لا يخرج ما أسفر عنه لقاء البيت الأبيض، بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن مسار الفشل والإخفاقات المتتالية، والذي وسم تجربة الإدارة الأميركية الجديدة في أيامها القليلة الأولى في الحكم.
الإرباك والتخبط اللذان أصابا فريق ترامب، بعد الفشل في تنفيذ مرسوم حظر دخول رعايا سبع دول إسلامية إلى الولايات المتحدة، وزلزال استقالة مستشار الأمن القومي مايكل فلين، واضطرار مرشح الرئيس لتولي وزارة العمل، إلى الانسحاب بسبب رفض الكونغرس المصادقة على تعيينه، طغت على المؤتمر الصحافي الذي عقده نتنياهو وترامب عقب محادثاتهما، على الرغم من الكلام الضبابي عن الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واستبعاد حل الدولتين، وطموح الرئيس الأميركي إلى التوصل لاتفاق تاريخي بين إسرائيل والفلسطينيين.
وبدا واضحاً أن نتنياهو، والذي فقد صديقاً وداعماً قوياً لمواقفه المتطرفة من "الإسلام الراديكالي"، وكذلك من أجندته التصعيدية ضد إيران بغياب فلين المفاجئ، حاول تقليل الخسائر السياسية واستغلال إرباك إدارة ترامب، وفقدانها أي رؤية أو خطة واضحة لكيفية التعامل مع عملية السلام في الشرق الأوسط، فاستعاد خطابه الممجوج عن تحميل الفلسطينيين مسؤولية تعثر الوصول إلى تسوية، ومطالبتهم بالاعتراف بيهودية إسرائيل، والمناورة بالحديث عن إمكانية التفاهم مع الدول العربية لمواجهة الخطر الإيراني.
في المحصلة، لم ينل نتنياهو مراده بالحصول على موقف أميركي واضح وصريح ينعى حل الدولتين إلى الأبد، كما يريد حلفاؤه في الائتلاف اليميني المتطرف الحاكم في إسرائيل، ولم يحظى بجائزة أميركية تحسّن جزءاً من صورته المشوهة أمام الرأي العام الإسرائيلي، قد تنقذه من الغرق في قضايا الفساد التي تنظر فيها المحاكم الإسرائيلية.
أما ترامب، والذي يواجه تحديات داخلية أخطر بكثير مما يواجه صديقه الإسرائيلي، فقد اختار الاستعانة بخطاب عام وضبابي حول العلاقات التاريخية بين واشنطن وتل أبيب، وعلى غرار من سبقه من الرؤساء الأميركيين، جدد الالتزام بأمن إسرائيل، وأن التحالف الأميركي مع الدولة العبرية سيبلغ في عهده ما لم يبلغه في العهود السابقة.
لكن الرئيس الأميركي بدا متصالحاً مع ضعف إدارته المتخبطة بأزماتها الداخلية، وغير القادرة على اتخاذ مواقف حاسمة في قضايا مصيرية، كمسألة الصراع العربي الإسرائيلي، فلم يتجرأ على إعلان مواقف جديدة بشأن وعوده التي كان قد قدمها لحكومة نتنياهو، بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، ونال على ضوء تلك الوعود أصوات اليهود الأرثوذكس في الولايات المتحدة، خلال الانتخابات الرئاسية.
ترامب المحاصر سياسياً وقضائياً، والذي يخوض مواجهة شعواء مع أجهزة الاستخبارات الأميركية التي تحقق بعلاقات مساعديه مع أجهزة الاستخبارات الروسية، يدرك تماماً أنه حالياً ليس في موقع يسمح له بإطلاق مبادرات تاريخية لإحلال السلام في الشرق الأوسط، في حين يتزايد أعضاء الكونغرس المطالبون بإجراء تحقيقات حول تورطه شخصياً بعلاقات مشبوهة مع موسكو، بعدما ثبت اختراق أجهزة الاستخبارات الروسية عدداً من مساعديه المقربين.