نزوح وتعليم عن بعد في ليبيا

05 يونيو 2020
ماذا عن النازحين؟ (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -
أعلنت وزارة التعليم الليبية التابعة لحكومة الوفاق الوطني، إطلاق برامج تعليمية جديدة تعتمد على التكنولوجيا، وذلك بالتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، بهدف توسيع نطاق الاستفادة من التعلّم عن بُعد للأطفال الذين أُغلقت مدارسهم، في إجراء احترازي لمواجهة فيروس كورونا، وخصوصاً أن شريحة واسعة منهم باتوا منقطعين تماماً عن العملية التعليمية.

وبحسب الإحصائيات الحكوميّة، توقف أكثر من 1.3 مليون تلميذ يدرسون في مناطق خاضعة لسلطة حكومة الوفاق، عن الدراسة منذ إغلاق المدارس في 15 مارس/ آذار الماضي، ما دفع الوزارة إلى إطلاق برنامج التعليم عن بد عبر بثّ فيديوهات تعليمية، بحسب المقررات الدراسية المعتمدة على التلفزيون الرسمي. لكن يتساءل صالح الصويعي، الذي يقيم وأسرته النازحة في مركز إيواء في جامعة ناصر في العاصمة طرابلس: "ماذا عن أطفالي وأطفال أكثر من ستين أسرة تقيم في مركز الإيواء هنا؟". ويشير إلى أنه وآخرين اضطروا إلى الهرب من بيوتهم، من دون أن يأخذوا معهم أي شيء، وبالتالي هم لا يملكون جهاز تلفزيون وأشياء كثيرة أخرى.

لكن الوزارة أوضحت ما تتضمنه برامجها الجديدة من دون العمل على إيجاد حلول لأوضاع النازحين الاستثنائية، مشيرة إلى أن البرامج الجديدة التي طوّرَها خبراء التعليم الفنيون لدى يونيسف ووزارة التعليم، تركز على دعم منصات التعليم التي أُنشئت للتعلم عن بُعد، وتوفير الإمدادات الفنية مثل أجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية، والتواصل عبر الإنترنت وبناء قدرات المعلمين حول مجموعة من المواضيع، مثل الدعم النفسي الاجتماعي للأطفال، والتعليم التفاعلي في حالات الطوارئ، لضمان حصول جميع الأطفال على فرص عادلة وشاملة لمواصلة تعليمهم.



أضافت أن يونيسف تهدف أيضاً إلى دعم وزارة التعليم في إنتاج فيديوهات مصورة للمعلمين النموذجيين الذين يقدمون المواد الأساسية والرئيسية، مثل الرياضيات واللغة العربية والعلوم من الصف الأول وحتى الصف التاسع والصفوف الثانوية، مشيرة إلى أن هذه البرامج ستستهدف 500 ألف طفل.

ويقول الصويعي لـ"العربي الجديد": "إذا كانت السلطات تعرف أن عدد النازحين من بيوتهم هم 130 ألف شخص، فهي تعرف جيداً أن جلهم، إن لم نقل جميعهم، لا يملكون تلفزيونات ليتابعوا الدروس، فضلاً عن أن هذه البرامج تحتاج إلى كمبيوتر وإنترنت". ويشير إلى أنه وأربع أسر تشاركوا معاً لشراء تلفزيون حتى يتمكن أبناؤهم من متابعة الدروس عبر القناة الرسمية"، مؤكداً أن هذا الحل فشل بسبب عدم توافر الظروف المناسبة لتعلم الأطفال من جراء الازدحام وعدم قدرة أفراد الأسر على متابعة دروس أطفالها.

ويتحدّث الصويعي عن سلبيات مثل هذه البرامج المتطورة، قائلاً: "أعتقد أنها ستؤثّر سلباً بجودة المواد التعليمية". ولا يؤيد تركيز الجهود على مثل هذه البرامج المتطورة التي تحتاج إلى بيئة مستقرة غير متوافرة في ليبيا التي تعيش حرباً مستمرة وينقطع عنها الإنترنت لأيام أحياناً.

ويتحدث عن مبادرة أطلقتها أمهات معلمات في أحد مراكز الإيواء، من دون أن تنجح في جمع الأطفال لمتابعة دراستهم، عدا عن الفروقات العمرية، وبالتالي التعليمية، وعدم توافر المناخ المناسب للدراسة.



من جهته، يقول المتطوع في جمعية الإنسان الخيرية مصطفى الذيب، إنّ جمعيته وفرت ثلاثة أجهزة تلفزيون لعدد من العائلات النازحة التي تقيم في مدرسة لتعليم القرآن في مدينة الخمس (شرق طرابلس)، حُوّلت إلى مقر لإيواء النازحين، لكنه يشير إلى أن المقر يعاني مشكلة في الكهرباء. يضيف لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن وزارة التعليم تتحدث عن أطفال شعب آخر.

أليس هؤلاء الأطفال من بلدنا؟"، مشيراً إلى أن شركة الكهرباء، وعلى الرغم من النداءات، لم تعمل على إرجاع الكهرباء إلى المقر حتى الآن على الرغم من مرور عدة أيام". يتابع: "صحيح أن المحال مقفلة، ومنها تلك التي تبيع القرطاسية، إلا أننا وفرنا لهذه الأسر بعض الدفاتر والأقلام، لكنّ ظروف إقامتهم لا تساعد على الدراسة ومتابعة الدروس من خلال التلفزيون، إذا لم تتم العودة إلى المدارس". ويطالب الذيب الوزارة بضرورة وضع برامج خاصة لأطفال النازحين، لتدارك ما فاتهم من حصص دراسية، بحسب المقررات، وخصوصاً مع قرب انتهاء العام الدراسي.

المساهمون