موسكو تتأهب لمواجهة عقوبات واشنطن

17 ابريل 2018
الأسواق الروسية تعود للاستقرار بعد أيام من التراجع (Getty)
+ الخط -

ذكرت صحيفة "إر بي كا" الروسية في عددها الصادر، اليوم الثلاثاء، أن الكرملين والحكومة الروسية يتأهبان لاتباع الولايات المتحدة السيناريو الأكثر تشدداً في ما يتعلق بفرض عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا، وذلك في الوقت الذي أرجأ فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض عقوبات جديدة على روسيا يوم الإثنين الماضي.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين حكوميين قولهما، إنه يجري النظر في كيفية مواجهة حتى أشد الإجراءات مثل الحظر على الاستثمار في السندات السيادية الروسية، وفصل روسيا عن منظومة "سويفت" للتعاملات المالية المصرفية.

وأوضح أحد المسؤولين أن الحكومة والكرملين يدرسان سيناريوهين للحظر على السندات الروسية، أحدهما الأخف، وهو أن يشمل الحظر المستثمرين الأميركيين فقط على غرار العقوبات بحق فنزويلا، والآخر الأكثر تشددا، وهو التهديد بمعاقبة الأشخاص الاعتباريين الأجانب الذين يستثمرون في السندات الروسية.

وكشف الآخر أن روسيا تنظر في إمكانية إقامة مصرف بديل للاستثمار في سنداتها السيادية واتخاذ إجراءات من شأنها ضمان سرية أسماء المستثمرين.

وفي الوقت الحالي، تبلغ حصة المستثمرين الأجانب في السندات السيادية الروسية حوالي 34% (41 مليار دولار تقريبا)، بالإضافة إلى 15 مليار دولار أخرى على سبيل الاستثمارات في السندات الأوروبية الروسية.

أما في حال فصل روسيا عن منظومة "سويفت"، فتتخوف السلطات الروسية من أن يؤدي ذلك إلى انهيار المنظومة المصرفية في البلاد وتوقف المعاملات المالية الخارجية، وعلى رأسها تحويلات قيمة الغاز الروسي.

وأوضح أحد مصادر "إر بي كا" أنه تحسبا لهذه الحالة، تنظر روسيا في إمكانية إجراء التحويلات الخارجية عبر شركات الوساطة.

وحتى الآن، لم يواجه سوى بلدين في العالم مشكلة فصلهما عن منظومة "سويفت"، وهما إيران في عام 2012، وكوريا الشمالية في عام 2017. إلا أن كلا البلدين كانا يخضعان لعقوبات أممية، وهو أمر لا ينطبق على روسيا، مما يقلل من واقعية تحقق هذا السيناريو المتشدد.

من جهته، أعرب مصدر مقرب من الكرملين عن مخاوفه من فرض عقوبات على أكبر المصارف الروسية، وفي مقدمتها "سبيربنك" و"في تي بي"، مما قد يؤدي إلى تكرار سيناريو شركة "يو سي روسال" المنتجة للألمونيوم التي سارع المستثمرون الأجانب للتخلص من أسهمها على إثر إدراجها على قائمة العقوبات الأميركية في وقت سابق من إبريل/نيسان الجاري.

وفي تلك الأثناء، بدأت الأسواق الروسية تنتعش بعد تجاوزها تداعيات الإعلان عن العقوبات الأميركية الجديدة في 6 إبريل/نيسان الجاري، كما زادت الأنباء عن تأني الإدارة الأميركية في توسيع رقعة العقوبات، من ثقة المستثمرين.

وبعد تراجعها إلى أدنى مستويات منذ عام 2016 وارتفاع سعر صرف الدولار إلى أكثر من 65 روبلا في تعاملات بورصة موسكو في الأسبوع الماضي، بدأت العملة الروسية الأسبوع الجديد بأداء مستقر عند مستوى 61 - 62 روبلا للدولار.

ومع ذلك، رأت صحيفة "كوميرسانت" أن "تأجيل العقوبات لا يعني إلغاءها"، مما يدفع المستثمرين لضبط النفس تحسبا لفرضها في أي لحظة.

وردا على فرض عقوبات أميركية على عدد من الشركات الروسية ورجال الأعمال المقربين من الكرملين، أعد مجلس الدوما (النواب) الروسي مشروع قانون العقوبات الجوابية، ليشمل حظرا وقيودا على استيراد بعض المنتجات الأميركية، بما فيها الكحول والتبغ والدواء وبرامج الحاسب الآلي، وحظر توظيف المواطنين الأميركيين، ورفع رسوم الملاحة في الأجواء الروسية وغيرها من الإجراءات.

وكانت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي قالت يوم الأحد الماضي إن واشنطن تعد عقوبات جديدة على روسيا بسبب دعمها لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، لكن ترامب قرر الإثنين إجراء هذه العقوبات.

ووسعت الولايات المتحدة قبل أيام من قائمة المؤسسات والأشخاص الذين تطاولهم العقوبات، بسبب ما قالت أجهزة مخابرات أميركية إنه تدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية. ونفت موسكو ارتكاب أي مخالفات. وسبق أن فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على موسكو في أعقاب انفصال شبه جزيرة القرم عن أوكرانيا وانضمامها إلى روسيا في 2014.

من جانبه، توقع رئيس مصرف "سبيربنك" الروسي غيرمان غريف، اليوم الثلاثاء أن تنعكس تقلبات سوق العملات الروسية، التي شهدتها مؤخرا بسبب العقوبات الأمريكية، سلبا على الأداء المالي للمصرف.

وقدر غريف حجم الخسائر التي لحقت بالقطاع المصرفي الروسي ككل بسبب تذبذب سعر صرف الروبل وسوق العملات المحلية بنحو 80 - 100 مليار روبل (نحو 1.62 مليار دولار).

كما قلل المصرفي الروسي من شأن تأثير هذه العقوبات، وقال إن تقلبات سوق العملات الراهنة تختلف بشكل كبير عن الأزمة المالية، التي عصفت بالاقتصاد الروسي في العام 2014، حيث لا توجد أسباب جدية لتدخل البنك المركزي الروسي واتخاذ تدابير خاصة.

ورفض غريف الكشف عن توقعاته لسعر صرف العملة الروسية في الفترة المقبلة، لكنه قال إن "سبيربنك"، الذي يعد أكبر المصارف في روسيا، وضع سيناريوهات مختلفة لأداء الروبل للفترة القادمة.

يذكر أن وزارة الخزانة الأمريكية فرضت مطلع شهر أبريل الجاري عقوبات اقتصادية ضد 24 شخصية روسية و14 مؤسسة وشركة، على إثرها تراجعت الأسهم الروسية وانخفض سعر صرف العملة الروسية.

المساهمون