27 يونيو 2018
من يقود قطار تونس؟
الأخضر رابحي
أثارت حادثة قطار الضاحية الجنوبية في تونس استياء عند عموم التونسيين، خصوصا الركاب الذين دخل بعضهم في حالة خوف وهستيريا. والواقعة هي انطلاق القطار وسيره مسافة كبيرة من دون سائق بسرعة تجاوزت مائة كم في الساعة. وقد تفطن الركاب، واتصلوا بالشركة الوطنية للسكك الحديديّة التي قامت بدورها بتحويل مساره إلى خط آخر، بعد قطع التيار الكهربائي عنه.
هذه الحادثة مثال حقيقي لما آلت إليه تونس ومؤسسات الدولة من تفكك وغياب تام للصرامة والتعاطي الجدّي في التسيير. ورأى تونسيون، على مواقع التواصل الاجتماعي، في القطار وسائقه صورة ممثلة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد والبلاد التونسية التي تفتقد الرؤية والقرارات الحازمة القادرة على إيصال البلاد إلى شاطئ الأمان، وتحقيق شعارات 14 يناير/ كانون الثاني 2011 التي نادت ب "شغل، حريّة، كرامة وطنية"، خصوصا في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية (تواصل تراجع قيمة الدينار مقارنة بالعملات الأجنبية). إضافة إلى أزمة النقص وغياب الأدوية من القطاعين، العام والخاص. وقد عبّر المجلس الوطني لعمادة الأطباء عن استنكاره واستغرابه من البطء الحكومي في التعامل مع أزمة انقطاع الأدوية، ودعا إلى ضرورة إيجاد حلول جذرية لها. وقد وُجِّهت إلى وزارة الصحة، على إثر هذه الأزمة، اتهامات خطيرة تتعلق بعمليات فساد وسرقة داخل الصيدلية المركزية في تونس، أدت إلى إفراغ البلاد حرفيا من الأدوية، وإرسالها إلى السوق السوداء في ليبيا والجزائر، لتباع مجددا تحديدا الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة، وإجراء العمليات الجراحية.
وعلى الجهة الأخرى من قطار الحكومة، تم تعيين هشام الفراتي وزيرا جديدا للداخلية خلفا للوزير المقال لطفي براهم؛ فرئيس الحكومة يوسف الشاهد يسعى من هذا التعيين إلى الخروج من عنق الزجاجة، في ظل تواصل فشل حكومته الذي أقرت به حتى الأحزاب الحاكمة
والشركاء الاجتماعيون الموقعون على وثيقة قرطاج (الاتحاد العام التونسي للشغل، اتحاد الصناعة والتجارة). وقد دعا رئيس الجمهورية أخيرا الشاهد إلى الاستقالة، أو التوجه إلى البرلمان لمنحه الثقة من جديد من النواب، لتجاوز الأزمة. وقد خطا الشاهد الخطوة الأولى التي حاول فيها امتصاص غضب شق من الائتلاف الحاكم، بتعيين هشام الفراتي وزيرا جديدا لوزارة الداخلية، وصوّت 148 نائبا بمنح الثقة لهذا الوزير مقابل رفض 13 نائبا (نواب المعارضة، خصوصا الجبهة الشعبية) وامتناع ثمانية عن التصويت، وذلك من إجمالي 169 نائبا حضروا جلسة التصويت.
وتحت شعار "مصلحة تونس"، تراجع نواب كتلة حزب نداء تونس عن رفضهم دعم وزير الداخلية الجديد، ما يعكس اضطرابا وضبابية داخل الصف في هذا الحزب، وعجزا حقيقيا عن تسيير واتخاذ قرارات واضحة داخل قيادة الحزب، والتمسّك بها، وهذا الشعار هو نفسه الذي اصطفت تحت رايته كتلة حركة النهضة بعد اجتماعها برئيس الحركة، راشد الغنوشي، وقرارها منح الثقة للوزير الجديد بإجمالي 66 صوتا. وهو الشعار نفسه الذي تم استعماله للتسويق لتحالف حركة النهضة وحزب نداء تونس. وبتفكيك هذا الشعار تجده مفرغا، لا يعني غير مصلحة الحزب الضيقة. إذ تقوم العملية السياسية في تونس، ومنذ 14 يناير/ كانون الثاني، على أولويات التنظيمات والأحزاب، للحفاظ على وجودها، وتبقى المصلحة الوطنية آخر ما يُنظر إليها، بدليل ما آلت إليه البلاد على جميع الأصعدة. ولعل الائتلاف الحاكم نفسه أبرز دليل على ذلك، بعجز "نداء تونس" عن فض "حرب" الزعامة والشقوق التي عصفت به، وحولته إلى إرث تركة حزبية لنجل الرئيس، حافظ قائد السبسي.
الشعارات نفسها، "مصلحة تونس" و"المصلحة الوطنية فوق الجميع" و... ، ذريعة استند إليها يوسف الشاهد في كل أزمة تعصف بحكومته المنبثقة عن وثيقة قرطاج، والتي شهدت إقالات واستقالات عديدة في صفوف وزرائها، وهذا دليل آخر على فشل هذه الحكومة، وعدم قدرتها على إيجاد بدائل حقيقية وثورية تخرج البلاد من عنق الزجاجة، وتضعها على سكة القطار الصحيحة.
وأمام سياسات الهروب إلى الأمام التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة منذ 2011 يبقى مستقبل تونس السياسي والاقتصادي والاجتماعي ضبابيا. كما أنّ المرحلة الحالية والمقبلة تتطلّبان إرادة سياسية قويّة، وحلولا جذرية للمشكلات الرئيسية والمهمة التي تعاني منها البلاد، وفي مقدمتها الوضع المعيشي والاقتصادي في البلاد، ومجابهة الإرهاب. عدا ذلك، تبقى بقية الحلول التي تنتهجها الحكومة الحالية، ومن ورائها الائتلاف الحاكم، ترقيعيّة، ولا ترقى إلى تطلّعات الشعب الذي حلم بالتغيير والأفضل.
هذه الحادثة مثال حقيقي لما آلت إليه تونس ومؤسسات الدولة من تفكك وغياب تام للصرامة والتعاطي الجدّي في التسيير. ورأى تونسيون، على مواقع التواصل الاجتماعي، في القطار وسائقه صورة ممثلة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد والبلاد التونسية التي تفتقد الرؤية والقرارات الحازمة القادرة على إيصال البلاد إلى شاطئ الأمان، وتحقيق شعارات 14 يناير/ كانون الثاني 2011 التي نادت ب "شغل، حريّة، كرامة وطنية"، خصوصا في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية (تواصل تراجع قيمة الدينار مقارنة بالعملات الأجنبية). إضافة إلى أزمة النقص وغياب الأدوية من القطاعين، العام والخاص. وقد عبّر المجلس الوطني لعمادة الأطباء عن استنكاره واستغرابه من البطء الحكومي في التعامل مع أزمة انقطاع الأدوية، ودعا إلى ضرورة إيجاد حلول جذرية لها. وقد وُجِّهت إلى وزارة الصحة، على إثر هذه الأزمة، اتهامات خطيرة تتعلق بعمليات فساد وسرقة داخل الصيدلية المركزية في تونس، أدت إلى إفراغ البلاد حرفيا من الأدوية، وإرسالها إلى السوق السوداء في ليبيا والجزائر، لتباع مجددا تحديدا الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة، وإجراء العمليات الجراحية.
وعلى الجهة الأخرى من قطار الحكومة، تم تعيين هشام الفراتي وزيرا جديدا للداخلية خلفا للوزير المقال لطفي براهم؛ فرئيس الحكومة يوسف الشاهد يسعى من هذا التعيين إلى الخروج من عنق الزجاجة، في ظل تواصل فشل حكومته الذي أقرت به حتى الأحزاب الحاكمة
وتحت شعار "مصلحة تونس"، تراجع نواب كتلة حزب نداء تونس عن رفضهم دعم وزير الداخلية الجديد، ما يعكس اضطرابا وضبابية داخل الصف في هذا الحزب، وعجزا حقيقيا عن تسيير واتخاذ قرارات واضحة داخل قيادة الحزب، والتمسّك بها، وهذا الشعار هو نفسه الذي اصطفت تحت رايته كتلة حركة النهضة بعد اجتماعها برئيس الحركة، راشد الغنوشي، وقرارها منح الثقة للوزير الجديد بإجمالي 66 صوتا. وهو الشعار نفسه الذي تم استعماله للتسويق لتحالف حركة النهضة وحزب نداء تونس. وبتفكيك هذا الشعار تجده مفرغا، لا يعني غير مصلحة الحزب الضيقة. إذ تقوم العملية السياسية في تونس، ومنذ 14 يناير/ كانون الثاني، على أولويات التنظيمات والأحزاب، للحفاظ على وجودها، وتبقى المصلحة الوطنية آخر ما يُنظر إليها، بدليل ما آلت إليه البلاد على جميع الأصعدة. ولعل الائتلاف الحاكم نفسه أبرز دليل على ذلك، بعجز "نداء تونس" عن فض "حرب" الزعامة والشقوق التي عصفت به، وحولته إلى إرث تركة حزبية لنجل الرئيس، حافظ قائد السبسي.
الشعارات نفسها، "مصلحة تونس" و"المصلحة الوطنية فوق الجميع" و... ، ذريعة استند إليها يوسف الشاهد في كل أزمة تعصف بحكومته المنبثقة عن وثيقة قرطاج، والتي شهدت إقالات واستقالات عديدة في صفوف وزرائها، وهذا دليل آخر على فشل هذه الحكومة، وعدم قدرتها على إيجاد بدائل حقيقية وثورية تخرج البلاد من عنق الزجاجة، وتضعها على سكة القطار الصحيحة.
وأمام سياسات الهروب إلى الأمام التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة منذ 2011 يبقى مستقبل تونس السياسي والاقتصادي والاجتماعي ضبابيا. كما أنّ المرحلة الحالية والمقبلة تتطلّبان إرادة سياسية قويّة، وحلولا جذرية للمشكلات الرئيسية والمهمة التي تعاني منها البلاد، وفي مقدمتها الوضع المعيشي والاقتصادي في البلاد، ومجابهة الإرهاب. عدا ذلك، تبقى بقية الحلول التي تنتهجها الحكومة الحالية، ومن ورائها الائتلاف الحاكم، ترقيعيّة، ولا ترقى إلى تطلّعات الشعب الذي حلم بالتغيير والأفضل.