يُعد فن "التبوريدة" من أقدم وأعرق الفنون المغربية التي توارثتها الأجيال منذ قرون، إذ حرص المغاربة على مر العصور على تعليم وتدريب أبنائهم على الفروسية والقتال، الذي تطور إلى إطلاق النيران أثناء العدو بالخيل والذي عُرف باسم التبوريدة.
ويتم تنظيم العديد من المهرجانات الخاصة بهذا الفن الذي تتسابق فيه العائلات والقبائل لاستعراض مهارات أبنائها، ومنها مهرجان المنصورية للفروسية التقليدية والتبوريدة، والذي تنعقد حالياً بمدينة المنصورية جنوب العاصمة الرباط دورته الثالثة عشرة من نسخته الثانية.
ويُعد مهرجان المنصورية من أقدم وأعرق مهرجانات الفروسية والتبوريدة في المغرب، فهو تقليد سنوي قديم يعود لأكثر من ثمانين عاما، وكان يُسمى موسم الولي الصالح سيدي محمد الشرقي، وتُشارك فيه فرق تبوريدة من مختلف المدن والأنحاء المغربية، حيث شارك في دورته الحالية 19 فرقة من 19 مدينة وجهة مختلفة من أنحاء المملكة المغربية.
وتتميز مهرجانات التبوريدة بطقوسها وأجوائها، إذ تتسابق الفرق والقبائل في ارتداء الملابس التقليدية بألوانها الزاهية، مصحوبة بالسيوف والبنادق، كجزء لا يتجزأ من المظهر العام لفارس التبوريدة، وكذلك تتنافس في اقتناء أقوى وأجود أنواع الخيول التي تشارك بها في العرض.
ويبدأ العرض بتقدم الفرقة وإلقاء التحية على المشاهدين برفع البنادق لأعلى، ثم العدو سريعاً بالخيول وإطلاق النيران التي يُطلقون عليها اسم "البارود" ومنه جاء اسم "التبوريدة"، ويكون معيار التفوق بين الفرق هو التنظيم المحكم في ملابس الفرقة وفي لحظة الانطلاق وضرب البارود، فكلما حافظ الفريق على إطلاق البارود في نفس اللحظة كلما نال استحساناً أكبر.
وقال عدد من الفرسان المشاركين في المهرجان، إنهم يعملون في وظائف وأشغال بعيدة تماماً عن الفروسية والخيل، فمنهم من يعمل في وظائف حكومية محاسبين ومهندسين، ومنهم الأطباء والمدرسون، ومنهم مهاجرون في دول أوروبية، ويجمعهم حب التبوريدة والفروسية الذي يأتون بسببه كل عام في نفس الموعد وينفقون ألاف الدولارات من أجل إتمام هذا العرض.
ومن هؤلاء قرقور الخليل (43 عاماً) وهو موظف حكومي، قال لـ"العربي الجديد" إنه يهوى فن التبوريدة التي يتم توارثها عبر الأجيال، والتي يعلمها جيل لآخر.