موازنة سورية الواهية

04 يناير 2016
غياب الأرقام الحقيقية لموازنات سورية(لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -
"الاقتصاد السوري يواصل نموه وازدهاره"، هكذا تصرح الحكومة السورية، وهي تعلن الموازنة العامة للدولة لعام 2016. كيف لا، وقيمة الموازنات العامة ترتفع باستمرار، عاماً بعد آخر؟ لتضفي مزيداً من الغرور والأوهام على الحكومة التي لا تكترث بكون تلك الارتفاعات اسمية فقط، وبأن الواقع يظهر سلسلة انخفاضات غير مسبوقة في القيمة الحقيقية للموازنة العامة للدولة على مدى العقدين الماضيين، أصغرها على الإطلاق هي موازنة العام 2016 التي توصف بأنها الأضخم في تاريخ سورية.
كانت الحكومة السورية قد أعلنت أن الموازنة العامة للدولة لعام 2016 بشقيها الجاري والاستثماري بلغت 1980 مليار ليرة سورية، بزيادة عن ميزانية العام 2015 البالغة 1554 مليار ليرة بنحو 21.5%. وبذلك تكون الموازنة الجديدة هي العليا في تاريخ البلاد بحسب رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي، رغم انحسار الإيرادات وارتفاع النفقات خلال السنوات الماضية وبمعدلات هي العليا أيضاً. ليس هذا تناقضاً من منظور الحكومة السورية، لكنه يعبر عن كونها موازنة "مواجهة وتحد وحرب" كما أطلق عليها الحلقي.
في ضوء تدهور سعر صرف الليرة السورية بشكل كبير، يبدو من الطبيعي أن تصدر موازنات الحكومة السورية بارتفاع مستمر، عاماً بعد آخر، مقيمة بالليرة السورية التي تتراجع قيمتها. وهو ما جعل كل موازنة صدرت خلال السنوات الماضية هي العليا في تاريخ سورية حين صدورها.
لكن القيمة الحقيقية للموازنة العامة للدولة كانت في انحدار مستمر خلال السنوات الخمس الماضية ويظهر ذلك بوضوح.
لقد بلغت موازنة العام 2011، والتي صدرت قبل اندلاع الثورة السورية، 835 مليار ليرة، أي ما يعادل 17.5 مليار دولار، على أساس سعر الصرف الذي كان سائداً في ذلك الوقت. ليبدأ الانحدار مع اندلاع الثورة السورية، حيث بلغت موازنة العام 2012 ما قيمته 1326 مليار ليرة سورية أي ما يقارب 14 مليار دولار بسبب تراجع سعر صرف الليرة. في العام 2013 ارتفعت الموازنة اسمياً إلى 1383 مليار ليرة، ولكن استمرار تراجع سعر صرف العملة المحلية جعل قيمتها الفعلية تبلغ نحو 6 مليارات دولار، وهو انخفاض هائل عن العام السابق يقدر بنحو 133%، لكنه لم يثر الكثير من المخاوف لدى الحكومة السورية المشغولة بادعاءات النمو والتنمية في ظل الحرب. في العام 2014 ارتفعت قيمة الموازنة العامة إلى نحو 8 مليارات دولار لتبقى بعيدة جداً عن سنوات ما قبل الثورة، لكنها عادت في العام 2015 للتراجع رغم ارتفاعها بالليرات السورية إلى 1554 مليار ليرة سورية لكنها سجلت نحو 5.5 مليارات دولار. أما القيمة الفعلية للموازنة الأخيرة 2016 والتي تفاخر بها الحكومة السورية وتعتبرها العليا في تاريخ سورية فتبلغ 5 مليارات دولار فقط، أي أنها الموازنة الصغرى خلال العقدين الماضيين.
لقد باتت الموازنة صورية إلى حد كبير ولا تعكس الإيرادات الحقيقية والإنفاق الحقيقي. ففي حين ارتفع الإنفاق الاسمي على الدعم الاجتماعي في الموازنة الجديدة من 984 مليار ليرة سورية إلى 1053 مليار ليرة، تشير الأرقام الفعلية إلى أنه انخفض من 3.6 مليارات دولار إلى 2.6 مليار دولار نظراً للتراجع الحاد في سعر صرف الليرة السورية.

اقرأ أيضاً:الضرائب لتموين الخزينة السورية
المساهمون