وشهد الملعب الأولمبي، وسط العاصمة، حفل تنصيب ولد عبد العزيز، وسط حضور عربي ودولي وصف بالضعيف، في مقابل حضور أفريقي كبير.
حضر الأفارقة وغاب العرب
سبق الحفل جدلٌ حول حضور زعماء دول الجوار، خصوصاً المغرب، في ظل حديث عن تأزم العلاقات بين البلدين. وقد مثّل المغرب رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، وكان التمثيل الجزائري مماثلاً، إذ ترأس الوفد رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، بينما أرسلت بقية الدول العربية وزراء وسفراء لحضور الحفل، ولم يحضر أي رئيس، ولا رئيس وزراء عربي.
جاء ذلك في ظل فتور يعتري العلاقة بين الرباط ونواكشوط، في مقابل تقارب لافت بين الأخيرة والجزائر، كان من أبرز مظاهره حصول موريتانيا على رئاسة الاتحاد الأفريقي بمساعدة من الجزائر.
وكانت الصحافة المغربية قد هاجمت موريتانيا على خلفية هذا التقارب، متهمة إياها بالتخلي عن موقفها المحايد في ما يتعلق بالنزاع في الصحراء الغربية، غير أن الرئيس الموريتاني نفى، في مقابلة صحافية، وجود توتر في العلاقات بين البلدين.
وعلى عكس الحضور العربي الضعيف، كان الحضور الأفريقي كبيراً ولافتاً، فالرئيس الموريتاني يتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي حالياً، وله علاقات وثيقة بالعديد من القادة الأفارقة، وقد حضر ستة رؤساء أفارقة، في مقدمتهم الرئيسان المالي والسينغالي، كما حضر الرئيسان التشادي والغامبي، في حين اكتفت الولايات المتحدة وأوروبا بسفرائهم في نواكشوط.
المعارضة تقاطع
من جهتها، استبقت المعارضة الموريتانية الحفل فأعلنت رفضها حضوره، وتوقعت غياب قادة وزعماء العالم عنه، لكن وزير الاتصال الموريتاني، سيد محمد ولد محمد، قال إن "حضور حفل تنصيب الرئيس كبير ومعبّر عن مكانة موريتانيا الإقليمية والدولية".
وشنّ الوزير هجوماً لاذعاً على المعارضة الموريتانية، وقال إن "قادة ائتلاف المعارضة مجموعة من المتقاعدين السياسيين لفظهم الشعب الموريتاني، ورفض خياراتهم".
جاء تصريح وزير الاتصال بعد بيان أصدره الرئيس الموريتاني الأسبق، إعلي ولد محمد فال، قال فيه إن "قادة العالم يرفضون المشاركة في تنصيب نظام يرفضه شعبه"، ودعا ولد محمد فال، في بيان شديد اللهجة، دول لعالم إلى "عدم حضور هذا المأتم المشؤوم، والمشاركة في تقديم موريتانيا من جديد كذبيحة أو شاة عيد لمتمرد عسكري ملفوظ داخلياً وخارجياً".
بدوره، وصف منتدى المعارضة تنصيب ولد عبد العزيز بأنه "خطوة للوراء" في مجال الديمقراطية.
وقال القيادي في منتدى "الديمقراطية والوحدة"، ورئيس حزب "اللقاء الديمقراطي"، محفوظ ولد بتاح، إن المنتدى لن يعترف بولد عبد العزيز رئيساً. وأضاف ولد بتاح، الذي كان يتحدث أمام جمع من أنصار المنتدى تجمهروا بالتزامن مع حفل التنصيب، أنهم يرفضون العملية برمتها بدءاً بالانتخابات وانتهاءً بحفل التنصيب.
خطاب بروتوكولي
وحضر الرئيس الموريتاني إلى المعلب الأولمبي، وسط إجراءات أمنية مشددة، وكان في استقباله أعضاء الحكومة، وكبار الشخصيات المدنية والعسكرية، والوفود الأجنبية المشاركة في الحفل، إضافة لأعضاء المجلس الدستوري. وأدى الرئيس المنتخب اليمين الدستورية أمامهم، كما ينص على ذلك الدستور الموريتاني، وينص القَسَم على عدم جواز تغيير المادة التي تحدد مدة الرئاسة بولايتين رئاسيتين فقط.
وألقى ولد عبد العزيز خطاباً مطولاً، أشاد فيه بالانتخابات الرئاسية، والأجواء التي جرت فيها، والشفافية التي ميّزتها، كما تعهّد بمحاربة الفساد والغلوّ وكافة أشكال التفرقة، وتعزيز الوحدة الوطنية وقيم المواطَنة.
ولوحظ تجاهل الرئيس الموريتاني للأزمة السياسية مع المعارضة، الناجمة عن مقاطعة معظم القوى السياسية للانتخابات التشريعية والرئاسية، كما لم يتطرق في الخطاب إلى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وهو ما أثار حفيظة بعض النشطاء المدافعين عن القضية الفلسطينية، وقال الناشط، الحسن ولد المختار: "لم يتطرق الرئيس المُنصَّب، رئيس الاتحاد الإفريقي، للعدوان الصهيوني على غزة، ولو بشطر كلمة يابس من ضفاف المحيط".
من جهته، علّق الكاتب الصحافي أحمد ولد الوديعة، على عدم تطرق ولد عبد العزيز إلى العدوان على غزة، بالقول: "أنهى الجنرال خطابه في حفلة التنكر دون أي ذكر للعدوان الصهيوني على غزة".
لكن فلسطين لم تغب عن الحفل تماماً، فقد فاجأت فرقة "أولاد لبلاد" الفنية المشاركين في الحفل بارتداء أعضائها قمصاناً تحمل شعارات مناصرة لغزة، وطالبوا الحضور بمساعدة أهالي القطاع.
نجل الرئيس
وشكل حضور نجل الرئيس لحفل تنصيب والده، وهو مصاب بطلق ناري قبل يومين، مفاجأة للمراقبين. ويُعتقد أنها محاولة للرد على الشائعات الكثيرة التي صاحبت الحادثة، وما اكتنفها من غموض وروايات متضاربة، إذ أراد الرئيس، بحضور نجله وهو متكئ على عصاه وفي حالة صحية جيدة، أن يرد على اتهامات خصومه السياسيين، وأن يقطع الطريق على أي محاولة لاستغلال الحادثة من الناحية السياسية.