يرتبط اسم هواري بعام النكبة في 1948، حين خرجت والدتها مع عمتها من قرية الكابري المهجرة إلى بيروت، وبقيت هناك حتى عام 1951. وسمّتها عند ولادتها عام 1960 على اسم صديقة تعرفت إليها في لبنان.
بدأت الناشطة النسوية نشاطها مع الحركة الطالبية العربية لفلسطينيي الداخل في الجامعة العبرية في القدس، وتضم سيرتها الذاتية 20 عاماً كعاملة اجتماعية، وعشر سنوات أخرى في مجال التربية الجنسية في جمعية المنتدى العربي للجنسانية، وهي تعيش في حيفا، ولديها ثلاثة أولاد.
توضح هواري: "أنا امرأة فلسطينية تعيش من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وطنياً وقومياً. أسعى لتفكيك البنى الاجتماعية التقليدية المكبلة بالأعراف منذ بدأت العمل النسائي في تسعينيات القرن الماضي، وفي الثامنة عشرة من عمري اكتشفت مصطلح النسوية الذي كان عالميا رغم أن الصراع النسوي لم يكن في القمة ولا من الأولويات. كنت وغيري من النساء العربيات نشارك يساريات إسرائيليات في النشاطات لتعزيز مكانة المرأة في الحيز العام، والدفاع عن حق المرأة العربية في التعليم والعمل".
ولفتت إلى أن "قضايا العنف ضد النساء لم تكن مطروحة في ذلك الوقت، ولا قضية الهوية الجنسية. فجميع تلك القضايا كانت تابوهات، واليوم بعد 40 عاماً انكسر بعضها، وحصل بعض التغيير والإنجازات ولكن لم يحدث تغيير بنيوي".
عن النساء اللواتي ألهمن هواري، تقول: "الملهمات بالنسبة إليّ هن النساء المغيبات عن المشهد، فلسطينيات الريف والنساء الموجودات في حيزهن الخاص ويحاولن الخروج إلى الحيز العام، وحضورهن ضئيل بسبب السياق الاجتماعي والسياسي الذي وجدن فيه. فجدتي لأمي هي ملهمتي الأولى في الفكر النسوي وكذلك جدتي لأبي وهي عائشة قدورة أصلها من مدينة صفدة ونقلت إلى ترشيحا، وكذلك والدتي وعماتي".
وتتابع: "نساء الريف هن المناضلات والمكافحات اللواتي عشن النكبة وما بعدها، وفترة الحكم العسكري أيضاً، وكان إصرارهن شديداً على البقاء في الأرض، وكن بمثابة الدرس الأول للأخريات، وأنا اليوم أقدم لهن التحية لأن التاريخ لم ينصفهن ولم يذكرهن بما يكفي، لأن التاريخ يكتبه الرجال".
عن وضع المرأة العربية عموماً وإنجازات الحراك النسائي الفلسطيني على مدى العقود الأربعة الأخيرة تقول هواري: "لن ننكر إنجازات الحراك النسائي الفلسطيني في مناطق 48 والضفة وفلسطين التاريخية، التي حصلت منذ 40 عاماً وحتى اليوم، منها التصدي للاعتداءات الجنسية ومواجهة العنف ضد النساء، وخروج المرأة من حيزها الخاص إلى العام في المجال الوظيفي وفي النشاطَين الاجتماعي والسياسي. لذلك، يتوجب علينا القيام بلحظة تأمل ووقفة انتقاد لمجمل الحراك، والبحث عن إجابة على السؤال: لماذا لم يتحول هذا الحراك إلى حركة نسوية، رغم محاولة تأسيس المنتدى الفلسطيني النسوي؟
عن النساء والتعليم، قالت هواري: "زاد عدد الأكاديميات في الجامعات اليوم بالمقارنة بأعدادهن خلال وجودي في الجامعة، إذ لم يتجاوز عددنا آنذاك أصابع اليد. كما خرجت النساء للسكن بعيداً عن البيت بهدف التعليم. ورغم أن مجتمعنا يتأرجح بين القمع والحريات الشخصية، إلا أن عدد النساء الحاصلات على لقب أكاديمي ثان وثالث ارتفع اليوم، وخاضت المرأة الفلسطينية مختلف المجالات المهنية، ولم تعد دراستها تقتصر على مجال الرعاية الصحية والتربية، وإنما نجد الفتيات اليوم في مجالات التكنولوجيا والعلوم".
وشبهت هواري تعليم المرأة وانخراطها في سوق العمل، بالحاجز الذي تعبر منه لكنها لا تلبث أن تعود إلى حيزها الخاص في النهاية. وتوضح: "أشبه الأمر بحاجز قلنديا للاحتلال يعبره الناس فيظنون أن الأمور انفرجت، وهكذا نجد قسماً كبيراً من نسائنا حتى الأكاديميات والمنخرطات في سوق العمل يعبرن نحو المجال العام، ولكن يرجعن من الحاجز نفسه إلى حيزهن الخاص".
عن التربية الجنسية تقول هواري: "هي موضوع موجود في حياتنا من المهد إلى اللحد، وأحياناً لا نلمس وجوده مباشرة كونه متعلقاً بجسد النساء. والمؤسسات التربوية تطرح على الطلاب مواضيع مرتبطة بالتربية الجنسية وكذلك الأهالي، لكن السؤال اليوم: كيف نعلم التربية الجنسية ونثقف الطلاب عموماً؟ مع العلم أن الطلب كبير في هذا المجال والجميع معني به من مراهقين وتربويين وأهالٍ".
وأضافت: "المخاوف لدى المؤسسات التربوية قائمة وعدم وضوح الرؤية أيضاً، فهل تعتمد التوعية بشأن التربية الجنسية كجزء من برنامج التدريس مثل بقية المواد الأخرى، أم تقصره على المناسبات مثل أسبوع الصحة؟ مع العلم أن الأهل يدركون أن اتصال الأبناء عبر هواتفهم الذكية يتيح لهم المعلومة، والتي تكون خاطئة أحياناً، وترسخ دونية المرأة في الأذهان".