موريتانيا متخمة من الخلوي

19 نوفمبر 2014
يبيع الخطوط الهاتفية الخلوية (جورج غوبيت/فرانس برس)
+ الخط -
شهد قطاع الاتصالات في موريتانيا تطوراً كبيراً في العقد الماضي، موفراً فرص عمل لآلاف الموريتانيين ‏العاطلين عن العمل. وتعتبر سوق الهواتف المحمولة من أكثر الأسواق شعبية وحيوية في موريتانيا، ‏وهي شاهدة على التغيّر الكبير الذي طرأ على حياة الموريتانيين، بعد خصخصة قطاع الاتصالات ‏ودخول استثمارات عربية في تنافس مع شركات محلية على سوق الاتصالات الموريتانية.‏

خصخصة الاتصالات
وقد بدأ تنظيم قطاع الاتصالات بإصدار الحكومة الموريتانية القانون رقم 99 الصادر في 11 ‏يوليو/تموز 1999 المنظم للقطاع، والذي حل محله القانون رقم 2013-025 الصادر بتاريخ 15 ‏يوليو/تموز 2013.‏
وأدى قرار خصخصة قطاع الاتصالات إلى دخول ثلاث شركات عربية إلى موريتانيا، هي الشركة ‏الموريتانية التونسية للاتصالات "ماتل" التي تمتلك الدولة ورجال أعمال موريتانيون نسبة 43‏‎%‎‏ من ‏أسهمها، والنسبة الباقية لشركة اتصالات تونس. والشركة الموريتانية المغربية للاتصالات "موريتل" التي ‏تمتلك الحكومة الموريتانية نسبة 45%‏‎ ‎‏منها، وباقي الأسهم لشركة اتصالات المغرب. إضافة إلى ‏الشركة الموريتانية السودانية للاتصالات "شنقيتل" التي يمتلك الموريتانيون نسبة 4.5% من أسهمها، ‏والنسبة المتبقية لشركة سوداتيل السودانية.‏
وبحسب بيانات سلطة تنظيم الاتصالات في موريتانيا (الجهة الحكومية المسؤولة عن قطاع ‏الاتصالات) فقد بلغ عدد المشتركين في الهاتف الخلوي‎ ‎نسبة 100% في العام الماضي، بدلاً من ‏‏%0.11 في العام 2001، وفق بيانات اتحاد الاتصالات العالمي. ويقدر عدد المشتركين في خدمة ‏الهاتف المحمول في موريتانيا حالياً بأكثر من 3.8 مليون مشترك.‏
وقد كشف ممثل البنك الدولي في موريتانيا مختار تيام أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لا ‏يستوعب أكثر من 1.7% من الموريتانيين النشطين اقتصادياً، أي بما يوازي 66 ألف موريتاني.‏
وأشار تقرير متخصص صادر عن مجموعة المرشدين العرب لقياس مستوى التنافس في أسواق الخلوي ‏العربية لعام 2014‏‎ ‎‏ إن سوق الهاتف المحمول في موريتانيا يحتل المرتبة 14 في قائمة الأسواق ‏العربية الأكثر تنافسية في تقديم خدماتها‎.‎
ومع أن السوق الموريتانية غير مغرية بالمعني الاقتصادي؛ إذ لا تزيد نسبة السكان على 3.9 مليون ‏نسمة فقد بلغت استثمارات شركات الهاتف الخلوي نحو 130 مليار أوقية (357 مليون يورو) ‏في البلاد خلال السنوات العشر الأخيرة.‏
الدور المحوري الذي تقوم به شركات الاتصال في موريتانيا في مجال التنمية وامتصاص البطالة لم ‏يمنع من توجيه انتقادات لها، حين لم تقم هذه الشركات بتغطية كامل التراب الوطني كما هو محدد في ‏اتفاقية الحصول على الرخصة. كما أن تدني الخدمات وارتفاع سعر التعرفة جعل العديد من المواطنين ‏يتهمون سلطة التنظيم بالتواطؤ مع شركات الاتصال.‏
‏ وقد ردت سلطة التنظيم أخيراً، بفرض تحديد سعر التعرفة على الشركات ونشره للجمهور عبر موقعها ‏الإلكتروني، كما نظمت سلطة التنظيم استشارة عمومية عبر موقعها لتقييم أداء شركتي ماتل وموريتل ‏اللتين تنتهي رخصتهما في نهاية عام 2014.‏
وتسيطر شركة موريتل على نحو 60‏‎%‎‏ من سوق الاتصالات في موريتانيا فيما تسيطر شركة "شنقيتل" ‏على نحو21‎ ‎‏% من سوق الاتصالات في موريتانيا. أما شركة ماتل فقد تراجع حضورها في السوق في ‏السنوات الأخيرة، في ظل خلافات بين النظام الحاكم والشريك الموريتاني المساهم فيها رجل الأعمال محمد ‏ولد بوعماتو. وقد تردد أن الشركة على حافة الإفلاس وأنها في طريقها للبيع لشركة أورانج الفرنسية .‏
الخبير الاقتصادي محمد الأمين ولد أحمد قال إن شركات الاتصالات في موريتانيا نموذج ناجح ‏للاستثمارات العربية في موريتانيا، "حيث يضخ القطاع مبالغ طائلة في الاقتصاد الموريتاني، ويساهم في ‏التخفيف المباشر وغير المباشر من آثار البطالة المنتشرة في صفوف الشباب الموريتاني. وتقدر العمالة ‏الموريتانية في هذه الشركات بالآلاف، فضلا عن العمالة غير المباشرة".‏
واستدرك ولد أحمد قائلا "لكن هناك تردٍ واضح في خدمات هذه الشركات في السنوات الأخيرة، فخدمات ‏الإنترنت ضعيفة وهنالك رداءة في الخطوط، وتوجد مناطق ريفية واسعة لا تشملها تغطية هذه الشركات. ‏وسبب ذلك يرجع إلى ضعف الرقابة الحكومية وعدم قيام سلطة التنظيم بدورها المطلوب".‏
المساهمون