نابلس تستعيد الفنّ السابع

28 نوفمبر 2014
تُسجَّل محاولة اليوم لإعادة الحياة إلى السينما (نور حميدان)
+ الخط -

في مدينة نابلس في الضفة الغربيّة المحتلة التي تشهد تطوراً لافتاً في خلال الأشهر الماضية، يتزاحم المواطنون لحجز تذاكرهم ومشاهدة أحدث الأفلام التي تُعرض في صالات "سينما سيتي". ودار السينما هذه، كانت قد فتحت أبوابها قبل نحو أربع سنوات، وأعادت إلى الأراضي الفلسطينيّة مشهد "الفنّ السابع" الذي غاب عن مدن فلسطين قبل 24 عاماً.

واليوم، تبدو المديرة التنفيذيّة لـ"سينما سيتي" في نابلس، مريم عباس، مرتاحة لوضع الفنّ السابع، مشيرة إلى أنه أصبح يشكّل بعداً مجتمعياً هاماً، وذلك على الرغم من أن العائدات الماليّة متواضعة ولا تحقّق بالتالي الأرباح المرجوّة منه. وتجدر الإشارة إلى أن ملاييناً جرى إنفاقها عند تشييد هذا الصرح.

وتخبر عباس أن المجتمع كان يفتقد إلى السينما، إذ إن دور السينما أقفلت أبوابها في عام 1987، أي منذ بداية الانتفاضة الفلسطينيّة الأولى. وبعد انقطاع طال 24 عاماً، لم تأتِ العودة إلى هذا الفنّ سهلة، وقد اعترضتها صعوبات مختلفة. والصعوبة الأكبر لدى المجتمع، بحسب ما شرحت عباس، كانت غياب الثقافة المجتمعيّة حول هذا الفنّ. فتقول: "في فلسطين ولد جيل كامل من دون ثقافة سينمائيّة، وبالتالي من الطبيعي أن يكون الإقبال في البداية جيداً. فهذا الجيل يريد أن يتفرّج ويعرف ما هي السينما. أما الأكبر سناً، فقد عادوا ليتذكروا أيامهم عندما كانوا يشاهدون الأفلام في مثل تلك الصالات. لكن، سرعان ما بدأ الإقبال عليها يتراجع، مقارنة مع ما كانت عليه بداية".

لذا، تحاول عباس اليوم إعادة الحياة إلى السينما، مستهدفة كل فئات المجتمع من دون استثناء، وذلك من خلال تقديم عروض مناسبة للجميع. وتلفت إلى أن إدارة السينما تراعي الظروف المجتمعيّة وتحدّد مواقيت مخصصة للعائلات فقط، يتمّ في خلالها عرض أفلام مناسبة لها. كذلك، ثمّة مواقيت لعرض أفلام للشباب. ويتمّ تقسيم ساعات العرض على مدار اليوم على هذا الأساس. ولأن الأطفال هم في دائرة الاهتمام، بحسب عباس، يتمّ عرض أفلام خاصة بهم.

وحول شكوى الناس من الارتفاع المتزايد في أسعار التذاكر وإذا ما كان ذلك سبباً في تراجع الإقبال على السينما، تقول عباس: "عندما افتتحت السينما كان سعر التذكرة 25 شيكلاً (نحو سبعة دولارات أميركيّة)، وفي عام 2013 بلغ سعر التذكرة 35 شيكلاً (نحو عشرة دولارات)، و40 شيكلاً لعروض الأفلام ثلاثيّة الأبعاد. أما السبب، فارتفاع أسعار الأفلام من المصدر".

وتوضح عباس أن "السينما تحاول اليوم أن تقدّم عروضاً للناس بهدف رفع نسبة الإقبال، يتمّ في خلالها تقديم مشروبات مجانيّة. ومن المقرّر إعادة النظر في سعر التذكرة مع بداية العام 2015 وإعادتها إلى 25 شيكلاً". وتجدر الإشارة إلى أن صالات "سينما سيتي" مجهّزة بمعدات فنيّة ضخمة تضاهي تلك المستخدمة في أشهر دور العرض في العالمَين العربي والعالمي.

وهي دار السينما الوحيدة العاملة اليوم في الأراضي الفلسطينيّة، كسينما متكاملة. إليها، نجد "مسرح وسينماتك القصبة" في مدينة رام الله الذي يرتكز بشكل أساسي على عرض الأعمال المسرحيّة بالإضافة إلى تخصيص جانب للأفلام. في السابق، كانت مدينة نابلس تضمّ ثلاث صالات سينما، وهي "غرناطة" و"العاصي" و"ريفولي"، إلا أنها جميعاً أغلقت أبوابها عند اندلاع الانتفاضة الأولى، وقد انصرف الشباب إلى مقاومة الاحتلال.
إلى ذلك، حاربت إسرائيل جميع المظاهر الثقافيّة في المدينة، وقامت بعمليات تخريب واسعة لعدد كبير من المراكز الثقافيّة في مختلف الأراضي الفلسطينيّة.

للسينما تاريخها هنا

وللسينما في فلسطين بشكل عام، ومدينة نابلس تحديداً، واقع خاص. فقد سبقت دور السينما الثلاث التي أغلقت بسبب الاحتلال، أشكال أخرى للسينما في نابلس. وقد عرفت المدينة ذلك في ثلاثينيات القرن الماضي.

فقد أقيمت ما اصطلح المواطنون على تسميتها "سينما"، في منزل يتجمّع فيه المواطنون ويتابعون بعض الأفلام. ومن ثمّ أتت سينما "الزهراء" و"تاج محل"، وكانت هذه بداية السينما في مدينة نابلس. لكنها كانت صالات صيفيّة لا تقدّم عروضها إلا في خلال فترة الصيف كونها مكشوفة وخارجيّة. كذلك، فإن العروض كانت تتمّ فقط في الليل لتمكين المشاهدين من المتابعة بوضوح. وبقي الوضع على حاله، إلى أن أتت سينما "غرناطة" في بداية الخمسينيات، فبدأت تَعرض الأفلام نفسها التي تعرضها دور مماثلة في العالم. كذلك، كانت تعمل على تشجيع استضافة نجوم تلك الأفلام.

المساهمون