نتنياهو يريد استغلال الدعم الأميركي المطلق في حساباته الداخلية

وكالعادة أشاد نتنياهو بعمق العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة معتبراً أن "اختيار مايك بومبيو أن تشمل رحلته الأولى خارج الولايات المتحدة بصفته وزيراً للخارجية إسرائيل دليل على متانة العلاقة بين الطرفين". واكتفى ديوان نتنياهو بالتصريح أن "بومبيو أبلغ نتنياهو في مستهل اللقاء: أنتم شركاء لا مثيل لهم من حيث الأهمية، وأحتفظ بمكانة خاصة لكم في قلبي".

وفي ملف نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، أبدى بومبيو سروره بأن "نفتتح السفارة الأميركية بالقدس في 14 مايو/أيار المقبل". وأضاف في ختام لقائه برئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو: "نحن نقف مع إسرائيل في صراعها ضد إيران، إذا كان من غير الممكن تعديل الاتفاق النووي فسننسحب منه". وتابع "إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها. أنشطة إيران في المنطقة تقلقنا وسندعم إسرائيل في مواجهتها". وكان بومبيو التقى برئيس حكومة الاحتلال آتياً من السعودية، حيث أجرى لقاءات مع المسؤولين هناك. أما نتنياهو فاعتبر أن "على إيران أن توقف سعيها لامتلاك سلاح نووي".

" أبدى بومبيو سروره بأن (نفتتح السفارة الأميركية بالقدس في 14 مايو) "

وجاء لقاء نتنياهو وبومبيو، في وقت رصد فيه عدد من المراسلين السياسيين في إسرائيل تغييرات في لهجة نتنياهو ومواقفه المعلنة، تناقض ما وصفه هؤلاء بالخط التقليدي لنتنياهو الذي اتسم طيلة سنوات حكمه بالابتعاد عن التصعيد العسكري وعن خوض حروب وحملات عسكرية.

وفي هذا السياق برز مثلا ما قاله المراسل العسكري لصحيفة هآرتس، عاموس هرئيل قبل يومين، حين اعتبر أنه "من الملاحظ أن نتنياهو يبدي في الفترة الأخيرة جرأة غير مسبوقة ولا هي مألوفة لديه، ناهيك عن أن مواقفه الأخيرة مدعومة من قيادات في الجيش".


وأشار هرئيل في هذا السياق إلى "حالة تماهٍ في التقديرات والمواقف بين المستويين السياسي والعسكري في كل ما يتعلق بالمواقف الإسرائيلية المعلنة من الوجود الإيراني في سورية". ولم يسقط من تحليلاته أن "يكون هذا التغيير في لهجة نتنياهو جزءاً من محاولة لكسب أوراق للمساومة في المستقبل للتأثير على أي اتفاق يمكن أن يتوصل إليه الطرفان الأميركي والروسي في سورية، وبضمنه مسألة مطلب إسرائيل إخراج القوات الإيرانية من سورية".

" أنشطة إيران في المنطقة تقلقنا وسندعم إسرائيل في مواجهتها "

في المقابل كان بن كاسبيت، في "معاريف" أكثر وضوحاً في محاولاته قراءة التغيير في لهجة نتنياهو، وهو نسب ذلك إلى "احتمال كون نتنياهو يتحدث بفعل التأييد الأميركي لمواقفه بفعل التغيير الحاصل في الإدارة الأميركية، ووصول كل من بومبيو وجون بولتون لمواقع مؤثرة في الإدارة الأميركية". لكنه مع ذلك نزع إلى القول إن "تصعيد نتنياهو للهجته بشأن كل ما يتعلق بإيران ووجودها في سورية، لا يخلو من حساباته الداخلية، خصوصاً ما يتعلق منها بملفات الفساد ضده، واحتمال اتجاه نتنياهو إلى تحضير الأرضية في إسرائيل لانتخابات مبكرة. بالتالي فإن رفع سقف الخطاب وتصعيد اللهجة ضد إيران وسورية يخدمان فرص نتنياهو في تثبيت خطاب سياسي وأمني في المعركة الانتخابية، بدرجة تطغى على احتمال تركيز خصومه على ملفات الفساد ضده". ولفت بن كاسبيت مثلاً إلى أنه "حتى لو تمكنت إسرائيل من إخراج قوات إيرانية ومليشيات حليفة لها في سورية، إلا أن هذه القوات ستعود إلى سورية بعد انقشاع غبار المعارك"، مبيناً أن "إسرائيل لن تتمكن من منع عودة هذه القوات سواء الإيرانية النظامية أم قوات لمليشيات تابعة لإيران إلى سورية". وقد رصد المحلل العسكري في "معاريف" أيضاً، ألون بن دافيد، التصعيد في لهجة نتنياهو ضد إيران في سورية من دون أن يبدي بدوره تفسيراً قاطعاً لها"، لكنه اعتبر أنها "تشير إلى تغيير ما يحدث لدى نتنياهو".



إلى ذلك فإن زيارة بومبيو لتل أبيب ولقاءه بنتنياهو جاءا عشية عودة الكنيست لمزاولة عمله، مما منح نتنياهو فرصة ممتازة للإشادة والمفاخرة خلال بيانه السياسي، الذي يفترض به إلقاؤه مع افتتاح الدورة الصيفية، اليوم الاثنين، مدعياً "إنجازات لسياسته الخارجية" والادعاء مجدداً أن "إسرائيل ليست معزولة سياسياً". كما يكرر نتنياهو لازمة "التعاون والمصالح المشتركة مع دول المحور السني المعتدل". وستغذي تصريحات وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير الأخيرة، بشأن كون "إيران تشكل مصدر خطر لاستقرار المنطقة"، تصريحات نتنياهو هذه، للدلالة على صحة خطه السياسي في مواجهة الوهن والخوف الذي تبديه المعارضة الإسرائيلية.

" واشنطن لن تغض الطرف عن أنشطة إيران الإرهابية في المنطقة "

ويبدو أن نتنياهو الذي يسعى لافتعال أزمة ائتلافية جديدة، بشأن صلاحيات محكمة العدل العليا الإسرائيلية في إلغاء ورفض قوانين غير ديمقراطية، يأمل بأن يتمكن من الوصول إلى معركة انتخابية في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وهو في أوج التأييد الشعبي له وعلى خلفية التصعيد المحتمل في الجبهة الشمالية مع سورية والتصعيد على حدود قطاع غزة، ليضمن له معركة انتخابية مريحة.

أما فيما يتعلق بآفاق العمل العسكري أو التصعيد المحتمل، فيرى المراقبون أن "مثل هذا التصعيد لا يزال غير حتمي". ويشير عدد منهم إلى أن "محافل في المؤسسة الأمنية وفي الجيش الإسرائيلي لا تزال ترى أن هناك هامشاً واسعاً للمناورة، حتى عبر شن عمليات محددة، قبل الوصول إلى حالة مواجهة عسكرية شاملة بين إسرائيل وإيران على الأرض السورية".

وكان بومبيو، قد عقد أمس الأحد، مؤتمراً صحافياً مع نظيره السعودي، عادل الجبير، في الرياض، اعتبر فيه أن "واشنطن لن تغض الطرف عن أنشطة إيران الإرهابية في المنطقة"، مشيراً إلى أن "إيران تزعزع أمن المنطقة وأن أمن السعودية أولوية للولايات المتحدة". وأضاف أن "إيران تزعزع أمن المنطقة برمتها من خلال دعم مليشيات الحوثي ومدها بالسلاح في اليمن والتي تهدد بدورها الملاحة البحرية، وتطلق الصواريخ على الأراضي السعودية". وقال بومبيو إن "هناك توافقاً أميركياً سعودياً على أهمية الحل السياسي للأزمة في اليمن".