يسمعن كل ما يقوله. هو رجل يعرف أن يحب المرأة. هذا ظنهم فيه. وعدد منهن يرغبن في أن يكن نساء محبوبات إلى هذه الدرجة، حد الخيال.

خلال حفلة، سيصرن الأجمل. كل شيء على ما يرام. جميعهن يقلن: "أنا الأجمل. أنا التي أحب أن أشرب القهوة في الصباح مع حبتي تمر. أنا التي لن أُسأل إن كنت قد أطفأت الأنوار قبل النوم توفيراً لفاتورة الكهرباء. وإذا ما أطفأناها، سيكون ذلك بدافع الرقص من دون تطفل".
هن حالمات واليوميات ثقيلة. لو لم يكبرن، لبقين حالمات، وإن لم يصرن نساء من اللواتي تكتب لهن الأغنيات.

اقرأ أيضاً: حياة في مذياع
المساهمون