ناجي

29 اغسطس 2014
+ الخط -

أسباب كثيرة ليستدعى ناجي العلي في هذه اللحظة العسيرة من تاريخ العرب المعاصر، لكن ثلاثة منها على الأقل تضاعف راهنيته السياسية، إلى جانب حضوره المتجدد كفنان بأشفّ وأشمل معاني الكلمة وأكثرها أصالة.

الأشكال والصيغ المختلفة لتصفية فلسطين، قضية ومستقبلاً ومعنىً، وتقديمها ذبيحة سائغة على مائدة الصهيونية؛ وتخييرنا بين الوصاية الاستعمارية والعيش عقوداً أخرى في ظلمات الاستبداد - أو تجرّع الاثنين معاً؛ وتدمير مكوّنات الهوية العربية وخصوصاً مكوّنها المسيحي، الذي وضعه ناجي بكل عفوية في سياقه الثوري الممتد في تاريخ منطقتنا، مُماهياً بين الفدائي والمسيح الفادي.

في فن ناجي العلي يعود المسيح من مسالك اغترابه في "الحضارة الغربية" ويرجع إلى بيته في فلسطين، إلى الأرض التي أنبتته ومنها وإليها تعود دعوته الأُممية - "المشاعية" بتعبير الراحل هادي العلوي. يجدد عودته إلى الثقافة العربية، الوارثة والمكمّلة لجميع ثقافات المنطقة، سواء التي نبتت عند أنهارها أو انبلجت تحت شمس صحرائها الملهِمة.

في معركة الاستنزاف التي تخوضها الثقافة العربية والمنطقة بأسرها، وفي الوقت الذي يبدو المشهد في بعضه انتحاراً وفي بعضه انعتاقاً وطبقات الظلام تتراكم؛ تمرّ ذكرى استشهاد ناجي العلي مثل غيمة، فوق لاجئين ومقصوفين ومحاصرين، تمر فوق مقاومين وأطفال يلعبون في باحة مدرسة أصبحت منزلاً.. إلى أجل لا نراه بعيداً.

المساهمون