تنقسم الصورة في اتجاهين. في 21 آذار/ مارس، يحتفل العالم بعيدي الأم والطفل. هنا وفي أرجاء الوطن العربي، غابت الاحتفالات نوعاً ما. أمهات عربيات يعشن أوضاعاً اقتصادية واجتماعية صعبة، خاصة في الدول التي تشهد نزاعات مسلحة، وحروب دامية، شرّدت وهجّرت وذبحت أمهات وأطفال كثر.
لن نقول إن الصورة ضبابية، لكنها بالتأكيد لن تكون وردية. في قراءة دقيقة لمعاناة الأمهات والأطفال، يتبيّن أن الأم العربية نسيت ملامح العيد منذ سنوات. من فلسطين، حيث تعيش الأمهات مرارة فقدان الأبناء، أسرى ومسجونين، والكثير من الشهداء، تفتقد الأم الفلسطينية المعاني الحقيقية للاحتفال. في سورية، تنقسم الرؤية، أمهات لاجئات أخريات تحت رحمة براميل المتفجرات. بحسب إحصائية لمنظمة اليونيسيف في العام 2015، فإن 114 ألف أم سورية وضعن مواليدهن خلال السنوات الأربع الأخيرة في بلدان اللجوء.
ناهيك عن عدد المواليد داخل الأراضي السورية. هذه الأمهات تعيش ظروفاً قاهرة، من نواحٍ عديدة، أبرزها عدم استطاعتهن تأمين مسلتزمات أبنائهن المادية، في ظل ظروف اقتصادية ومعيشية خانقة.
في العراق، وبعد نزوح مئات من العائلات إلى الخارج، وتهجير الآلاف، وذبح العديد من الشباب، تغيب أيضاً ملامح الاحتفال بعيد الأم والطفل. أيضاً وأيضاً، وبحسب دراسة لليونيسيف، فإن أكثر من 14 مليون طفل يعانون في المنطقة جراء النزاع المتصاعد الذي يجتاح سورية وجزءاً كبيراً من العراق. وبحسب الأرقام، فإن 2 مليون طفل يعيشون في مناطق معزولة إلى حدٍ كبير عن المساعدات الإنسانية إثر القتال الدائر في سورية، بالإضافة إلى تغيّب نحو 2.6 مليون طفل سوري عن المدرسة. كما يعيش 2 مليون طفل سوري تقريباً كلاجئين في لبنان وتركيا والأردن وبلدان أخرى، إلى جانب 3.6 ملايين طفل من المجتمعات الهشة المُضيفة للاجئين ممّن يعانون في الأصل بسبب الضغط الهائل الذي تواجهه بعض الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة. الأزمة العراقية، شرّدت بدورها أكثر من 2.8 مليون طفل من منازلهم، وتركت العديد منهم محاصرين في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة. أما اليمن الجريح، فأبى أن يبقى خارج القافلة.
هذه الأرقام ليست فقط للعرض، أو السرد، إنها حقائق. في دولنا العربية، تغيب دوماً ملامح الفرح، تارة بسبب الظروف الاقتصادية والمعيشية، فكم من سنوات مرت، ولم تحتفل الأمهات بعيدهن، ولم يستطع أبناءٌ كثر من تهنئة أمهاتهم كباقي أطفال العالم بسبب الفقر. وتارة أخرى، بسبب الظروف السياسية والحروب التي تجعل الأم العربية منسية حتى في يومها العالمي.
إقرأ أيضا: الأردنيون يحلمون بالسكن ولكن!