ناديا العالول أول وآخر وزيرة لشؤون المرأة الأردنيّة

25 فبراير 2015
شعرت بتحدٍ كبير (العربي الجديد)
+ الخط -
دخلت ناديا محمد هاشم العالول، في فبراير/شباط 2012 إلى الحكومة الأردنية، التي شكلها رئيس الوزراء فايز الطراونة. يومها أصبحت أول وزيرة دولة لشؤون المرأة في تاريخ الأردن. لكنّ الوزارة صمدت ستة أشهر فقط، وأسقطت من حسابات الحكومات اللاحقة.

لم تتح الفرصة أمام العالول لطرح أجندتها ورؤيتها الخاصة بوزارتها. فالصعوبات كانت كثيرة، وأبرزها عدم وجود مبنى للوزارة. عانت التهميش طوال فترة تسلمها المنصب، واصطدمت طروحاتها بحقيقة الوجود الشكلي لوزارتها.

عن تلك التجربة القصيرة، تتحدث العالول لـ"العربي الجديد"، لتكشف واقع التعامل الرسمي مع قضية المرأة في الأردن.

-حدثينا عن مسيرتك الأكاديمية العلمية، وانشغالك بالشؤون الأدبية بعدها؟
درست الرياضيات والكومبيوتر في الجامعة، وكنت على الدوام، متفوقة في التخصصات العلمية. لكن في الوقت عينه، كانت لديّ توجهات أدبية، وكنت متفوقة باللغة العربية. في بريطانيا، درست الرياضيات لما فيها من إمكانية على التفكير المنطقي والفلسفي. وبعد انتهائي من الدراسة، تزوجت وانتقلت للعيش في مدينة نابلس في الضفة الغربية. وكانت المدينة تحت الاحتلال الإسرائيلي، ولم تكن تتوفر هناك فرص للعمل، فوجدت نفسي منشغلة بتربية أطفالي الأربعة. عندها، بدأت بممارسة هوايتي القديمة في كتابة الشعر والقصص، وبدأت بنشر أعمالي عام 1979 في صحيفة القدس. وازداد انغماسي أكثر بالشؤون الثقافية، بعد انتقالي مع زوجي إلى الأردن عام 1988. وفي ذلك العام بالذات، أصبحت أول سيدة تفوز بعضوية الهيئة الإدارية في "اتحاد الأدباء الأردنيين".

- يعرف عنك عملك في القطاع الفندقي أيضاً، ماذا عن هذه التجربة؟
عملت في أحد فنادق الخمس نجوم في العاصمة عمّان، بوظيفة مديرة مبيعات وتسويق. كان الأمر بالنسبة لي محاولة لكسر نمط بقائي من دون عمل. استمتعت كثيراً بهذه التجربة. وأعتقد أنّها أمدتني بالزخم المطلوب لتحمل المسؤولية كسيدة منتجة. ومع ذلك، لم يستمر عملي طويلاً، فقد تركته بعد عامين للتفرغ لتربية أبنائي.

- تركت العمل من أجل تربية أبنائك. أليس في ذلك دليل على تنازل المرأة عن حقها بالعمل؟
ليس تنازلاً. فانا أدرك أنّ هذا الجيل من الأبناء بحاجة إلى رعاية مكثفة، خصوصاً في الخمس سنوات الأولى. وذلك بهدف الوصول إلى بناء شخصية مميزة للطفل. كان من الممكن أن أستعين بعاملة منزلية، لكنّي على قناعة أنّ العاملة تستطيع المساعدة في التخفيف من الأعباء المنزلية، لا في تربية الأبناء. التربية هي حكر على الأب والأم وتحتاج إلى تفرغ. ولذلك تفرغت من أجل أبنائي.

- كيف جاء اختيارك وزيرة لشؤون المرأة في الحكومة؟
دعاني رئيس الوزراء آنذاك فايز الطراونة إلى مكاتب الديوان الملكي. لم أفكر مطلقا بأنّي سأكون وزيرة للمرأة. ولم يخطر ببالي استحداث مثل هذا المنصب في وزارته. كنت أعلم عن وجود تشكيل وزاري، واعتقدت أنّي سأعيّن وزيرة للثقافة. لكنّ الرئيس طلب مني المساعدة في تأسيس وزارة دولة لشؤون المرأة، على أن أباشر عملي ومهامي كوزيرة من مقر رئاسة الوزراء، بإعطائي مكتباً أشبه بمكاتب وزراء الدولة، من دون أن يكون هناك مقر للوزارة.

- ماذا أخبرك رئيس الوزراء عن تلك الوزارة المستحدثة؟
شرح لي الرئيس الطراونة فكرته عن وزارة شؤون المرأة التي يرغب بتأسيسها، وعن طموحه للانتقال بها من الرئاسة إلى مبنى مستقل بكوادره المالية والبشرية. وعندها وافقت على العرض وشعرت بتحدٍ كبير، لكوني مهتمة بقضايا المرأة في الأساس.

- كلّ ذلك كان نظرياً وشكلياً، فماذا حدث على أرض الواقع؟
عندما شكلت الوزارة تم إعطائي مكتباً بعيداً عن مكاتب وزراء الدولة المقيمين في دار رئاسة الوزراء. وخصصت لي سكرتيرة. لكن السكرتيرة بعد وقت قصير، اضطرت لنيل إجازة وضع وأمومة. فبقيت بعدها من دون سكرتيرة. وبالنسبة لعملي كوزيرة، فقد جهزت استراتيجية تجريبية للوزارة، رغم تأجيل بحثها وإقرارها. كما بدأت بتحضير دعوات لمؤسسات المجتمع المدني من أجل نقاش معمق، للوقوف على رأيها في تحسين وضع المرأة الأردنية، والاستفادة من خبرتها. وصدمت عندما علمت أنّ أكبر قاعة في الرئاسة لا تتسع لأكثر من أربعين شخصاً. وبالتالي لا تتسع لاستضافة ممثلي مؤسسات المجتمع المدني. وصدمت أكثر لعدم وجود مخصصات مالية لعقد اللقاء في قاعة مستأجرة. فتبرعت وزارة الصحة بالقاعة، وتبرعت وزارة الاتصالات بالضيافة. لقد كان أمراً مؤسفاً بالفعل.

- هل سعيتِ لتحسين وتعديل التشريعات المتعلقة بالمرأة؟
عملت جاهدة من أجل تعديل التشريعات التي تقف عائقاً أمام تقدم المرأة. ومن أجل ذلك، تواصلت مع بعض أعضاء مجلس النواب (البرلمان)، خصوصاً من السيدات، لتشكيل لوبٍ ضاغط من أجل التعديلات. لكن شيئاً لم يحدث، بسبب قصر مدة الوزارة.

- لماذا لم يتم تنفيذ الوعود المتعلقة بإنشاء وزارة لشؤون المرأة؟
تقدمت بعرض لهيكل تنظيمي لإنشاء وزارة شؤون المرأة، خصوصاً أنّ الرئيس الطراونة عندما كلفني بالوزارة أراد تشكيل وزارة حقيقية. لكن بعد استقالته، وتكليف عبد الله النسور برئاسة الحكومة، ألغى الوزارة كلها من التشكيلة.

- تم اختيارك وزيرة دولة لشؤون المرأة في الحكومة، عندما كان الشارع الأردني يعيش حراكاً مطالباً بالإصلاح، ماذا كان موقفك من ذلك الحراك؟
كوزراء، كان لنا دور في تبني مطالب الحراك المتعلقة بالإصلاحات الدستورية، ومكافحة الفساد. وكان يخصم من رواتبنا آنذاك مبلغ 500 دينار، كتبرع للشعب طوال فترة عملنا. وفي المجلس، كنا نناقش مطالب الحراك بعمق. وكنت خلال النقاش أتطرق إلى أهمية التربية التي تعتمدها المرأة في تنشئة أطفالها. وإلى أهمية الاهتمام بالمنظومة التعليمية والمناهج الدراسية التي تراجعت على مدار 30 عاماَ. لكنّ الحكومة كانت تريد حلولاً سريعة لمواجهة الحراك، ولا تريد حلولاً استراتيجية لحل المشكلات.

- كيف تقيّمين دور المرأة الأردنية في ذلك الحراك؟
التقيت بالكثير من الناشطات في الحراك. فقد كان للنساء دور مهم في المطالبة بحقوق الشعب الأردني. وكنت أنصحهن بتشذيب الخطاب وعدم الانجرار إلى السلبية فيه، التي يمكن أن تدمر جهودهن.

الوقت غير مناسب لها
تقول وزيرة الدولة لشؤون المرأة السابقة في الأردن ناديا العالول إنّها سمعت الكثير من التذمر حول دفع نفقات خاصة بمثل هذه الوزارة التي يجدها البعض بلا فائدة. وعندما استلم عبد الله النسور رئاسة الحكومة الأردنية وألغى الوزارة، اتصلت هاتفياً به، وسألته عن سبب إلغاء الوزارة. فقال لها: "ليس هذا الوقت المناسب لها. وهل يمكن أن تخبريني أيّ دولة لها مثل هذه الوزارة؟". عدّدت له فلسطين وجنوب أفريقيا وفرنسا، وغيرها. لكنّ القرار كان قد صدر بالإلغاء، وانتهى الأمر.
المساهمون