لدى النساء المهاجرات، طالبات اللجوء، ضغوطات نفسية كبيرة. وكثيراً ما يتعرضن لمضايقات وأحياناً لتحرش في مراكز اللجوء، ويفتقرن إلى الخصوصية في يومياتهن. وكانت نساء كثيرات قد لجأن إلى ألمانيا ظناً منهن أنهن سينعمن بالأمن والأمان. مع الوقت، تغيّرت أحلامهن، وقد عشن أياماً صعبة في مراكز اللجوء. هؤلاء اللواتي وصلن إلى ألمانيا بعد رحلة مرعبة، يحملن ذكريات مؤلمة وقلقاً من المستقبل، ولا يرغبن إلا في عيش حياة طبيعية.
تُعاني مراكز اللجوء في ألمانيا من الاكتظاظ. وبسبب أعداد طالبي اللجوء الكبيرة، لم تتمكن ألمانيا من تأمين أماكن مخصصة للنساء للحصول على بعض الخصوصية، وبالتالي الحد من التحرش بهن والاعتداء عليهن. في معظم مراكز اللجوء، يعيش المهاجرون في غرف ضيقة ويصعب توزيعهم أو فصلهم. وأكثر اللواتي يعانين في مراكز اللجوء هنّ المحجبات، إذ لا يستطعن البقاء من دون حجاب ليلاً ونهاراً. أيضاً، تضطر الفتيات والنساء إلى استخدام دورات المياه ومرافق الاستحمام نفسها التي يستخدمها الرجال.
وبحسب التقارير، تشكل النساء نحو 50 في المائة من أي مجموعة من المهاجرين. وتعدّ هذه الفئة الأضعف والأكثر حاجة إلى المساعدة (وخصوصاً إذا كانت الفتاة وحيدة ولم تأتِ مع عائلتها)، بالإضافة إلى الأطفال. وتقول سهام (24 عاماً): "ما يحدث في المركز الذي أقيم فيه منذ ستة أشهر مخيف جداً. كذلك، فإن النظرة إلينا كفتيات من قبل بعض الرجال مرعبة، عدا عن الكلمات النابية التي نسمعها. أحياناً، أخاف أن أغمض عيني ليلاً".
تحاولُ السلطات الألمانية إيجاد حلول لمشاكل التحرش التي تحصل في مراكز اللجوء من خلال تشديد الحراسة، ووضع الأمهات مع أطفالهن وغيرها. إلا أنّ هذه التدابير لم تنجح في منع المشاكل بشكل كامل. ثمّة صعوبة في توفير مساكن خاصة للنساء، وقد يجد طالبو اللجوء صعوبة في قبول فكرة المراكز المختلطة بسبب الاختلاف الثقافي.
اقرأ أيضاً: تقديمات اللجوء "غير كافية" في ألمانيا
تحتاج هؤلاء النساء والفتيات إلى حماية، تتمثل في تجهيز أماكن خاصة بسكن الإناث، ومرافق صحية، ومساكن مستقلة للأمهات مع أطفالهن الصغار. تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الألمانية خصصت برنامجاً استثمارياً بقيمة 200 مليون يورو (نحو 224 مليون دولار) لمعالجة هذه المسألة، ومن المقرر إطلاقه بدءاً من شهر مارس/آذار المقبل.
وخصصت الدولة خطاً هاتفيّاً ساخناً يمكن للنساء الاتصال به على مدار الساعة، بهدف تقديم النصائح للمتضررات من خلال 15 لغة مختلفة. كذلك، تسعى الدولة، من خلال دورات الاندماج، إلى الحديث عن مفهوم المساواة بين الرجل والمرأة، وتعريف المهاجرات بحقوقهن، وتحفيزهن على المطالبة بها، وإطلاعهنّ على مختلف طرق المساعدة الحكومية والمجتمعية، وتوفير استشارات لهن.
في هذا السياق، تقول ميساء إنها تريد "بعض الخصوصية". هذه الفتاة التي جاءت مع والدتها ووالدها من حلب منذ نحو خمسة أشهر، تقيم اليوم في أحد مخيمات اللجوء في مدينة كولن الألمانية. تشير إلى أنها تفتقر إلى الخصوصية. المراحيض موجودة في أماكن مفتوحة، ما يعرضنا لمضايقات. أخشى الذهاب وحدي، وصرنا نمشي كمجموعات لنحمي بعضنا بعضاً".
أما فاطمة، التي تقيم في إحدى الصالات الرياضية التي تحولت إلى مركز استقبال لطالبي اللجوء، فتشير إلى أنه لا يمكنها أن تتصرف على راحتها لأنها محجبة. لا أستطيع النوم. أتمنى الحصول على حق اللجوء وغرفة".
إلى ذلك، تقول وزيرة المرأة الألمانية، مانويلا شفيسيغ، خلال حديثها عن أوضاع النساء والفتيات في مخيمات اللجوء، إن هناك تقارير عن اعتداءات جنسية على النساء، اللواتي يشكلن ثلث طالبي اللجوء. في الوقت نفسه، لا إحصاءات حول العدد الفعلي للاعتداءات الجنسية. تضيف أن الثابت والمؤكد هو أن ما من اهتمام كافٍ بتلبية الاحتياجات الخاصة بالنساء المهاجرات طالبات اللجوء في مراكز إقامتهن حتى الآن، مشيرة إلى أن هؤلاء الناس بحاجة إلى الحماية.
مليون طالب لجوء
تقدّر بيانات رسمية أنه يدخل إلى ألمانيا نحو ثلاثة آلاف مهاجر طالب لجوء، يومياً. وبحسب المؤسّسات المعنية، يمكن أن تستقبل ألمانيا مليون مهاجر إضافي عام 2016، بعد وصول نحو مليون عام 2015. كذلك، فإن عدد المهاجرين الذين استقبلتهم ألمانيا خلال الشهر الماضي كان أكثر من العدد الذي سجلته في الشهر نفسه من العام الماضي.
اقرأ أيضاً: ألمان يخشون على قيمهم من اللاجئين