من ينقذ مرضى ليبيا؟

08 مارس 2016
لطالما شكلت تونس المستشفى لليبيا (Getty)
+ الخط -
صرخة وزير الصحة في حكومة عبد الله الثني الليبية، رضا العوكلي، حول الوضع الصحي في بلده، كانت مدوية، وتعكس حجم آلام هذا الشعب ومآسيه، بينما الليبيون يتبادلون وجهات النظر، وطلقات الرصاص. العوكلي وصف الوضع بالمأساوي، لأن وزارته عاجزة عن شراء المستلزمات الطبية للمرضى والجرحى، وتسلمت منذ أيام طائرة شحن محملة بالمواد الطبية والأدوية من منظمة الصحة العالمية.

لم يكن الوزير مخطئاً في صرخته من أجل مرضى شعبه، خصوصاً حين ذكّر بأن ليبيا تملك مليارات الدولارات المجمدة في الخارج، مؤكداً أن انتظار حكومة الوفاق حجة واهية تصل إلى ما وصفه بالجريمة في حق الشعب الليبي، وقال إن واحد في المائة من أموال ليبيا المجمدة تكفي لعلاجهم لسنوات طويلة. وتلخّص هذه الصورة مأساة ليبيا، وقُصور نخبها، وأنانية سياسيّيها. ومن المفارقات أن المتقاتلين في ليبيا من بين أهلها عاجزون عن مداواة جرحاهم، ويُرسل أغلبهم إلى مشافي تونس ومالطا، ورغم ذلك لا يهدأ صوت الرصاص أبداً، ويستمر الجميع في قتل الجميع، تحت أنظار مجتمع دولي، عربي أيضاً، كأن الفرجة على المأساة أعجبته.

لمن لا يعرف مأساة المرضى الليبيين، فهي قديمة، بدأها معمر القذافي رغم ثراء ليبيا. لم يبن مستشفياتها ولم يكوّن أطباءها، فاضطر أغلبهم، وهم بالآلاف، إلى قطع مئات الكيلومترات نحو تونس، للتداوي، حتى صارت المستشفيات التونسية تضجّ بأنّات المرضى الليبيين، وأوجاع عائلاتهم التي ترافقهم. ولسائل أن يسأل، كيف دُمَّر هذا البلد، وضاعت ثرواته على امتداد عشرات السنين، ولم تسهم في بناء كلية ومشفى ومدرسة؟ الغريب أن المأساة تواصلت حتى بعد إسقاط الديكتاتورية، وإذ بالثوار من الشرق والغرب، يتنازعون سلطة من سراب، أصبحت مرّة أخرى بيد الغازي والغريب. شعب طيّب اثقلته المآسي وأطماع أبنائه، وضاع بين أوهام الباحثين عن السلطة، حتى لم يعد في البلاد خبز ولا دقيق، بل أصبحت بعض المدن الليبية، مدن الغاز والبترول، بلا غاز ولا بترول أحياناً...
ومع ذلك، لا يخفت صوت الرصاص.
المساهمون