تلقي الحكومة بمرضى السرطان، تحت ذريعة ضبط النفقات والتأمين الصحي المجاني، في المستشفيات الحكومية التي تعاني الاكتظاظ ونقص الكوادر، ولا تمتلك سمعة حسنة في علاج هذا المرض. لم تكتف بذلك، بل عبثت بمشاعر المرضى المتعلّقين بالأمل، عندما استثنت، بشكل مخادع، المصابين على أسرّة العلاج، من الإبعاد القسري إلى المستشفيات الحكومية، ليتفاجأوا عند تجديد التأمين الصحي بالإبعاد، ويتفاجأوا أكثر بعد تأكيد الحكومة على قرار استثنائهم بتقليص مدة التأمين، في انتظار فرصة سانحة لتطبيق قرار الإبعاد.
قطع "مركز الحسين للسرطان" منذ افتتاحه عام 1997، خطوات رائدة في توظيف أحدث ما توصّل إليه العِلم في سبيل رعاية شمولية لعلاج المرضى من مختلف الفئات العمرية من المصابين بمختلف أنواع السرطانات. وهو قصة نجاح أردنية على مستوى المملكة والمنطقة، منح المرضى قبل العلاج الأمل بالشفاء، والعزيمة على هزيمة السرطان، وزرع في قلوب عائلاتهم الطمأنينة. تطور المركز ويتطور، في وقت تراجعت وتتراجع الخدمات في المستشفيات الحكومية، وتراجعت ثقة المواطنين بالخدمات التي تقدمها هذه المستشفيات، من دون أن تحرّك الحكومات المتعاقبة ساكناً، وهي التي يطير أفرادها للعلاج خارج البلاد عند المرض.
تحويل المرضى من "مركز الحسين" إلى القطاع الحكومي ضمن هذه المعطيات، يمثّل جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان، تستوجب الملاحقة. وكذلك، فإنّ حرمان المرضى الجدد من العلاج في المركز، يمثّل حكماً مسبقاً بإعدامهم ويستوجب المقاومة. أما الجريمة المضاعفة، فتتمثّل باستمرار التدمير الممنهج للمستشفيات الحكومية لصالح القطاع الخاص، من دون مراعاة لحقّ الفقراء بالعلاج.