لم يعد حديث الكوارث البيئية المحدقة مرتبطاً فقط بشواطئ ليبيا ومحيط مدنها، بل امتد إلى قلب هذه المدن، بعد انهيار شبه تام لشبكات الصرف الصحي والبنى التحتية المرتبطة بها. في هذه البلاد التي يعاني مواطنوها من فوضى أمنية وانهيار اقتصادي وحروب، تغرق مدن بالمياه الآسنة فعلياً، ما يشكل تهديداً إضافياً لصحة السكان.
مرزق التي كانت حتى قت قريب تشكل عاصمة الجنوب الليبي ومحج هواة السياحة الصحراوية، وطبرق مقر مجلس النواب حيث عشرات الوزراء والنواب والمسؤولين، وطرابلس عاصمة البلاد ومقر الحكومة التوافقية، تمثل ثلاثتها جزءاً من الخطر المحدق الذي ريما سيتحول إلى قاتل صامت قريباً.
يؤكد، ناجي حمدي، رئيس إدارة متابعة الصيانة في الشركة العامة للمياه والصرف الصحي، أنّ أكثر من 60 في المائة من بنية شبكات الصرف الصحي في المدن الليبية منتهية الصلاحية منذ عام 2009، وما تبقى منها خارج عن قدرة الشركة على الكشف عنه، بسبب ضعف إمكاناتها، والتحديات التي تواجهها. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الشركة من أجهزة الدولة المهملة تماماً، فعلاوة على التأمينات الصحية والرواتب المناسبة لا يتمكن العاملون من الحصول على رواتبهم المتدنية" مشيراً إلى إضرابات ينفذها عمال الشركة في أكثر من مناسبة، وتشكل تحدياً إضافياً.
اقــرأ أيضاً
يتحدث حمدي مطولاً عن إمكانات الشركة الضعيفة، وتخاذل الحكومة عن دعمها، بل إهمالها تماماً، مشيراً إلى أنّها لجأت إلى التعاقد مع شركات خاصة بديون مؤجلة راكمت عليها المستحقات. يقول: "نستأجر في كثير من الأحيان سيارات وآليات مختلفة لمواجهة فيضان شبكات الصرف الصحي بطرق تقليدية، بل بدائية، إذ نلجأ إلى الحفر اليدوي، وترقيع مواسير وأنابيب الشبكات". يحذر من قرب إعلان مدن ليبية "منكوبة" بسبب غرقها في برك الصرف الصحي.
في مرزق، المدينة الجنوبية التي تحولت من ممر للسياح إلى بركة كبيرة للمياه السوداء، اضطر بعض السكان لمغادرة بيوتهم بعدما تسللت مياه البرك إلى بيوتهم، وتفاقمت مشكلة ظهور المياه السوداء. حتى حركة المرور بدت متوقفة داخل مجمع العمارات الوحيد في المدينة إذ باتت تتوسطه بركة كبيرة من المياه السوداء برائحة كريهة عدا عن مشهدها المزعج، ولم يتمكن فرع شركة المياه والصرف الصحي من معالجتها.
يؤكد عبد المنعم باتي، عضو المجلس البلدي في المدينة، نزوح سكان بعض الأحياء: "هؤلاء يعيشون أسوأ فترات حياتهم فعلياً، فمن لم يهجّره السلاح والقتال هجّره سوء أداء الحكومة وإهمالها المواطنين". يشير إلى أنّ خزان معالجة مياه الصرف منتهي الصلاحية منذ عام 2011، والآبار التي حفرتها الشركة لحلّ المشكلة وإن مؤقتاً لم تنفع فالرطوبة تسربت إلى الآبار ما تسبب في تسرب المياه السوداء إلى صهاريج وآبار مياه الشرب. يلفت باتي إلى معاناة بعض السكان من أمراض ناجمة عن برك المياه السوداء: "لدينا حالات نبه إليها أطباء مستشفى المدينة تتمثل في استقباله من يعاني من بكتيريا تسبب إسهالاً وتشنجاً. وحذر الأطباء من احتمال أن تكون البكتيريا التي لم يتعرفوا إليها من نواتج وآثار انتشار هذه البرك".
في طبرق معاناة مماثلة، بالرغم من سكن المسؤولين في أعلى سلطة في البلاد فيها، فأعضاء مجلس النواب أكثرهم يملك شققاً ومنازل بالمدينة وبعضهم يقيم في فنادقها القريبة من أحياء الحيطة، وجبيلة النور، والحي الروسي الغارقة تماماً في بحيرات الصرف الصحي بسبب توقف محطة المعالجة الوحيدة عن العمل.
بالرغم من إعلان فرع شركة المياه والصرف الصحي بالمدينة عن عودة العمل جزئياً قبل أشهر، فالمشكلة تبدو مضاعفة في الوقت الراهن بسبب ارتباطها بأزمة مياه الشرب التي تعانيها المدينة أصلاً، وإن كان الأهالي لا يعتمدون على المياه الجوفية المالحة للشرب بل للأعمال المنزلية. وهكذا فإنّ تسرب مياه الصرف الصحي إلى الآبار الجوفية حدّ بشكل كبير من الاستفادة منها.
تعتبر العاصمة طرابلس من أبرز المدن التي تعاني انهياراً كبيراً في البنية التحتية تطاول شبكات الصرف الصحي. يؤكد حمدي أنّ تزايد السكان في المدينة عطل محطات رئيسية للمعالجة، فقدرة أغلبها لا تستوعب أكثر من 27 ألف متر مكعب يومياً، بينما اضطرت للتعامل مع أكثر من 82 ألفاً يومياً في الأشهر الأخيرة، مؤكداً أنّ اثنتين من أصل ثلاث محطات معطلتان حالياً. يتابع حمدي: "تزداد المشكلة إذا عرفنا أنّ هذه الكمية ليست نهائية، فبحسب التقديرات يتسرب 50 في المائة من المياه الآسنة إلى الأحياء، ولا تصل هذه الكميات إلى محطات المعالجة بسبب سوء الشبكة العامة التي لم تجرِ صيانتها منذ عام 2009".
اقــرأ أيضاً
يشير حمدي إلى تعرض شبكات ومحطات المعالجة إلى التعدي من قبل المواطن وسرقة مولدات ومعدات خاصة بها في مدن وقرى عديدة، ويؤكد أنّ مشاريع كبيرة نفذت خلال السنوات الماضية اعتدت على الشبكة العامة إذ ربطت شبكاتها بها. يفسر: "الشركة كانت بصدد تنفيذ مشاريع للصرف الصحي والمياه بدأت عام 2006، لكنّها دخلت إلى العمل عام 2011 بالتعدي ومن دون موافقة بلديات قبل استكمالها، وهو ما فاقم المشكلة أكثر ولا ننسى الحروب ما تنتجه من خراب بالشبكات والمحطات ومقار الشركة".
مرزق التي كانت حتى قت قريب تشكل عاصمة الجنوب الليبي ومحج هواة السياحة الصحراوية، وطبرق مقر مجلس النواب حيث عشرات الوزراء والنواب والمسؤولين، وطرابلس عاصمة البلاد ومقر الحكومة التوافقية، تمثل ثلاثتها جزءاً من الخطر المحدق الذي ريما سيتحول إلى قاتل صامت قريباً.
يؤكد، ناجي حمدي، رئيس إدارة متابعة الصيانة في الشركة العامة للمياه والصرف الصحي، أنّ أكثر من 60 في المائة من بنية شبكات الصرف الصحي في المدن الليبية منتهية الصلاحية منذ عام 2009، وما تبقى منها خارج عن قدرة الشركة على الكشف عنه، بسبب ضعف إمكاناتها، والتحديات التي تواجهها. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الشركة من أجهزة الدولة المهملة تماماً، فعلاوة على التأمينات الصحية والرواتب المناسبة لا يتمكن العاملون من الحصول على رواتبهم المتدنية" مشيراً إلى إضرابات ينفذها عمال الشركة في أكثر من مناسبة، وتشكل تحدياً إضافياً.
يتحدث حمدي مطولاً عن إمكانات الشركة الضعيفة، وتخاذل الحكومة عن دعمها، بل إهمالها تماماً، مشيراً إلى أنّها لجأت إلى التعاقد مع شركات خاصة بديون مؤجلة راكمت عليها المستحقات. يقول: "نستأجر في كثير من الأحيان سيارات وآليات مختلفة لمواجهة فيضان شبكات الصرف الصحي بطرق تقليدية، بل بدائية، إذ نلجأ إلى الحفر اليدوي، وترقيع مواسير وأنابيب الشبكات". يحذر من قرب إعلان مدن ليبية "منكوبة" بسبب غرقها في برك الصرف الصحي.
في مرزق، المدينة الجنوبية التي تحولت من ممر للسياح إلى بركة كبيرة للمياه السوداء، اضطر بعض السكان لمغادرة بيوتهم بعدما تسللت مياه البرك إلى بيوتهم، وتفاقمت مشكلة ظهور المياه السوداء. حتى حركة المرور بدت متوقفة داخل مجمع العمارات الوحيد في المدينة إذ باتت تتوسطه بركة كبيرة من المياه السوداء برائحة كريهة عدا عن مشهدها المزعج، ولم يتمكن فرع شركة المياه والصرف الصحي من معالجتها.
يؤكد عبد المنعم باتي، عضو المجلس البلدي في المدينة، نزوح سكان بعض الأحياء: "هؤلاء يعيشون أسوأ فترات حياتهم فعلياً، فمن لم يهجّره السلاح والقتال هجّره سوء أداء الحكومة وإهمالها المواطنين". يشير إلى أنّ خزان معالجة مياه الصرف منتهي الصلاحية منذ عام 2011، والآبار التي حفرتها الشركة لحلّ المشكلة وإن مؤقتاً لم تنفع فالرطوبة تسربت إلى الآبار ما تسبب في تسرب المياه السوداء إلى صهاريج وآبار مياه الشرب. يلفت باتي إلى معاناة بعض السكان من أمراض ناجمة عن برك المياه السوداء: "لدينا حالات نبه إليها أطباء مستشفى المدينة تتمثل في استقباله من يعاني من بكتيريا تسبب إسهالاً وتشنجاً. وحذر الأطباء من احتمال أن تكون البكتيريا التي لم يتعرفوا إليها من نواتج وآثار انتشار هذه البرك".
في طبرق معاناة مماثلة، بالرغم من سكن المسؤولين في أعلى سلطة في البلاد فيها، فأعضاء مجلس النواب أكثرهم يملك شققاً ومنازل بالمدينة وبعضهم يقيم في فنادقها القريبة من أحياء الحيطة، وجبيلة النور، والحي الروسي الغارقة تماماً في بحيرات الصرف الصحي بسبب توقف محطة المعالجة الوحيدة عن العمل.
بالرغم من إعلان فرع شركة المياه والصرف الصحي بالمدينة عن عودة العمل جزئياً قبل أشهر، فالمشكلة تبدو مضاعفة في الوقت الراهن بسبب ارتباطها بأزمة مياه الشرب التي تعانيها المدينة أصلاً، وإن كان الأهالي لا يعتمدون على المياه الجوفية المالحة للشرب بل للأعمال المنزلية. وهكذا فإنّ تسرب مياه الصرف الصحي إلى الآبار الجوفية حدّ بشكل كبير من الاستفادة منها.
تعتبر العاصمة طرابلس من أبرز المدن التي تعاني انهياراً كبيراً في البنية التحتية تطاول شبكات الصرف الصحي. يؤكد حمدي أنّ تزايد السكان في المدينة عطل محطات رئيسية للمعالجة، فقدرة أغلبها لا تستوعب أكثر من 27 ألف متر مكعب يومياً، بينما اضطرت للتعامل مع أكثر من 82 ألفاً يومياً في الأشهر الأخيرة، مؤكداً أنّ اثنتين من أصل ثلاث محطات معطلتان حالياً. يتابع حمدي: "تزداد المشكلة إذا عرفنا أنّ هذه الكمية ليست نهائية، فبحسب التقديرات يتسرب 50 في المائة من المياه الآسنة إلى الأحياء، ولا تصل هذه الكميات إلى محطات المعالجة بسبب سوء الشبكة العامة التي لم تجرِ صيانتها منذ عام 2009".
يشير حمدي إلى تعرض شبكات ومحطات المعالجة إلى التعدي من قبل المواطن وسرقة مولدات ومعدات خاصة بها في مدن وقرى عديدة، ويؤكد أنّ مشاريع كبيرة نفذت خلال السنوات الماضية اعتدت على الشبكة العامة إذ ربطت شبكاتها بها. يفسر: "الشركة كانت بصدد تنفيذ مشاريع للصرف الصحي والمياه بدأت عام 2006، لكنّها دخلت إلى العمل عام 2011 بالتعدي ومن دون موافقة بلديات قبل استكمالها، وهو ما فاقم المشكلة أكثر ولا ننسى الحروب ما تنتجه من خراب بالشبكات والمحطات ومقار الشركة".