نساء تونس يقتنصن الرزق في رمضان

21 مايو 2018
شهر رمضان موسما لتوفير فرص عمل(فرانس برس)
+ الخط -
يعتبر شهر رمضان بالنسبة للسيدة منجية عمدوني موسم ذروة نشاطها في مجال بيع الأطعمة الشعبية التونسية، فهي تبدأ نهارها منذ الخامسة صباحا، ولا تنتهي من عملها إلا في ساعة متأخرة من الليل حتى تتمكن من توفير كافة الطلبيات لزبائنها الذين يترددون على بيتها هذه الأيام بكثافة، لتسلّم طلبيات أكلات النواصر والحلالم (معجنات تقليدية يدوية) والبسيسة (بودرة تصنع من البقوليات تستهلك في إفطار رمضان).
تقول عمدوني (56 عاما) لـ"العربي الجديد" إن نشاطها في شهر رمضان يتضاعف عشرات المرات مقابل بقية أشهر السنة، مؤكدة أن صناعة المعجنات التقليدية وباقي مستلزمات شهر الصيام توفر لها دخلا محترما، يمكنها من توفير مصاريف 3 من أبنائها يدرسون في الجامعات والمساهمة في النفقات المنزلية.

وتعتبر عمدوني أن إتقانها لعملها و"الصنعة" التي ورثتها عن والدتها فتح باب رزق لها ولبعض من جاراتها اللاتي تستعين بهن ظرفيا لاستكمال طلبياتها في التوقيت المحدد، مشيرة إلى أنها تنوي تحويل جزء من نشاطها نحو إعداد الحلويات التقليدية بداية من النصف الثاني من شهر رمضان، حسب قولها.
وتؤكد السيدة الخمسينية أن دخلها اليومي خلال هذه الفترة لا يقل عن 250 دينارا أي نحو 104 دولارات تكسبها بفضل ثقة زبائنها في جودة منتجاتها.

ويعد شهر رمضان موسما لتوفير فرص عمل تحد من البطالة المتفاقمة التي يعاني منها التونسيون، وحسب إحصائيات رسمية، أفرزت نتائج المسح الوطني حول السكان والتشغيل للربع الأول من سنة 2018 أن عدد العاطلين عن العمل بلغ 634.2 ألفا من مجموع السكان النشيطين مقابل 639 ألف عاطل عن العمل تم تسجيله خلال الربع الأخير لسنة 2017.

وتقدر نسبة البطالة الحالية في تونس بـ15.4% خلال الربع الأول من العام الحالي مقابل 15.5% خلال الربع الأخير من سنة 2017. ويشير المسح إلى أنه خلال الربع الأخير من العام الماضي بلغت نسبة البطالة في صفوف الذكور نحو 12.5 %، مقابل و22.9 % لدى الإناث.

وينطوي العمل النسوي في الاقتصاد غير المنظم بحسب دراسة للقسم الاجتماعي للاتحاد العام التونسي للشعل على معضلات من بينها انعدام التغطية الاجتماعية إذ تشير الدراسة إلى أن حوالى 60% من النساء يتكفلن بالعلاج على حسابهن الخاص أو على حساب أزواجهن، ولا تتجاوز نسبة اللاتي يتمتعن ببطاقة العلاجي المجاني (الدفتر الأبيض) نسبة 11,7 %.
وإزاء ارتفاع نسبة البطالة في صفوفهن تجد النساء في تونس ضالتهمن في أشكال مختلفة من العمل بالقطاعات غير المنظمة رغم هشاشتها وصعوباتها وتغيرها حسب المواسم.

ولموائد رمضان خصوصيات تجعل التونسيين أكثر تصالحا مع مطبخهم التقليدي وأكلاتهم الشعبية، ما يوفر لربات البيوت اللاتي يتقنّ إعداد المعجنات والأطباق القديمة مناخا خصبا لترويج منتجاتهن وقنص رزقهن من هذه المناسبات التي غالبا ما تمتد إلى أشهر الصيف مع عودة المغتربين وموسم الأعراس.
وبمناسبة شهر رمضان تنشط على شبكات التواصل الاجتماعي صفحات تعرض منتجات غذائية تقليدية تعدها ربات بيوت من محافظات مختلفة وبأسعار مغرية مقارنة بما يعرض في المحال التجارية.
ولا تملك الدوائر الحكومية ولا جمعيات نسوية إحصاءات عن عدد النساء اللاتي يشتغلن في هذه القطاعات، فيما تسعى وزارة المرأة إلى إيجاد خطوط تمويل لمساعدة هذا الصنف من النساء على بعث مشاريع تدار من بيوتهن وتمكين ربات الأسر اقتصاديا، ومساعدتهن على توفير مصادر دخل.
ووضعت وزارة المرأة والأسرة جملة من البرامج والخطط في مجال التمكين الاقتصادي للمرأة تشمل 5 آلاف امرأة لمرافقتهن في إنجاز مشاريعهن في أفق سنة 2020.

وتعد هذه النشاطات بحسب الخبير الاقتصادي محمد الظريف، نواة لمشاريع اقتصادية متناهية الصغر، مشيرا في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن المؤسسات الحكومية مطالبة بتأطير هذه المبادرات، ومساعدة النساء على تنميتها عبر توفير خطوط التمويل أو أسواق لترويج منتجاتهن في المسالك التجارية الرسمية.
وكشفت دراسة حول "قياس التمكين لفائدة النساء والشباب" صدرت مؤخراً، أن "مستوى التمكين الاقتصادي للمرأة التونسية داخل الأسرة ما يزال ضعيفا ومنقوصا، إذ أنها لا تأخذ القرار الأول في مسالة التحكم في مصاريف المنزل".

وأثبتت هذه الدراسة ضعف مستوى التمكين الاقتصادي لنحو 95 % من النساء المستجوبات اللاتي يعشن ضمن أسرة، ما يعني ضعف مستويات تأثيرها في أخذ القرارات الإنتاجية.


دلالات
المساهمون