من قصص الأميركية ليديا ديفيس

07 يوليو 2015
لوحة للفنان الأميركي المعاصر ريتشارد فوكس (Getty)
+ الخط -

الشروع في معرفة جسدك

إذا تحرّكت مقلتاك، فهذا يعني أنك تفكّر، أو على وشك أن تبدأ التفكير.
إذا لم تكن تريد أن تفكر في هذه اللحظة بعينها، حاول أن تبقي عينيك ساكنتين. 

تعاونٌ مع ذبابة
أنا وضعت تلك الكلمة على الصفحة،
لكنّها أضافتْ الفاصلة العليا.

عاصفة استوائية
مثل عاصفة استوائية،
أنا، أيضاً، يمكنني ذات يوم أن أصير "منظّمة بصورة أفضل".

ما هي الكلمة؟
يقول،
"حين التقَيتك لأوّل مرة، لم أحسب أن تكوني غريبة... إلى هذا الحدّ".


نكد الربيع
أنا سعيدة لأن الأوراق تكبر بسرعة أكثر من المعتاد.
قريباً ستحجب ابنة الجيران البشعة التي في الممرّ،
بنت سمينة على درّاجة هوائية.

النزهة
سوْرة غضب قرب الطريق، رفض للكلام في الممرّ، صمت في غابة الصنوبر، صمت عبر جسر السكة الحديدية العتيقَة، محاولة لتكون ودوداً في الماء، رفض لإِنهاء الجدل على الحجارة المسطحة، صرخة غضب فوق الضفة المنحدرة للوحل، وبكاء بين الأدغال.

سلوك غريب
أنت ترى كيف أن الظروف هي من يلام. أنا لست شخصاً غريباً حقاً إن وضعت في عيني أكثر فأكثر نتفاً من المناديل الورقية الممزّقة وإن ربطت وشاحاً حول رأسي: كنت أحظى حيث عشت وحدي بكلّ الصمت الذي أحتاجه.

خوف
كلّ صباح تقريباً، تخرج امرأة في جماعتنا راكضة من بيتها ووجهها شاحب ومعطفها يصطفق بقوّة تصرخ، "إسعافٌ، إسعاف"، ويركض أحدنا إليها ويمسكها إلى أن تهدأ مخاوفها. نعلم أنها تتصنع ذلك؛ فلا شيء قد أصابها. لكنّنا نفهم، ولأنه أقلّ منّا من لم يُدفع في وقت من الأوقات ليفعل ما فعلته تماماً، وكلَ مرّة، كان الأمر يستهلك قوّتنا، وحتّى قوّة أصدقائنا وأسرنا أيضاً، لتهدئتنا.

أشياء مفقودة
هي مفقودة وغير مفقودة، وإنما في مكانٍ ما من العالم. أكثرها صغير، رغم أن اثنين منها أكبر، المعطف واحد والكلب واحد. من الأشياء الصغيرة، خاتم محدّد أحدها، وزر محدّد. إنها ضائعة مني ومن مكاني، لكنها أيضاً ليستْ ضائعة. إنها في مكان آخر، وهي هناك لشخص آخر، ربّما. لكنها إن لم تَكن هناك لشخص آخر، فإن الخاتم، لا يزال غير مفقود بالنسبة لذاته، وإنّما هناك، فقَط حيث لا أَكون، والزر، أيضاً، ما يزال، هناك، فقط حيث لا أكون.

اقرأ أيضاً: أتكلّم وَحْدِي

استثنائيون
نحن نعلم أننا استثنائيون جداً. ومع ذلك نظلّ نحاول أن نعرِف في أي جانب: ليس في هذا الجانب، ليس في ذاك الجانب، إذن في أي جانبٍ؟


صغيرة ومسكينة
أحبّ العمل قرب الطفل، هنا في مكتبي بجانب المصباح. ينام الطفل.
كنت سأقول، كما لو أنني صغيرة ومسكينة.
لكنّني مازلت صغيرة ومسكينة.

ثلاثون
امرأة، 30، لا تريد أن تغادر منزل طفولتها.
لِم علي أن أغادر المنزل؟ هذان والداي. إنهما يحباني. لم عليّ أن أتزوّج رجلاً يجادل ويصرخ في وجهي؟
ما تزال، المرأة تحبّ أن تتعرّى أمام النافذة. تتمنّى أن ينظر رجل على الأقلّ إلى قلبها.

النبض الغريب
نظرت إلى الشارع من نافذتي. الشمس أظهرت أصحاب المتاجر الذين كانوا قد خرجوا للوقوف في الدفء ولرؤية الناس يمرّون بهم. ولكن لماذا كان أصحاب المتاجر يخفون آذانهم؟ ولماذا كان الناس في الشارع يركضون كما لو أن شبحاً مخيفاً يطاردهم؟
بعد قليل، عاد كل شيء طبيعياً، لم يكن الحادث سوى لحظة جنون لم يحتمل الناس خلالها إحباط حياتهم، فأفسحوا السبيل أمام نبض غريب.


العاملون
بما أننا نعيش هنا في الريف، فإن الناس الوحيدين الذين نراهم هم العاملون الذين يأتون ليقوموا بأعمال لأجلنا. إنهم مستقلّون ومعتمدون على أنفسهم، ويبدأون العمل في أوّل النهار ويعملون بجد من دون توقف. في الأسبوع الماضي كان بيل بري، لتركيب الجلاية. الأسبوع القادم سيكون نكر بوك، لينتزِع واجهة الشرفة. اليوم توم تات. يفترض أن يأتي توم تات ليفصل لنا بعض الأسلاك. أين هو؟ في الصباح الباكر نقف معاً في المطبخ. أين توم تات؟ نخرج. هنا في أشعّة الشمس المبكرة يوجد توم تات. لقد أنهى عمله للتّو، وهو يثبت النهايات المقطوعة للسلك بمثبتات سوداء صغيرة.

الفئران
الفئران تعيش في جدراننا لكنّها لا تزعج مطبخنا. نحن سعداء لكنّنا لا نستطيع أن نفهم لماذا لا يدخلون إلى مطبخنا حيث لدينا أفخاخ منصوبة، كما يدخلون إلى مطابخ جيراننا. على الرغم من أننا سعداء، إلا أننا مستاؤون أيضاً، لأن الفئران تتصرّف وكأن هناك مشكلة في مطبخنا. ما يجعل الأمر محيراً أكثر هو أن بيتنا أقلّ ترتيباً بكثير من بيوت جيراننا. هناك المزيد من الطعام في أرجاء مطبخنا، والمزيد من الفتات على الطاولات والقطع الصغيرة القَذرة من البصل المركولة عند قاعدة الخزائن. في الحقيقة، أن هناك الكثير من المواد الغذائية المتاحة في المطبخ أستطيع فقط أن أعتقد أن الفئران ذاتها مهزومة تجاهها. إنه لتحدٍّ لها، في مطبخ مرتّب، أن تجد طعاماً كافياً ليلة بعد ليلة لتظلّ على قيد الحياة إلى الربيع. إنها تصطاد وتقضم بصبر ساعة بعد ساعة حتى تشبع. في مطبخنا، في المقابل، فإنها في مواجهة شيءٍ لا يتناسب مع خبرتها بحيث لا تستطيع التعامل معه. قد تجازف بالخروج عدة خطوات، لكن سرعان ما تردّها المناظر والروائح المهيمنة إلى جحورها، متعبة ومحرجة من عدم قدرتها على الاقتيات كما ينبغي. 

(ترجمة نبيل المجلي)
المساهمون