رفعت تونس من مستويات تأهبها في مجابهة مخاطر الإرهاب إلى أقصاها منذ الأحد الماضي، مكثفة من عمليات التعقب والتمشيط واليقظة في وقت قرر رئيس الحكومة الجديد هشام المشيشي تعيين رئيس جديد للجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب.
وأعلنت اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، في بيان أمس الخميس، عن تعيين آمر الحرس الوطني الأسبق منير الكسيكسي على رأس اللجنة خلفاً لرشاد المؤدب الذي أقاله رئيس الحكومة السابق إلياس الفخفاخ قبل مغادرته الحكومة.
وشغل الكسيكسي أيضاً منصب مستشار لدى رئيس الحكومة المستقيل الفخفاخ مكلفاً بالأمن، منذ مارس /آذار الماضي.
وتقوم اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب بمهام استراتيجية وتنسيقية عدة، إذ تصدر المبادئ التوجيهية الكفيلة بالتوقي من الإرهاب ومكافحته والمساعدة على وضع البرامج والسياسات التي تهدف إلى منع الإرهاب.
وتعد اللجنة الدراسات اللازمة حول ظاهرة الإرهاب وتمويله والظواهر الإجرامية المرتبطة بها وتقييم مخاطرها وسبل مكافحتها وتحدد الأولويات الوطنية في التصدي للظاهرة.
وتختص اللجنة في اتخاذ قرارات بتجميد أموال الأشخاص والتنظيمات التي تبين للجنة ارتباطها بالجرائم الإرهابية وهي مطالبة بتحديد أسماء الأشخاص والتنظيمات الموجودة بتونس والمشتبه في ارتباطها بالجرائم الإرهابية وتعميمها على السلط الإدارية والمؤسسات المالية.
كما تتخذ قرارات بتجميد أموال الأشخاص والتنظيمات المدرجة في اللوائح الأممية المعدّة من طرف لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن، إضافة إلى دورها في متابعة وتقييم تنفيذ قرارات الهياكل الأممية المختصة ذات الصلة بمكافحة الإرهاب في إطار حرص تونس على الوفاء بالتزاماتها الدولية ودعم المجهود الدولي في مكافحة الإرهاب.
وبالإضافة إلى دورها الاستشاري تقوم اللجنة بالتنسيق بين مختلف الوزارات في المجالات ذات الصلة بالوقاية من الإرهاب كتنسيق ومتابعة الجهود الوطنية في مجال تطبيق إجراءات حماية الأشخاص المعنيين بالحماية، كما تسهر على التنسيق مع المصالح المعنية لتوفير المساعدة الطبية والاجتماعية والقانونية لفائدة ضحايا الإرهاب لضمان التعافي الجسدي والنفساني وتيسير إعادة إدماجهم في المجتمع.
وبين المحلل عبد المنعم المؤدب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الحرب على الإرهاب تحتاج مجهوداً يتجاوز الحلول القتالية الأمنية والعسكرية المباشرة، إلى تخطيط استراتيجي وتنسيق استخباراتي وعمل اتصالي وتحرك مجتمعي.
وأوضح المؤدب أنه من بين الأدوار الرئيسية للجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب وضع استراتيجية وتنسيق تنفيذها ومتابعة نجاعتها خصوصاً في أكبر تحدياتها المتعلقة بتحفيز الوعي المجتمعي لمحاربة الإرهاب من خلال التوعية والتحسيس ليس بمخاطره بل بضرورة التعاون للقضاء عليه ودحره.
وبين أن "التونسيين حاربوا الإرهاب منذ انطلاق شراراته وواجهوه في ملحمة بنقردان وفي عديد المعارك التي وقف فيها المواطن إلى جانب الوحدات الأمنية والعسكرية غير أن الخطر ما زال متواصلاً لاعتبار أن جيوباً للإرهاب ما زالت تجد في الأحياء الشعبية وفي عدد من القرى حاضنة فكرية واجتماعية، مما يعكس ضعف خطاب الدولة وحضورها، وتراجع تأثيرها في عدد من الأوساط التي تعيش الفقر والتهميش والظلم الاجتماعي".
وشهدت الأيام الماضية ارتفاعاً ملفتاً في نسق العمل الميداني في علاقة بالتوقي من الإرهاب، وأعلنت وزارة الداخلية في بيان الخميس، نجاح مصلحة التوقي من الإرهاب للحرس الوطني بمحافظة قفصة (جنوب غرب البلاد)، من الكشف عن مخطط يهدف إلى تركيز إمارة إرهابية بمنطقة بئر السعد من معتمدية القطار.
وأشارت الداخلية إلى أنه "تم إلقاء القبض على 3 متشددين بعد أن تعمدوا التأثير على إمام في أحد المساجد بالجهة، قصد استقطاب الفئات الشبابية".
وأذنت النيابة العمومية، بإحالتهم على فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بالقصر والاحتفاظ بهم جميعاً ومباشرة قضية عدلية في الغرض موضوعها "الاشتباه في الانتماء إلى تنظيم إرهابي".
إلى ذلك، ألقت الوحدات الأمنية القبض على 5 أشخاص من بينهم امرأة تعمدوا تنزيل تدوينات بحسابهم الخاص عبر شبكة التواصل الاجتماعي، مجدوا من خلالها العملية الإرهابية التي جدت الأحد بمدينة أكودة من محافظة سوسة (وسط شرق البلاد)، وعمد الموقوفون إلى التشفي في ضحايا وجرحى المؤسسة الأمنية.
وقال المتحدث الرسمي باسم وحدات الحرس الوطني، حسام الدين الجبابلي، إنه في "إطار تصدي وحدات الحرس الوطني بمختلف محافظات الجمهورية للعناصر الإرهابية وللممجدين لهم والحاملين للفكر الإرهابي، باشرت خلال يومي 8 و 9 من سبتمبر/أيلول الحالي فرق الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بكل من النفيضة (محافظة سوسة)، محافظة بنزرت، جبنيانة (محافظة صفاقس) ومحافظة تطاوين ومصلحة التوقي من الإرهاب ببنزرت قضايا عدلية مواضيعها "تمجيد عملية إرهابية" و"الاشتباه في الانتماء إلى تنظيم" متبعة ضد 5 أشخاص (من بينهم إمرأة) تعمدوا تنزيل تدوينات بحسابهم الخاص عبر شبكة التواصل الاجتماعي يمجدون من خلالها العملية الإرهابية التي جدت، أخيراً، بمعتمدية أكودة ويتشفون بشهدائها الأمنيين، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية في شأنهم حسب تعليمات النيابة العمومية".