نائب الرئيس الإيراني: نستهدف جذب 20 مليون سائح

01 يوليو 2016
نائب الرئيس الإيراني، مسعود سلطاني فر (العربي الجديد)
+ الخط -

قال نائب الرئيس الإيراني، ورئيس مؤسسة الميراث الثقافي والصناعات اليدوية والسياحة، مسعود سلطاني فر، في مقابلة مع "العربي الجديد"، إن طهران تركز حالياً على تطوير قطاعها السياحي، في خطوة قد تعزز الاقتصاد كثيراً، ولكنها تبقى محفوفة بعدد من المحددات الداخلية والخارجية.

وإليكم النص الكامل للمقابلة:

* بعد التوصل للاتفاق النووي مع الغرب، وإلغاء العقوبات عن طهران عملياً، ما هي خططكم لإنعاش قطاع السياحة؟
تركز الحكومة الإيرانية على تطوير التعاون مع كل دول العالم، وعلى وضع أسس لتوسيع شبكة العلاقات مع الحكومات والشعوب على حد سواء.
وتطبيق الاتفاق عملياً مطلع العام الجاري ساهم برفع المعدلات داخل القطاع بشكل أسرع، وبحسب بعض الصحف والمجلات المعتمدة والمتخصصة في قطاع السياحة، فإن إيران ستحتل مراتب متقدمة من بين البلدان التي يرغب السياح بزيارتها في عام 2016، ومن المتوقع أن تكون من بين أول خمس دول، وفي الوقت الراهن نعمل على تطوير البنى التحتية لاستقبال عدد أكبر من الزوار، ونتوقع أن نستضيف ما يزيد عن عشرين مليون سائح بحلول عام 2025، وهو ما سيحقق للبلاد عائدات ستصل إلى 30 مليار دولار.

*هل لاحظتم انتعاشاً في السياحة ولو مبدئياً، بفضل الاتفاق النووي؟
لاحظنا تطور القطاع السياحي الذي سجل نموا بنحو 3% مقارنة ببقية الدول، حسب إحصاءات منظمة السياحة العالمية، وكان هذا خلال العامين الأولين من رئاسة حسن روحاني، حيث نما قطاع السياحي العالمي 4.6%، ووصل في آسيا إلى 5% وفي أوروبا 3%، بينما ارتفع في إيران خلال المدة ذاتها إلى 12%، ما يعني دخول سياح للبلاد أكثر بثلاثة أضعاف من المعدل الوسطي عالميا.

*هل تراهنون على قطاع السياحة لصالح جذب استثمارات أجنبية وتوفير موارد النقد الأجنبي؟
نعم، بالطبع، تعزيز القطاع السياحي يساهم بشكل أو بآخر في ارتفاع نسب الاستثمار الداخلي، وقد بدأنا بالفعل بتنفيذ ما يقارب 1600 مشروع ترتبط بشكل مباشر بالسياحة، غالبيتها مشاريع لبناء فنادق وأماكن إقامة ومراكز ترفيه، ويشرف القطاع الخاص الإيراني على معظمها، ومنذ عامين تقريبا بدأ المستثمرون الأجانب بالتوافد لإيران، وانطلقت المفاوضات بينهم وبين المعنيين في البلاد، من بين هؤلاء مستثمرون عرب وآخرون من دول إسلامية، هؤلاء لم يتقيدوا كثيرا بملف العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة سابقا على طهران بسبب ملفها النووي.
وفي مدينة مشهد شمال شرقي البلاد على سبيل المثال شيد تاجر كويتي فندقين ضخمين، وفي الوقت الراهن عمليات بناء ثلاثة فنادق أخرى مستمرة، وصاحبها رجل أعمال سعودي، كما وقعت طهران مؤخرا اتفاقيتي تعاون مع مستثمرين من تركيا لبناء عشرة فنادق على مستوى خمس نجوم.

*وماذا عن المستثمرين من أوروبا؟
هؤلاء كانوا ينتظرون نتائج المفاوضات، كما كانوا يتوقون لرفع الحظر عن البلاد عمليا، وبالفعل توصلنا لاتفاق مؤخرا مع شركة شتايغن الألمانية لبناء فنادق سيصل عددها لخمسة عشر خلال السنوات العشر القادمة، والمفاوضات مستمرة مع عدد من الدول الأوروبية، حيث تقوم هذه الأطراف بدراسة العقود في الوقت الحالي، للاستثمار لصالح القطاع السياحي.

* ما أبرز أنواع السياحة التي تركزون عليها؟
نركز على السياحة التاريخية، الدينية، السياحة الطبية وزيارة المناطق الطبيعية، ولحسن الحظ لدينا المقومات والإمكانات اللازمة، يوجد في البلاد أكثر من 32 ألف موقع أثري تاريخي مسجلة ضمن مجموعة الآثار الوطنية، 19 منها مسجل في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وتجذب السياح التواقين للتعرف على حضارة البلاد عن قرب.
وبالنسبة للسياحة الدينية ففي إيران مراقد وعتبات يزورها شيعة العالم برمته وهذا النوع من السياحة له رصيد كبير. وفي ما يتعلق بالسياحة الطبية والعلاجية، فإيران تقدم خدمات مهمة ولديها مجموعات استثمارية خاصة بها، وهناك ما يقارب 300 ألف شخص، يدخلون إيران سنويا لتلقي العلاج أو للحصول على خدمات طبية، وهو ما يعود على هذا القطاع بمبالغ كبيرة، تراوحت العام الماضي بين 500 و600 مليون دولار.

*ما التحديات التي تواجه هذه الآمال داخلياً؟ وما هي برامجكم وخططكم لمواجهتها؟
أبرز المحددات الداخلية تتعلق بالبنى التحتية، فعدد الفنادق وأماكن الإقامة سواء ذات الخمس أو الأربع نجوم قليل نسبيا، في الوقت الحالي تشرف مؤسسة السياحة على خطط لتطوير هذه البنى خلال السنوات العشر القادمة، بهدف زيادة عدد الفنادق لثلاثة أضعاف ما هي عليه حاليا، وقد تم توقيع عقود مع مستثمرين محليين وأجانب، في هذا الصدد.
من ناحية ثانية، تعمل البلاد على تقديم تسهيلات لإصدار تأشيرات السياح، وقد بات من الممكن الحصول على تأشيرة سياحية من المطارات الإيرانية لحاملي جنسيات 190 دولة، بذات الوقت كانت هناك مشكلات تتعلق بالخطوط الجوية والرحلات لإيران، وهي التي تأثرت سلبا بسبب العقوبات التي فرضت على البلاد في سنوات سابقة، فبات عمر الطائرات المدنية الإيرانية كبيرا، ولم تحصل طهران لا على خدمات الصيانة ولا على قطع الغيار وهو ما جعل الأسطول كهلا.
وتعمل إيران على حل الأمر حيث وقعت عقدا مع شركة إيرباص لشراء 114 طائرة، أما المحدد الأخير فيتعلق بالكوادر العاملة في قطاع السياحة وضعف مؤهلاتها.



*هل تتجه إيران لعمل حملات ترويجية في الخارج للسياحة؟
أعتقد أنه يجب بذل مجهود أكبر لتعريف العالم الخارجي بمؤهلات إيران وإمكاناتها السياحية، والاستفادة من خدمات الإعلان والتسويق، وقد قمت مؤخراً بزيارة رسمية إلى الصين التي تشكل سوقا مهمة لجذب سياحها لبلدان أخرى، وكان من الواضح عدم وجود معلومات لديهم حول إيران، فتوصلنا لاتفاق لرفع مستوى التعريف بالبلاد، وهو ما سنقوم به في بلدان أخرى كذلك.

*ماذا عن المحددات الإقليمية؟ كيف ترى تأثير القلق السياسي والتوتر والحروب في المنطقة على خطط القطاع السياحي الإيراني؟
التوتر الذي يعم المنطقة يقابله أمن واستقرار في إيران، هذا يصب في صالح جذب سياح أكبر إليها، وبالفعل ارتفع عدد الزوار الأجانب الذين كانوا يقصدون دولا أخرى كسورية والعراق وليبيا ومصر، لكن بذات الوقت فإن الأمن الإقليمي مهم، فتعزيز القطاع السياحي والوصول للأهداف المرجوة يتطلب أن تكون المنطقة المحيطة بإيران أكثر أمناً واستقراراً، وتعزيز القطاع السياحي ممكن كذلك بالتعاون مع الدول الجارة.

*هل لديكم خطط للتعاون مع دول الخليج وهل هناك مشاريع وبرامج سياحية مشتركة؟
في الحقيقة حضور سياح من هذه الدول جيد لإيران رغم وجود محددات تعترض الأمر ورغم العلاقات المتوترة مع بعض الدول الخليجية، لكن هناك زواراً من هذه البلدان يأتون لإيران في سياحة دينية لزيارة العتبات والمراقد في مدينتي قم ومشهد، وهي تعود على البلاد بالنفع، منذ فترة وجيزة تم إطلاق خط طيران مباشر بين مدينتي مسقط ومشهد، وبات هناك أكثر من رحلتين أسبوعيا بينهما، وهذه فرصة جيدة للخليجيين، أعتقد أيضا أن عدد هؤلاء في ازدياد، حيث باتوا يقصدون البلاد لأغراض طبية أيضا. نأمل أن تحل المشاكل السياسية مع الدول الخليجية وهو ما يؤمن تعاونا أكبر في القطاع السياحي وينعكس إيجاباً على الجميع.

*ماذا عن السياحة الحلال، هل لديكم خطط في أجندتكم تتعلق بهذا الملف؟ وهل من الممكن لإيران أن تتبدل وتصبح كتركيا أو كماليزيا في هذا النوع من السياحة؟
إيران من أهم البلدان التي تمتلك مقومات السياحة الشرعية أو السياحة الحلال في العالم، وستصبح من أبرز وجهاتها مستقبلا، فنحن في جمهورية إسلامية تراعي في كل قوانينها وأماكنها النظام والشرع الإسلامي، ونقدم خدمات إسلامية، وبالتالي وعبر تحسين بنى القطاع السياحي نستطيع أن نستقبل عددا أكبر من الزوار.

*هل هناك مفاوضات مع دول عربية في الوقت الراهن لاستقبال سياح هذه البلدان؟
خططنا الفعلية تركز على أربعين دولة في العالم منها 15 دولة في المنطقة، إذا ما قمنا باستثناء الدول الخليجية والعراق، فهناك سبع دول عربية تستطيع أن تكون إيران وجهة لسياحها، بالتأكيد هناك مفاوضات وقمنا بالفعل بتوقيع اتفاقيات عدة، فقبل أشهر توصلنا مع تونس لاتفاقيتين تتعلقان بالسياحة.

*ماذا عن السوق الغربية؟ هل تراهنون على السوقين الأميركية والبريطانية؟
نسعى لتعزيز القطاع السياحي مع الغرب، فمقومات ومميزات إيران الحضارية والتاريخية تجذب السائح الغربي بسهولة، فيأتي من دول عديدة مثل دول الاتحاد الأوروبي وحتى من أميركا وكندا، خلال السنوات الثلاث الماضية لاحظنا ارتفاع عدد السياح الغربيين القادمين من أوروبا مثل ألمانيا، إيطاليا وفرنسا، حتى السياح الأميركيين كان لهم نصيب كبير، ففي عام 2015 زار إيران ما يزيد عن خمسة آلاف سائح أميركي، وفي عام 2014 حضر ثلاثة آلاف أميركي، وفي العام الذي سبقه جاء 1900، ما يعني ارتفاع المعدلات بمقدار الضعف تقريبا، ونتوقع بنهاية العام الجاري أن يصل عددهم إلى عشرة آلاف.

ماذا عن أصدقاء إيران الاستراتيجيين، تركيا وروسيا؟
الأماكن الدينية الإيرانية تشد شريحة معينة من الأتراك كالعلويين، ما تبقى منهم يفضلون زيارة الأماكن التاريخية، الحال أفضل بالنسبة للروس، حيث يزورون إيران في الفصول الأكثر بردا في بلدهم، ويفضلون زيارة الشواطئ جنوبي إيران، وهي أماكن دافئة نسبياً في تلك المواسم. المسلمون الروس أيضاً يفضلون السياحة في إيران.

المساهمون