مواجهة قطار صفقة القرن

27 يناير 2018
تظاهرة ضد صفقة القرن وزيارة بنس بنابلس (فرانس برس)
+ الخط -

لم يعد حديث "صفقة القرن" مجرد تسريبات صحافية من هنا وهناك، بل يبدو أن قطار تطبيقه انطلق على أكثر من مستوى، بدايته مع قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، وما يعنيه ذلك من تغيير للوضع السياسي للمدينة الذي كان خاضعاً لمفاوضات الوضع الدائم.

ترامب لم يتوقف عند هذه النقطة، وأتبعها بأخرى مرتبطة بملف على نفس الدرجة من الحساسية بالنسبة للقضية الفلسطينية، حين قرر وقف دفع الحصة الأميركية من تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، تمهيداً لإلغاء هذه الوكالة وشطب قضية اللاجئين الفلسطينيين عن جدول الأعمال العالمي، وأيضاً إزاحتها عن مسار مفاوضات الوضع الدائم.

الخطوات السياسية التمهيدية التي اتخذتها الإدارة الأميركية، استتبعت بزيارة نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، إلى المنطقة، وهي الزيارة التي يمكن اعتبار أنها الإعلان الرسمي عن الرعاية الأميركية لهذه الصفقة، وبدء إبلاغ المعنيين بتفاصيلها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وهو ما حصل مع الفلسطينيين الذين رفضوا استقبال الزائر الأميركي، إذ تم تبليغهم بتفاصيل الصفقة وشروطها عبر السعودية، الراعي العربي للصفقة الأميركية.

ومن الواضح أن هذه الرعاية العربية تدفع ترامب وإدارته إلى مزيد من الضغط على القيادة الفلسطينية، إذ ضرب عرض الحائط بكل الأصوات في الجمعية العامة المعارضة لإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، ومضى في خطته عبر الإعلان عن وقف الدعم المالي للفلسطينيين بسبب "إهانة" الإدارة الأميركية، ورفضهم العودة إلى المفاوضات.

قد لا تكون هذه سوى الخطوة الأولى من الابتزاز الأميركي والعربي للفلسطينيين، تمهيداً لتمرير صفقة القرن رغم رفض أصحاب القضية، الأمر الذي قد يدفع الرعاة إلى إيجاد قيادة بديلة، وهو ما بدأ الحديث عنه في بعض الدوائر العربية والأميركية، حيث بات هناك شبه إجماع على ضرورة استبدال الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، والذي أصبح يعيش في وضع سياسي شبيه بما كان يعيشه الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، مع فارق أن الأخير كانت لديه استراتيجية مواجهة اعتمد عليها في فترة ما بعد عدوان السور الواقي، على عكس الوضع الحالي للسلطة الفلسطينية، والتي تبدو عاجزة أمام كم الضغوط، التي يبدو أنها لا تزال في بدايتها.

المساهمون