انتصرت ميلر التي "شعرت بالوجع"، على حد تعبيرها، بعدما صوت 52 في المائة من البريطانيين في استفتاء يونيو/حزيران الماضي لصالح خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، ومنذ ذلك اليوم قررت خوض معركة قضائية لمنع الحكومة من الذهاب إلى مفاوضات الخروج من الاتحاد دون الرجوع إلى البرلمان، لأن "الأعراف الدستورية في بريطانيا تنص على أن تفعيل المادة 50 من صلاحيات البرلمان، وغير ذلك هو انتهاك للقانون"، كما تقول ميلر.
سيدة الأعمال العنيدة، الحاصلة على شهادات جامعية في التسويق والموارد البشرية، قررت خوض المعركة القضائية رغم الإهانات التي تعرضت لها من الإعلام اليميني، ومن أنصار "بريكست"، وكانت تُصرّ، طيلة الأشهر الماضية، على أن "الانتصار في هذه المعركة الدستورية يستحق مهما بلغت الإهانات من مستوى وضيع".
جينا ميلر، التي عاشت فترات صعبة في حياتها، منذ وصولها للدراسة في لندن، قادمة من مسقط رأسها في غيانا، البلد الصغير شمال شرق أميركا الجنوبية، اختبرت "قسوة الطلاق" في سن مبكرة، وربما هذا ما دفعها إلى رفض "طلاق بريطانيا من الاتحاد الأوروبي"، وخوض المعركة بصفة شخصية، وإن كلّف ذلك ثمناً عالياً وصل إلى حد تهديدها بالقتل.
وتعترف سيدة الأعمال، التي تتحمل مسؤولية إدارة شركة استثمارات في وسط لندن المالي، وتعيش حياة الرغد والرفاهية في أرقى أحياء غرب لندن، أن شعورها بالظلم ينبع من حياتها الخاصة، وما عانته في طفولتها المبكرة من معاملة قاسية، عندما اضطرت إلى العمل كنادلة وعارضة أزياء، بينما كانت طالبة، بعد أن مرّ والدها في ظروف مالية صعبة لم تساعده على دفع رسوم تعليمها بمدرسة خاصة في لندن، التي وصلتها قبل أن تكمل عامها العاشر.
بعد قرار المحكمة العليا في بريطانيا، أمس، باتت السيدة، ذات الطلعة القوية والراقية، تُلقب في الإعلام اليميني بـ"سيدة هدم بريكست"، وانقسم الرأي البريطاني حولها، تماماً كما انقسم حول "بريكست".
في نظر بعضهم، ميلر، هي سيدة أعمال ناجحة، وناشطة في الأعمال الخيرية، تحدت الحكومة أمام أعلى المحاكم، لتمنع رئيسة الوزراء من الانفراد بقرار "بريكست"، دون الحصول على تفويض من ممثلي الشعب.
وفي نظر غلاة "بريكست" ودعاة الطلاق التام مع الاتحاد الأوروبي، ميلر "مشاكسة" غير "آدمية" و"تستحق القتل".
خصوم ميلر، التي كانت تبدو أقوى كلما ظهرت في ردهات المحاكم، منذ رفعت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، القضية ضد الحكومة، لا يعلمون أن "بريكست" ليس أول معاركها، التي انطلقت في العام 2014 مع زوجها، عبر مؤسسة "حقيقة وعادلة" الخيرية لأجل تحقيق المزيد من الشفافية في قطاع الاستثمارات المالية.
ومنذ ذلك اليوم، دخلت السيدة، التي تُؤمن بـ"الرأسمالية الواعية" القائمة على مبادئ الاهتمام بـ"الربح والناس والكوكب"، في مواجهة قاسية مع عتاة الجشع الرأسمالي، وصارت الأوساط المالية اللندنية الساخطة على جينا وزوجها، آلن ميلر، تلقبها بـ"أرملة العنكبوت الأسود".