مهرجان أفلام النازحين: الكاميرا في الخيمة

05 ابريل 2015
نازحة عراقية في أربيل (تصوير: مات كاردي)
+ الخط -

كثيراً ما يؤخذ على الفن والإعلام العراقيين ابتعادهما عن هموم الناس ومعاناتهم، والمكوث في أبراج لا تلامس نتاجاتها غير هموم النخبة التي تعيش فصاماً عن واقعها. لكن مجموعة من طلبة كلية الإعلام في "الجامعة العراقية" قدّموا نموذجاً مختلفاً لذلك ـ على بساطته ـ حين قاموا بإنتاج عدد من الأفلام التسجيلية القصيرة التي توثّق أوجاع نازحي العراق؛ ممن تركوا ديارهم أخيراً على وقع أزيز الرصاص والقنابل والمعارك المحتدمة.

وها إن أوضاعهم تزداد سوءاً مع اتساع رقعة المعارك في مدنهم ومحافظاتهم وانسداد أفق الحل السياسي لقضيتهم. هذه المأساة دفعت الطلاب المذكورين إلى التضامن معهم بالإمكانيات المتوفّرة لديهم، وعرض الأفلام في مهرجان خاص بها.

سليمان صالح مهدي أحد الطلبة المشاركين قال إن الهدف الرئيسي من هذا المهرجان هو استثارة الضمير العراقي عبر توجيه رسائل مباشرة تتضمن أسئلة من نوع: ماذا لو كانت هذه أسرتك التي ترقد في خيمة في العراء؟ ويؤكد مهدي أن حلم هؤلاء بالعودة إلى منازلهم أصبح لدى بعضهم اليوم أشبه بأمنيات صعبة المنال.

"غربة وطن"، "مجهولون إلى مجهول"، "قصة نازح"، "إحنا أهلكم"، عناوين لبعض هذه الأفلام، توجّهت، كما يقول أصحابها، إلى المواطن العراقي البسيط، مخاطبةً ضميره الذي يفترض أن يكون منزّهاً عن الانتماء الطائفي في التعامل مع القضايا الإنسانية.

زهراء عبد الحميد، المشاركة في إعداد فيلم بعنوان "وجوه"، تقول إنها وزملاؤها حاولوا إيصال فكرة أن وجوه العراقيين جميعاً تتشابه في لحظات الفرح والتعاسة، وتكاد تتماثل حتى في خطوط الحزن والتجاعيد التي تظهر على تقاسيم ملامح المهجّرين والمقيمين على حد سواء، وأن الشعور بالمصير المشترك لا بد أن يدفع الجميع إلى التضامن مع كل متضرِّر مما يدور اليوم. وتشير عبد الحميد إلى أن الطلبة تحمّلوا نفقات إنتاج هذه الأفلام بأنفسهم، بما في ذلك استئجار كاميرات حديثة للتصوير، الأمر الذي كلّفهم مبالغ مالية كبيرة نسبياً، من دون أن يثنيهم عن إكمال مشروعهم هذا.

أما هاجر حبيب، فتؤكد أن الغرض الرئيسي من توثيق معاناة النازحين هو إطلاق نداءات استغاثة إلى الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية كي تتدخّل لوضع حد لمعاناة هذه الفئة من الموطنين العراقيين التي ذهبت ضحية لصراعات الساسة.

وكمحاولة لتقديم صورة أكثر دقة وواقعية، قرّر بعض هؤلاء الطلاب الذهاب إلى مخيمات النازحين في المدارس، وعلى أطراف بغداد، ليعيشوا بعض الأوقات معهم وينقلوا ما رأوه عبر عدسات الكاميرا.

محمد زنكنة واحد من هؤلاء. يقول إنه ذهب إلى أحد المخيمات جنوبي بغداد ورأى كيف يقضون تفاصيل شتائهم القاسي مع قلة الغذاء والوقود، وندرة فرص العمل التي تؤمّن لهم الحصول على احتياجاتهم الأساسية. لكنه يؤكد أن حجم المأساة أكبر من ذلك بكثير، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن هذه التجربة منحته الكثير من الخبرة الميدانية التي يعتبر أن الإعلام العراقي ما زال يفتقر إليها.

ويسعى هؤلاء الطلاب إلى التواصل مع بعض القنوات العراقية بغرض عرض أعمالهم على شاشاتها، إلا أنهم يواجهون بعض العراقيل والعقبات في ذلك، من بينها أن بعض هذه الفضائيات تشترط معايير تقنية عالية ربما لا تنطبق على أعمالهم. لكنهم يحتاجون ـ كما يقولون ـ إلى أن تتخذ هذه المؤسسات خطوات إيجابية، علماً أن كثيرين من بينهم يعتقدون أنهم سينتظرون كثيراً قبل أن يتحقق ذلك.

دلالات
المساهمون