ناندا محمد: بورتريه فنانة سورية دفعت ثمن دعمها الثورة

28 يوليو 2014
خلال تصوير أحد أدوارها
+ الخط -
الممثلة والمسرحية السورية ناندا محمد واحدة من فنانين ومبدعين سوريين غادروا بلدهم مجبرين، بسبب مساءلات ومضايقات سبّبها لهم أزلام النظام السوري وشبّيحته. هكذا دفعوا فاتورة وقوفهم إلى جانب شعبهم، ومناصرتهم العلنية للثورة السورية.

هي خرّيجة المعهد العالي للفنون المسرحية في العام 2001. غادرت سورية للالتحاق بزوجها الفنان المصري وعازف الكمان محمد سامي. في زيارتها الأخيرة إلى سورية في العام 2012 أوقفها جهاز أمنيّ وحقّق معها، ومنعها من السفر. وبعد محاولات عدّة حصلت على إذن بالسفر لمرّة واحدة، فغادرت. 

تركت ناندا أثراً في أذهان المشاهدين منذ بداية ظهورها في مسلسل "عصيّ الدمع" أمام كاميرا المخرج السوري حاتم علي. ورغم قلّة عدد مشاهد الشخصية التي لعبتها، استطاعت أن تحقّق حضوراً مميزا في أداء احترافي لا يخلو من الجرأة لشخصية فتاة غيورة تحلم بالزواج. دور وضعها في مرتبة متقدّمة بين أبناء جيلها من خرّيجي المعهد العالي.

عملت منذ تخرجها حتّى الآن في عدد من المسرحيات مع مخرجين سوريين وعرب وأجانب. من أهم المسرحيات التي شاركت فيها بسوريا: "أحلام شقية"، إخراج نائلة الأطرش، و"مونودراما امرأة وحيدة"، إخراج أمل عمران، وعُرِضَت في دمشق وباريس، و"جلجامش"، إخراج الفرنسية كاترين شوب وعُرِضَت في سوريا، تونس، اليمن، وفرنسا، و"المرود والمكحلة"، إخراج عمر أبو سعدة.

أما خارج سورية فشاركت في عرض "ألف ليلة وليلة"، إخراج الإنكليزي تيم سابل، وعُرِضَت في كندا وفي مهرجان أدنبرة المسرحي العام 2011، و"سرداب فينوس" و"سيك تو سيك"، إخراج  الدنمركي نوللو فاتشيني، وعُرِضَا في الدانمارك.

ومؤخراً شاركت ناندا في العرض المصري "هوى الحريّة"، الذي تنقّل بين القاهرة ولندن في مهرجان LIFT المسرحي: "أنا ممثلة ومقيمة في مصر، من الطبيعي أن أشارك في أعمال مصرية إذا كانت تناسبني فنياً وشخصياً، وهوى الحرية هو عملي المسرحي الثاني في مصر بعد مسرحية العشاء الأخير، إخراج أحمد العطار، والذي سنكمل العمل عليه بعد رمضان وسيتم عرضه في القاهرة وفرنسا، وهو عمل مصري بالكامل. وأنا أمثل فيه باللهجة المصرية بخلاف عرض هوى الحرية، الذي أمثل فيه باللهجة السورية، وهو من إخراج ليلى سليمان وتمثيل زينب مجدي"، تقول في حديث لـ"العربي الجديد".

"هوى الحرية" هو عرض وثائقي يتحدّث عن ثورة 1919 في مصر، ودور المسرح الغنائي في تلك الفترة، وعلاقته بالوضع السياسي آنذاك. وهناك تقاطعات بين الأحداث التي جرت منذ 100عام وبين ما يحدث اليوم في مصر وسوريا هذه الأيّام.

وتضيف ناندا: "لا تخلو المسرحية من تقاطعات شخصية. أنا موجودة في العرض كامرأة سورية تعيش في القاهرة. وكلّ ما قلته كان كلامي الشخصي الذي يعبر عن كلّ ما أشعر وأفكر به حالياً. من علاقتي مع عائلتي، إلى بلدي البعيد، وكلّ الصعوبات التي نعيشها كسوريين من خلال قصص شخصية حقيقية. فقد بدأت المخرجة التحضيرات للعمل مع الباحثة التاريخية علياء مسلّم، ثم انضممنا أنا وزينب إلى البحث، وفي المحصّلة نصّ العرض كان من صنعنا نحن الأربع".

لم تغب ناندا عن ساحة الثورة السورية رغم ابتعادها عن الأرض، وحاربت بسلاح الفنّ، فقدّمت أعمالاً تحاكي معاناة السورين، وتتناول حكايات وشهادات معتقلين في السجون بعد أشهر من قيام الثورة عبر مسرحية "فيك تطّلع عالكاميرا؟". تبعتها مسرحية "انظروا إلى الشوارع، هكذا يبدو الأمل"، التي عُرِضَت على أرقى المسارح العالمية، في عدد من المهرجانات الدولية. وفي أواخر العام 2013 أشرفت ناندا على تدريب مجموعة من اللاجئات السوريات، المهجّرات قسراً في الأردن، لأداء شخصيات مسرحية "نساء طروادة" في محاولة لتحويل الشعور بالخوف إلى فعل إيجابي مبدع. كما كانت العروض الثلاثة من توقيع المخرج السوري عمر أبو سعدة.

تتابع ناندا  اليوم تقديم عروض مسرحية "هوى الحرية" بعد تفاعل كبير لمسته من الجمهور ووسائل الإعلام. وتؤكد أنّ كلّ فنان سوري يعمل في المسرح سواء كان داخل سوريا أم خارجها "هو جزء من حركة المسرح الحالي، الذي لم أنقطع عنه رغم مغادرتي سوريا العام 2012".

وعن الثورة السورية تختم ناندا حديثها: "للأسف الغالبية العظمى خارج سوريا لا تعرف الكثير عن الثورة السورية أو عن سوريا. الثورة السورية وصلت اليوم إلى أقسى وأبشع مكان، لا توجد حكومة في العالم متعاطفة فعلاً مع ثورة الشعب السوري، الجميع من مصلحته بقاء النظام السوري المجرم في الحكم، والشعب السوري وحيد.. ومخذول من جميع الأطراف".

المساهمون