من يصغي لأغاني من في هذه الأزمنة؟

16 ديسمبر 2019
(الشاعرة)
+ الخط -

لا يتكلمون

لا يتكلّمون
عن الدم والاحتجاج
مبلولين بماء المطر
ومسفوعين بحرارة الشمس

يحملون جثثهم
على أكتافهم
والظلال تتبعهم في خط مستقيم
لا أحد يتوقف عند الميناء الأخير
لأي أحد

الجدران ممتلئة
بشعارات أحلامهم التي لم تتحقّق وجوعهم
الهمُّ الذي يصعق الأفواه لا يتكلم

من سيتكلّم
عن الوجوه الشاحبة الصامتة
ما الذي تريد الأصوات المكتومة
قوله

من سيقول
ماذا تريد العيون الصامتة
التعبير عنه

مَنْ يصغي لأغاني مَنْ
في هذه الأزمنة
حين يهبّ في الهواء
نواحٌ حزين
حين يتغيّر حديث النهر الحبيب
من غير أن يكون مسموعاً

أحلامٌ بلا عدد تظل مكان الرأس في سرير النوم
تهبط إلى تقاطع الشارع عبر النافذة
ترقص تحت ضوء عمود الإنارة
والقمر العاشق،
مرتسماً على ظلمة بلا حدود،
يغادر ببطء
وهو يشاهدها

في يوم مشؤوم
اعتديَ عليهم
جوع وأرقٌ
معركة ومنفى
والمرّة تلو المرّة
لا يتكلّمون
عن الدم والاحتجاج
مبلولين بماء المطر
مسفوعين بحرارة الشمس.


■ ■ ■


خفية

مع هبوط الظلام
تشرع الأصابع بالحديث
تتلاشى الظلال في مكان ما
ومن القلب
تنسرب نغمة الناي
خفيةً
تهبّ من الصفاء


العشبُ ينتظر تائقاً
قطرات الندى
وخفية
تُخربَشُ في العتمة
حروفُ كلماتٍ كثيرة لم تُكتب.


■ ■ ■


كيف هو حالي

يا شعبي المحبوب
إلى متى يمكنني القول
كيف هو حالي
من دون اللجوء إلى أكذوبة
أنني بخير

أي حالة خير هذه
وأنا ما زلتُ أنتظر
ويداي ممدوتان
رذاذ مطر
لمّا يصل بعد

كيف يمكن أن يكون حالي،
وأنا أتذكر القلب يملأه شبق أيام
مغمورة بشذا الربيع
أو أنفاس الخريف،
في زمن تتحوّل التنهدات فيه إلى شهقات


في عتمة ليل كئيب
لالتقاط حلم جديد

في زمن ملاحقة
نجمٍ مذنَّب
كيف يمكن أن يكون حالنا


أيمكننا عرض
جميع أنباء الحسرة
صغيرها وكبيرها
على الشاشة
تاركين عروضنا المسرحية
غابة حسرة خرساء
غادرها الربيع
للذين استبعدناهم

أعزائي
أيمكنني إرسال
الرسالة الصادقة من قلبي
من دون أن أكذب؟


■ ■ ■


القميص الوردي

القميص الوردي
آه! القميص الوردي

قميصي الوردي
العصا السحرية في حكاية جنيات
تجعل المرءَ
يبتسم
ينتحب
ويعزّي

وأنا أنشد زاوية مهملة لأنتحب
يمدّ قميصي الوردي
ذراعيه ليحتضنني

معي
يتبادل القميص الوردي الشعور باللمس
يلتصق بي
يتصفح الصفحات
على المكتب
يمنح صحبته لرحلة بلا هدف

القميص الوردي بالنسبة لي
صباحٌ ذهبي
يضيئه شعاع شمس ساطع
في يوم ممطر
بالنسبة لي
هو أريج زهرة برّية
يهبُّ
إشراق
يتمايل فيه
ملايين الأشخاص

القميص الوردي
يوقظ تلّة أفكاري
بدفعة قوية
فترفرفُ
مثل رايات قصائدي

القميص الوردي
يصعد بي
من أمواج طوفان الحسرة الخيالية
يضع في كلتا يديّ
نقود السعادة المدخرة


■ ■ ■


محادثة

- لماذا لا تتحول إلى رشَاش ماءٍ دافق
- هل أنت نثار غيمة
- أنت نثار غيمتي المحبوبة التي يمكن أن تبلّلني
- إنني أنتظر بلهفةٍ أن يبللني رحيقُ المطر
- متى ستجعلني مخضلّةً
- متى ستعانقني السماء الغائمة
- متى ستقترب أكثر
- متى ستدعوني ذات يوم
- أنا إلى أي مكان أدعوك
أنت تستدعيني إلى عمق الأعماق
- تعال إليّ
تعال إليّ في صفاء هذا المساء
نضع يداً بيد، تتلاقى عيوننا
دعني أتحول إلى أغنية
امسك بي رجاءً
- لا تجعلني أحلم
دع وجهي يتندّى برحيق حبك
- جسدك أنت ليس الجسد الوحيد الذي يملك شكلاً فنياً
كما لو أن الدمية الخزفية لنحاتٍ دبت فيها الحياة
- تكون شاعراً
وأنا قصيدة لك
لم تُقرأ في يوم من الأيام أبداً
- أنت ناي سعادتي
أنت ناي حسرتي
التي تتحول إلى نغم
- سأدخل قلبك عازفة على أجنحة النغم
أنت قلب أغنيتي
- لا تدع هذه الأغنية تتوقف في أي يوم أبداً
تلك هي النغمة التي تحتضن الروح
- لا تدع هذه تبقى مجرد قصة
دعها تتحول إلى قصيدة تطوّق القلب
- لتكن.. ابق بجانبي
- أنت عاشقٌ ممسوس
نهرُ فكرك جامحٌ
والنساء موضوعك المفضل
من يعرف إلى أي ملتقى نهرين تتدفق
- أنت ساحر المساء
ضوء القمر اللامع
ينير كلتا يديك
- ضوء القمر في قبضة يدي
يتشبث بستائر نوافذك
وبأطرافك ثوبك
- أنت طائرٌ يتشمس تحت شمس الظهيرة
- ضع دفء أصابعك الناعمة
فوق شقوق الأجنحة
- سأبحث عن حلم في حلم
أحب المذاق
أستمتع به
- لا تدع هذه المحادثة تنتهي أبداً
- أنت السماء
أين ستحطم سمائي
أين ستقطع أنفاسي


■ ■ ■


وحيدة أظل في أيام الحرب


وحيدة أظل في أيام الحرب
اعتدتُ التسكع ليلاً بطوله
في حلبة الموت

في المدينة المحترقة
في كل لحظة قتال
أشهقُ
مختنقة بالآلام الجهنمية
ومع كلّ نفس يصعد الألم
تنفتح الأبوابُ على الجحيم
بالتتابع
واحداً فواحداً

خسارة الإيمان
تقتلني في كلّ يوم
تسحبني بعيداً عن ذاتي

هو الوقت الذي لا يستطيع الإنسان فيه
تمييز الظلام من النور
كما لو أنني ألقي بي في ظلام لا حدود له
على الفراش يتلوى شكلٌ بلا ظل
وتضمحل أشعة شمسُ الظهيرة الصفراء/ الحمراء
رويداً رويداً.


بطاقة من آسام
Kabita Karmakar شاعرة وكاتبة هندية من ولاية آسام في شمال شرقي الهند، وهي تقيم حالياً في مدينة جواهاتي. نشرت ثلاث مجموعات شعرية باللغة الآسامية، وترجمت قصائدها إلى عدد من لغات الهند مثل البنغالية والمالايالامية والغوجاراتية والتيلوغوية بالإضافة إلى اللغة الإنكليزية، ولها أيضاً مساهمات في مجال القصة القصيرة، وكتبت الكثير من المقالات الصحافية. نالت كارماكار جوائز محلية منها "بانشي غوغوي التذكارية". ترجمة عن الإنكليزية: محمد الأسعد

 

المساهمون