في بلجيكا، عدد لا بأس به من المهاجرين غير الشرعيين. هؤلاء إمّا يرغبون في البقاء أو هي بالنسبة إليهم مجرّد محطّة عبور. في كلّ الأحوال لا بدّ من أن يلقى هؤلاء معاملة إنسانية لائقة
من حديقة ماكسيميليان في مدينة بروكسل، حيث يتجمّع مهاجرون لا مأوى لهم، في الليل كما في النهار، أطلق مواطنون بلجيكيون مبادرة إنسانيّة تقضي باستضافة هؤلاء وتقديم المساعدة لهم. وما يقوم به الناشطون يكون في الليل، بعدما يفرغ مبنى إدارة شؤون اللاجئين المجاور للحديقة وبعدما تخفّ الحركة في المكان.
في كلّ مساء، يتكرر المشهد نفسه. من جهة، عشرات المهاجرين ينتظرون دورهم. ومن الجهة الأخرى، متطوعون يسهرون على التنظيم، قبل أن تغادر السيارات المكان واحدة تلو الأخرى. تحت جنح الظلام يُنقل المهاجرون لقضاء ليلة دافئة في مكان ما في بلجيكا. يُذكر أنّه في كل ليلة، تجري مساعدة نحو 250 شخصاً بحسب ما يفيد الناشطون.
والمبادرة أتت لتجنيب هؤلاء المهاجرين البقاء في العراء وسط البرد، وكذلك لتجنيبهم خطر الاعتقال. وفي السياق، سجّل أكثر من 16 ألف مواطن بلجيكي اسمه على صفحة "فيسبوك" خاصة بمنصة دعم المواطنين للمهاجرين، منذ إنشائها في سبتمبر/ أيلول الماضي. ولأنّ عدد هؤلاء يتزايد، دعا مطلقو المنصّة إلى إنشاء مجموعات إقليمية وفرعية.
والمضيفون هم عادة عائلات وأفراد يقطنون بمفردهم، بالإضافة إلى أشخاص يتشاركون غرفاً مستأجرة وهم طلاب بمعظمهم. صوفي على سبيل المثال، تتشارك منزلاً مع ستة أشخاص آخرين في بروكسل، وقد وافقوا جميعهم على استضافة مهاجر واحد كلّ أسبوع. وكانت صوفي قد سجّلت اسمها على موقع المنصة على الإنترنت قبل نحو شهر بحسب ما تخبر "العربي الجديد"، موضحة أنّ "ثمّة ثلاثة أنواع من العروض إمّا تأمين الإقامة أو النقل أو المساعدة. وأنا لم أندمج فعلياً في المبادرة إلا في الأسبوع الثاني، كواجب مدني". لكنّ صعوبة العملية، بالنسبة إلى المضيفين، تكمن في العثور على سائق لنقل المهاجر من حديقة ماكسيميليان إلى مكان مبيته. فوسائل النقل العام غير مضمونة، وهي خطرة عليه. بالتالي قد يتطلّب الأمر وقتاً لتأمين النقل، بحسب صوفي التي تؤكد أنّه "من الضرورة التحلي بالصبر". وتشير إلى أنّ "ميزة التعاون مع أشخاص آخرين تبرز هنا، إذ يمكن تقسيم المهام ما بين تسجيل عبر الإنترنت وإعداد الغرفة للضيف والتسوّق والطهي والترحيب به".
اقــرأ أيضاً
من جهته، يقول مهدي كاسو وهو من الأعضاء المؤسسين لمنصة دعم المواطنين للاجئين، إنّه "في البداية كنّا ألف شخص مسجّلين في مجموعة فيسبوك، وكان من السهل إدارة الأمر. لكن، مع انضمام عدد كبير من المضيفين والسائقين، وصل عدد الرسائل الواردة إلى مستويات غير متوقّعة، مئات في اليوم الواحد". وهو الأمر الذي دفع المنظمين في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول، إلى البدء في إنشاء أولى المجموعات الفرعية، بحسب المناطق وثم المدن. ويشرح كاسو لـ "العربي الجديد" أنّه "حالما يصل عدد أفراد مجموعة إقليمية إلى ألف، فإنّه يُصار إلى إنشاء مجموعات فرعية. وتسمح هذه الطريقة على المستوى المحلي بإنشاء شبكات بين المضيفين من المنطقة نفسها، وبالتالي تجنيب المهاجرين العودة إلى حديقة ماكسيميليان بين ليلة وأخرى على سبيل المثال".
في السياق، تسعى صوفي إلى إنشاء مجموعة فرعية في حيّها بعد استقبالها مهاجراً سودانياً. تقول: "كان محتشماً وبالكاد يتكلم. وفي اليوم التالي فقط أدركت كم كان الأمر صعباً بالنسبة إليه. فالمراحل سريعة. نأتي لاصطحابه في الحديقة، ثم يستقل شاحنة أو سيارة مع رجل لا يعرفه، لينتقل إلى المبيت مع ناس لا يعرفهم. هذا أمر يصعب تقبّله بطريقة سريعة". وكانت المجموعة قد اختارت للشاب السوداني العائلة التي سوف تستقبله في الليلة التالية في منزل آخر، على بعد مئات من الأمتار. يقول المهاجر السوداني الذي فضّل عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، إنّه "من الأفضل أن يعرف الواحد منّا أنّه سوف يُستقبل في الحيّ نفسه وأنّه لن يضطر إلى العودة إلى الحديقة". يضيف أنّ "تغيير المكان في كلّ ليلة أمر صعب. أشعر بأنّني ما زلت أسافر منذ سنتَين ونصف السنة. وأنا بذلك، أبقى بالملابس نفسها، إذ ليس لديّ وقت لغسلها". وتأمل صوفي أن تكون قادرة على التوصّل إلى حلّ من خلال "المجموعات الفرعية في الأحياء التي سوف تتمكّن كذلك من جمع الطعام والملابس والتنسيق لغسلها كذلك".
وماذا بعد هذه المساعدة؟ سؤال يطرحه مشاركون كثيرون. ويشير فرانسوا وهو شاب بلجيكي استضاف مهاجراً غينياً لأيام عدّة، إلى أنّ "الشاب البالغ من العمر 20 عاماً، استضافته مجموعة من الأشخاص لمدّة ثلاثة أسابيع. لكنّ المحامين الذين استشرناهم أفادونا بأنّ فرص حصوله على اللجوء ضئيلة جداً. لذا نحن لا نعرف ما العمل". يُذكر أنّ سياسة اللجوء البلجيكية ما زالت صارمة. يضيف فرنسوا لـ "العربي الجديد": "لا نعرف ماذا نقول لهؤلاء الضيوف الذين استقبلناهم وأصبحوا أصدقاء ولكنّهم لم يأتوا من بلد في حالة حرب أو من منطقة مضطربة يتعرّضون فيها إلى الاضطهاد شخصياً. رسالة بلجيكا واضحة: واصلوا طريقكم". ويلفت إلى أنّ هؤلاء يفضّلون الالتحاق ببريطانيا.
تجدر الإشارة إلى أنّه ومنذ أشهر، تطالب مجموعة من المنظمات غير الحكومية، وفي مقدّمتها "أطباء العالم" و"أوكسفام" و"أطباء بلا حدود" و"اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، بفتح مركز استقبال وتوجيه بهدف مساعدة المهاجرين الذين يمرّون في بروكسل. لكنّ الحكومة الفدرالية، من خلال وزير الدولة لشؤون اللجوء والهجرة، تيو فرانكن، ترفض هذا الطلب خوفاً من تبعاته. لذا أنشأت هذه المنظمات غير الحكومية "مركزاً إنسانياً" بالقرب من حديقة ماكسيميليان لتقديم المشورة القانونية إلى المهاجرين.
من حديقة ماكسيميليان في مدينة بروكسل، حيث يتجمّع مهاجرون لا مأوى لهم، في الليل كما في النهار، أطلق مواطنون بلجيكيون مبادرة إنسانيّة تقضي باستضافة هؤلاء وتقديم المساعدة لهم. وما يقوم به الناشطون يكون في الليل، بعدما يفرغ مبنى إدارة شؤون اللاجئين المجاور للحديقة وبعدما تخفّ الحركة في المكان.
في كلّ مساء، يتكرر المشهد نفسه. من جهة، عشرات المهاجرين ينتظرون دورهم. ومن الجهة الأخرى، متطوعون يسهرون على التنظيم، قبل أن تغادر السيارات المكان واحدة تلو الأخرى. تحت جنح الظلام يُنقل المهاجرون لقضاء ليلة دافئة في مكان ما في بلجيكا. يُذكر أنّه في كل ليلة، تجري مساعدة نحو 250 شخصاً بحسب ما يفيد الناشطون.
والمبادرة أتت لتجنيب هؤلاء المهاجرين البقاء في العراء وسط البرد، وكذلك لتجنيبهم خطر الاعتقال. وفي السياق، سجّل أكثر من 16 ألف مواطن بلجيكي اسمه على صفحة "فيسبوك" خاصة بمنصة دعم المواطنين للمهاجرين، منذ إنشائها في سبتمبر/ أيلول الماضي. ولأنّ عدد هؤلاء يتزايد، دعا مطلقو المنصّة إلى إنشاء مجموعات إقليمية وفرعية.
والمضيفون هم عادة عائلات وأفراد يقطنون بمفردهم، بالإضافة إلى أشخاص يتشاركون غرفاً مستأجرة وهم طلاب بمعظمهم. صوفي على سبيل المثال، تتشارك منزلاً مع ستة أشخاص آخرين في بروكسل، وقد وافقوا جميعهم على استضافة مهاجر واحد كلّ أسبوع. وكانت صوفي قد سجّلت اسمها على موقع المنصة على الإنترنت قبل نحو شهر بحسب ما تخبر "العربي الجديد"، موضحة أنّ "ثمّة ثلاثة أنواع من العروض إمّا تأمين الإقامة أو النقل أو المساعدة. وأنا لم أندمج فعلياً في المبادرة إلا في الأسبوع الثاني، كواجب مدني". لكنّ صعوبة العملية، بالنسبة إلى المضيفين، تكمن في العثور على سائق لنقل المهاجر من حديقة ماكسيميليان إلى مكان مبيته. فوسائل النقل العام غير مضمونة، وهي خطرة عليه. بالتالي قد يتطلّب الأمر وقتاً لتأمين النقل، بحسب صوفي التي تؤكد أنّه "من الضرورة التحلي بالصبر". وتشير إلى أنّ "ميزة التعاون مع أشخاص آخرين تبرز هنا، إذ يمكن تقسيم المهام ما بين تسجيل عبر الإنترنت وإعداد الغرفة للضيف والتسوّق والطهي والترحيب به".
في السياق، تسعى صوفي إلى إنشاء مجموعة فرعية في حيّها بعد استقبالها مهاجراً سودانياً. تقول: "كان محتشماً وبالكاد يتكلم. وفي اليوم التالي فقط أدركت كم كان الأمر صعباً بالنسبة إليه. فالمراحل سريعة. نأتي لاصطحابه في الحديقة، ثم يستقل شاحنة أو سيارة مع رجل لا يعرفه، لينتقل إلى المبيت مع ناس لا يعرفهم. هذا أمر يصعب تقبّله بطريقة سريعة". وكانت المجموعة قد اختارت للشاب السوداني العائلة التي سوف تستقبله في الليلة التالية في منزل آخر، على بعد مئات من الأمتار. يقول المهاجر السوداني الذي فضّل عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، إنّه "من الأفضل أن يعرف الواحد منّا أنّه سوف يُستقبل في الحيّ نفسه وأنّه لن يضطر إلى العودة إلى الحديقة". يضيف أنّ "تغيير المكان في كلّ ليلة أمر صعب. أشعر بأنّني ما زلت أسافر منذ سنتَين ونصف السنة. وأنا بذلك، أبقى بالملابس نفسها، إذ ليس لديّ وقت لغسلها". وتأمل صوفي أن تكون قادرة على التوصّل إلى حلّ من خلال "المجموعات الفرعية في الأحياء التي سوف تتمكّن كذلك من جمع الطعام والملابس والتنسيق لغسلها كذلك".
وماذا بعد هذه المساعدة؟ سؤال يطرحه مشاركون كثيرون. ويشير فرانسوا وهو شاب بلجيكي استضاف مهاجراً غينياً لأيام عدّة، إلى أنّ "الشاب البالغ من العمر 20 عاماً، استضافته مجموعة من الأشخاص لمدّة ثلاثة أسابيع. لكنّ المحامين الذين استشرناهم أفادونا بأنّ فرص حصوله على اللجوء ضئيلة جداً. لذا نحن لا نعرف ما العمل". يُذكر أنّ سياسة اللجوء البلجيكية ما زالت صارمة. يضيف فرنسوا لـ "العربي الجديد": "لا نعرف ماذا نقول لهؤلاء الضيوف الذين استقبلناهم وأصبحوا أصدقاء ولكنّهم لم يأتوا من بلد في حالة حرب أو من منطقة مضطربة يتعرّضون فيها إلى الاضطهاد شخصياً. رسالة بلجيكا واضحة: واصلوا طريقكم". ويلفت إلى أنّ هؤلاء يفضّلون الالتحاق ببريطانيا.
تجدر الإشارة إلى أنّه ومنذ أشهر، تطالب مجموعة من المنظمات غير الحكومية، وفي مقدّمتها "أطباء العالم" و"أوكسفام" و"أطباء بلا حدود" و"اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، بفتح مركز استقبال وتوجيه بهدف مساعدة المهاجرين الذين يمرّون في بروكسل. لكنّ الحكومة الفدرالية، من خلال وزير الدولة لشؤون اللجوء والهجرة، تيو فرانكن، ترفض هذا الطلب خوفاً من تبعاته. لذا أنشأت هذه المنظمات غير الحكومية "مركزاً إنسانياً" بالقرب من حديقة ماكسيميليان لتقديم المشورة القانونية إلى المهاجرين.