منظمة العفو الدولية: الدولة اللبنانية تشنّ هجوماً على شعبها

12 اغسطس 2020
انتقادات شديدة للتضييق الأمني (حسين بيضون)
+ الخط -

بينما شهد محيط مجلس النواب اللبناني، مساء الثلاثاء، مواجهات جديدة بين المعتصمين والقوى الأمنية، أصدرت منظمة العفو الدولية بياناً انتقدت من خلاله التضييق الأمني معتبرة أن "الدولة اللبنانية تشن هجوماً على شعبها". ويأتي ذلك في سياق التحركات الاحتجاجية التي بدأت السبت الماضي للمطالبة بتحقيق دولي في انفجار بيروت وإسقاط المنظومة السياسية كلها، ولا سيما بعد استقالة رئيس الحكومة حسان دياب الاثنين.

ولجأت القوى الأمنية إلى استخدام الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع بمحيط مجلس النواب، مقابل استخدام المعتصمين الحجارة والمفرقعات النارية، ما أدى الى سقوط أكثر من أربعين جريحاً من الجانبين. وعملت فرق الصليب الأحمر اللبناني على نقل المصابين إلى مستشفيات المنطقة وإسعاف بعضهم ميدانيا.

وطلبت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي من المتظاهرين السلميين، حفاظاً على سلامتهم، الخروج فوراً من الأماكن التي تحصل فيها الاعتداءات، وقالت إنها لن تقبل بالتعرّض لعناصرها.

في المقابل، أشار بيان منظمة العفو الدولية إلى أنه "بدلاً من الوفاء بمسؤولياتها الأساسية تجاه آلاف الأشخاص الذين تركوا بلا مأوى وتأثروا بالانفجار، يبدو أن الدولة اللبنانية تشن هجوماً على شعبها". وورد فيه كذلك "أطلقت القوات الأمنية النار على المحتجين خلال التظاهرات الأخيرة، ما يشير إلى أن السلطات تعتزم معاقبتهم وثني آخرين عن الاحتجاج".

وأضاف بيان المنظمة "خلص تحقيق أجريناه إلى أن الجيش اللبناني وقوات الأمن ورجالاً مجهولين بملابس مدنية أطلقوا النار على حشودٍ غير مسلحة، خلال الاحتجاجات في بيروت التي أعقبت تفجير المرفأ، ما أدى إلى وقوع العديد من الإصابات الخطرة بين صفوف المحتجين".

ورأت منظمة العفو الدولية أنه "يجب إجراء تحقيق شامل مع جميع المسؤولين عن هذا السلوك العنيف والمروع ومحاسبتهم على أعمالهم الجرميّة. ويجب أن تحترم السلطات حق الأغلبية في ممارسة حقها في التجمع السلمي، حتى لو مورست أعمال عنف بسيطة من قبل أقلية".

في السياق، أشار وزير الصحة السابق محمد جواد خليفة، في تغريدة على حسابه عبر "تويتر"، إلى أن الرصاص المطاطي ممكن أن يقتل أو يسبب عطلاً دائماً، وإذا لزم الأمر يستعمل على الأرجل فقط، مضيفاً، "أحد المستشفيات أجرى 7 عمليات جراحية في العيون وسجلت حالة طحال بالبطن مفجور".

من جهته، وجه نقيب الأطباء في بيروت شرف أبو شرف رسالة إلى وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي، حذر فيها من "خطورة استعمال الرصاص المطاطي على العين"، ومن "مغبة توجيه مثل هذه القذائف إلى الرأس أو القسم الاعلى من الجسم، خشية إصابة العين أو اي مواقع حيوية أخرى".

وناشد أبو شرف الوزير فهمي "باسم نقابة الأطباء والجمعية اللبنانية لأطباء العين، الإيعاز اإى الأجهزة المولجة قمع التظاهرات توخي الحذر إذا كان لا بد من استعمال الرصاص المطاطي، لا بل تجنب استعماله كلياً، وبضرورة إصدار التعليمات بعدم التصويب على الوجه أو حتى الرأس ككل، وعلى الأرجل فقط، ومن مسافة بعيدة في حال استعماله عند الضرورة القصوى. والأفضل بالطبع الاستغناء كلياً عن هذه الوسيلة في ردع المتظاهرين".

وسبقت هذه المواجهات مشاركة مئات اللبنانيين، يوم الثلاثاء، في مسيرةٍ صامتةٍ جابت الأحياء المُدَمَّرة في بيروت، بمناسبة ذكرى مرور أسبوعٍ على انفجار المرفأ، وصلت إلى تمثال المغترب، حيث أضيئت الشموع بعدد الضحايا وأسمائهم وعبارة "بيروت ما بتموت".

ورفع الآذان ودقت أجراس الكنائس في تمام الساعة السادسة وسبع دقائق، توقيت الانفجار الأول الذي دوّى في مرفأ بيروت، في ظل وقوف المشاركين في المسيرة دقيقة صمتٍ عن أرواح الضحايا، قبل أن توضع لقطات فيديو مصوَّرة على شاشةٍ كبيرة في الساحة عرضت لحظة حصول الانفجار، وذلك على وقع أغنية "يا بيروت" للفنانة ماجدة الرومي التي تؤكد أن العاصمة ستقوم من تحت الردم، وأن الثورة تولد من رحم الأحزان. يشار إلى أن هذه العبارة حذفت من الحفل الموسيقي "كرمالك يا وطن" الذي نظمته جمعية "لبناني وأفتخر" في الذكرى الـ75 لتأسيس الجيش اللبناني، وأثار هذا التصرف اعتراضاً شعبياً وضع في إطار محاولة قمع الانتفاضة.

وأكد المشاركون أنّهم "لم ولن ينسوا دماء هؤلاء حتى تعليق المشانق التي تطاول كل المسؤولين السياسيين والأمنيين الذين شاركوا من دون استثناء بهذه الجريمة"، ودعوا إلى استقالة رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري بعد استقالة حكومة حسان دياب.

المساهمون